سكان “الكنابي” في السودان .. انتهاكات ممنهجة وتهجير قسري (1 – 2)

تحقيق - عبدالرحمن العاجب

تعرضوا للتهميش والتطهير العرقي والإبادة الجماعية..

سكان “الكنابي” في السودان.. إنتهاكات ممنهجة وتهجير قسري 

لعقود من الزمان ظل نقص المياه النظيفة والصحة والتعليم والكهرباء وجميع الخدمات الأساسية سمة ملازمة لحياتهم، إنهم سكان “الكنابي” الذين يشكون تهميشاً تاريخياً، باتوا اليوم يُواجهون تهجيراً ممنهجاً وعمليات قتل تطال العشرات من الأبرياء بعد استعادة الجيش السوداني مدينة ودمدني حاضرة ولاية الجزيرة في يناير الماضي، تتواصل هذه الانتهاكات ضد هذه المجموعة السكانية المنحدرة من غرب البلاد، مع تقدم الجيش والمليشيات المتحالفة معه في مناطق ولاية الجزيرة، وبعد سيطرة الجيش والمليشيات المتحالفة معه على ولاية الجزيرة، أصبح يواجه سكان “الكنابي” كارثة إنسانية نتيجة الاستهداف العرقي والتهجير، إذ وثّق ناشطون جرائم قتل وذبح وحرق لمواطنين ومساكنهم، وإعتقال وتعذيب، إضافة إلى التهجير ونهب الممتلكات. هذا المشهد رسمه عدد من سكان “الكنابي” الذين تحدثوا لصحيفة “فجر برس”، علاوة على توثيق للإنتهاكات، وحصرت مركزية مؤتمر الكنابي عدد “2195” كمبو، بخلاف الامتداد الغربي في أبوقوتة وتمبول بشرق الجزيرة، ووصفت ما جرى لسكان الكنابي بأنه “تطهير عرقي وتهجير قسري” وأكدت حرق عدد “160” كمبو في ولاية الجزيرة، وتهجير سكانها بالكامل، وقدرت الأضرار المادية لسكان “الكنابي” بترليونات الجنهيات، ونهب أكثر من (5000) ألف رأس من الماشية.

حصرت مركزية مؤتمر الكنابي عدد “2195” كمبو، بخلاف الامتداد الغربي في أبوقوتة وتمبول بشرق الجزيرة، ووصفت ما جرى لسكان الكنابي بأنه “تطهير عرقي وتهجير قسري” وأكدت حرق عدد “160” كمبو في ولاية الجزيرة، وتهجير سكانها بالكامل، وقدرت الأضرار المادية لسكان “الكنابي” بترليونات الجنهيات، ونهب أكثر من (5000) ألف رأس من الماشية.

الجذور التاريخية والإجتماعية للكنابي:

تأتي هذه الإنتهاكات في أعقاب عقود طويلة من التهميش والاستهداف لهذه المجموعة العرقية الفقيرة، رغم غياب أي إحصاءات رسمية لعددهم بسبب سياسة التهميش، تتراوح التقديرات غير الرسمية بين مليوني مواطن وبين من يرى أنهم يُمثلون نصف سكان ولاية الجزيرة بأسرها، ويعود إسم الكنابي إلى جمع “كنبو” أو “كمبو”، وهي مساكن غير لائقة يقطنها العمال الزراعيون، ظهرت مع تأسيس مشروع الجزيرة في العام 1925 وأنشئت الكنابي على مساحات ضيقة، تفتقر لخدمات “المدارس، الكهرباء، المراكز الصحية، ومياه الشرب النظيفة”. وتوجد الكنابي على أطراف قرى المزارعين، وحول تجمعات مصارف المياه، وعلى أطراف قنوات الري مثل ” التُرع والكنارات ” ولا تعترف الدولة بها بشكل رسمي أو قانوني، وهنالك سياسات وقوانين تمييز عنصري تمارس على مواطني الكنابي، وإنتشرت الكنابي بجميع المشاريع الزراعية المروية بوسط وشرق السودان؛ كإمتداد المناقل 1958 ومشروع حلفا الجديدة 1963 ومشروع السوكي الزراعي 1970 ومشروع الرهد الزراعي 1975 ومشاريع مصانع السكر بولايات الجزيرة والنيل الأبيض وكسلا.

ويلعب العمال الزراعيون الدور الرئيسي الأكبر في عمليات الإنتاج، كما نجد أن مباني “الكنابي” من القش والطين اللبن، وتطور بعضها قليلاً مع مرور الزمن إلي مباني ثابتة من الطوب، ونالت بعضها جزءاً من الخدمات بالجهد الذاتي. ويمكن القول أن سكان الكنابي هم بالأصل عمال زراعيون قادمون من غرب السودان، وبخاصة دارفور وكردفان وامتداد السودان القديم غرباَ في الدول المجاورة التي كان سكانها يقومون بهجرات مستمرة الي السودان عبر القرون وأصبحوا مكوِّناً رئيسياً من الشعوب السودانية عبر التاريخ. ومن مجموعاتهم القبلية “البرقو، التاما، الهوسا، الأرنقا، المراريت، الفور، الزغاوة، المساليت، الداجو، المسيرية، اولاد راشد، الرزيقات، النوبة، ومجموعات أصبحت الآن من دولة جنوب السودان، ومجموعات قبلية أخرى بنسب صغيرة”. ولا يوجد تعداد سكاني دقيق لعدد المواطنين بالكنابي، لكنهم يقدروا بنصف عدد سكان ولاية الجزيرة.

قام أول مدير سوداني لمشروع الجزيرة تم تعيينه من قبل الانجليز في العام 1945 وهو الأستاذ عباس مكي بإتخاذ أخطر قرارين، ووضعت تلك القرارات الأساس المؤسسي والقانوني، لنزع حق المواطنة والانتماء من سكان “الكنابي” وعمل على ضمان بقائهم “عمالة احتياطية ” عند الطلب، ومن هنا بدأ توريث المظالم للأجيال اللاحقة من مجتمعات الكنابي.

سياسات وقوانين التمييز العنصري:

بعد إفتتاح خزان سنار في العام 1925 بدأ التوسع الكبير في مشروع الجزيرة، إلا أن أزمة الكساد التي ضربت العالم في العام 1929 أثرت على أسعار القطن، وترك الكثير من المزارعون الزراعة، ومنذ العام 1931 وحتي 1944 خلال هذه السنوات، بدأ التحول في وضعية بعض العمال الزراعيون حيث تم تمليكهم حواشات وأصبحوا مزارعين مع تمدد المشروع، وبلغ عددهم ثلاثة ألف مزارع يمثلون ما يقارب 15% من مزارعي المشروع حينها. ولكن للأسف تم قطع التطور الذي يعزز من حقوق المواطنة والتملك والتوظف، بواسطة أول مدير سوداني عينته السلطة الانجليزية في العام 1945 وهو الأستاذ عباس مكي؛ وقد قام هذا المدير السوداني بإتخاذ أخطر قرارين إداريين عنصريين هما؛ قامت عليهما سياسات وقوانين الاقصاء والحرمان اللاحقة.

وكان القرار الأول هو أن مجموعة الثلاثة آلاف الذين تحولوا إلى مزارعين، تنزع ملكيتهم للحواشة والأرض الزراعية في حالة وفاة أحدهم ولا تورث لأبنائه، ويعاد توزيع تلك الملكيات المنزوعة لآخرين لا ينتمون لهذه المجتمعات. والقرار الثاني هو؛ ألا يوظف الأفراد من مجتمعات العمال بالكنابي بوظيفة بها راتب في مؤسسات الدولة والمشروع. وبهذين القرارين وضع عباس مكي، الأساس المؤسسي والقانوني، لنزع حق المواطنة والانتماء من مجتمعات العمال الزراعيين، وعمل على ضمان بقائهم “عمالة احتياطية ” عند الطلب. وهذا الأمر هو بداية توريث المظالم للأجيال اللاحقة من مجتمع الكنابي. وقد ظهر التلاعب بحقوق المواطنة في قانون تعريف من هو السوداني، الصادر في العام 1948 وقوانين الجنسية السودانية، اللاحقة التي عملت على تقنين التمييز العنصري ضد مجتمعات الكنابي.

مدير منظمة مناصرة ضحايا دارفور أدم موسى أوباما: الاستهداف المنهجي لسكان “الكنابي” بناءً على هويتهم العرقية، ولا سيما من خلال القتل الجماعي، والتهجير القسري، والتعذيب، يتوافق مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية.

الحرمان من الحقوق الأساسية:

تاريخياً واجهت مجتمعات الكنابي مفاهيم وسياسات وقوانين حرمتهم من حق المواطنة المتساوية، وظلت الدوائر الرسمية تنتج خطاب ينفي حق كثير من مواطني الكنابي في الانتماء لبلدهم السودان، وعززوا ذلك بإجراءات إستخراج الجنسية والاوراق الثبوتية، وحرموا الكثيرين من الحصول عليها، وفي السياق وصف الدكتور جعفر محمدين الأمين العام لمؤتمر الكنابي قانون الجنسية بأنه من أكثر القوانين العنصرية في العالم وظل سيفاً مسلطاً علي رقاب الكثير من المجموعات السودانية ومنها مواطني الكنابي؛ حيث ترك الكثير من الطلاب مواصلة دراستهم بسبب معاكستهم في إستخراج الاوراق الثبوتية علي الرغم من امتلاكهم لشهادات الميلاد ولجنسية الوالد خصوصاً في بداية التسعينات. كما نفذت السلطات سياسات الحرمان من تقديم خدمات التعليم والصحة والتنمية من الكنابي على الرغم من شراكة عمال الكنابي في العمليات الإنتاجية. على سبيل المثال، حُرموا من الخدمات الاجتماعية التي كانت تقدم من مال الخدمات الاجتماعية بمشروع الجزيرة وكانت تًصرف في تعليم محو الامية وبناء المدارس والمراكز الصحية وغيرها. كما لا تتوافر لمواطني الكنابي آليات تمكنهم من الحصول على التمويل من البنوك الزراعية على الرغم من دورهم الرئيسي في عملية الانتاج الزراعي.

قضايا السكن والخدمات والإنتاج :

وتفيد متابعات “فجر برس” بأن كثير من “الكنابي” لا توجد بها مدارس، ويعاني الطلاب من هذه المعضلة حيث يذهبون الي مدارس القرى التي بجوارهم. وأيضا لا توجد مراكز صحية بالكنابي، كما لا توجد مصادر لمياه الشرب النقية حيث يشرب الكثير منهم من الترع والحفائر الملوثة وبعضهم من المضخات اليدوية. كما لا توجد كهرباء بالكنابي، وتفيد المتابعات أن العمال الزراعيون لا يملكون الأرض الزراعية، وهي أهم وسيلة إنتاج في النشاط الزراعي، ويعملون وفق علاقات عمل محددة مع المزارعين الذين يملكون الأرض ملكية منفعة.

وبالنسبة لعلاقات العمل، بحسب ما أفاد جعفر محمدين، فأنها تتمثل في الأتي : “نظام الشراكة أو المُزارعة؛ وفيه يقوم العامل الزراعي بكل العمليات الفلاحية من زراعة، وتنظيف حشائش، وحصاد المحصول، ومن ثم يقوم بقسمة المحصود بالتساوي مع المزارع مالك الحواشة. فإذا أنتجت الحواشة 20 جوال ذرة مثلا، فلكل من العامل الزراعي والمزارع 10 جوالات، مع تقاسم تكلفة تحضير الأرض والضرائب” إضافة إلى “نظام الإيجار أو الدقونتي. هنا يقوم العامل الزراعي، بتأجير الأرض الزراعية لمدة موسم زراعي واحد من المزارع، وله الانتفاع بكامل المحصول، مع التزامه بدفع الضريبة” إضافة إلى “نظام الأُجرة: وفيه يعمل العمال الزراعيون كأجراء يومية أو شهرية أو قُوال في مَزارع المحاصيل الغذائية، الخضروات، والمحاصيل النقدية كالقطن والقمح، وفي مزارع قصب السكر”. ويؤكد جعفر محمدين أن علاقات العمل هذه تعتبر غير عادلة حيث يبذل فيها عمال الكنابي جهود كبيرة ولا يحصلون قيمة توازي جهدهم.

نظرة تاريخية لإنتهاكات الكنابي:

وتعرضت العديد من الكنابي طوال تاريخها الممتد لكثير من إنتهاكات حقوق الانسان تفاوتت بين القتل وحرق الكنابي والتهجير ونهب الممتلكات. ومن الأمثلة على ذلك حرق طلبة قرآن في “كمبو بابنوسة” بالقرب من قرية الشريف مختار بشرق الجزيرة في العام 1995. وفي كمبو وادي شعير، قُتل عدد من المواطنين وحرق الكمبو وتهجيرهم الى مناطق أخري بمحلية الحصاحيصا بالعام 1999. وفي كمبو محمد زين في العام 2014, مُنع الكمبو من توصيل الخدمات وقتل مواطن ومنع طلاب الكمبو من مواصلة الدراسة بقرية محمد زين بمحلية جنوب الجزيرة. في العام 2018 تم الاعتداء على كمبو افطس بمحلية الحصاحيصا وحرق العديد من مساكن الكمبو، والتنكيل بالمواطنين. في العام 2020 أُحرق عدد من منازل كمبو المعيلق بمحلية الكاملين. وهذه الانتهاكات يراها سكان الكنابي مرتبطة بما يحدث اليوم، إذ أن هناك مساراً طويلاً من الانتهاكات يربط الماضي بالحاضر.

تعرضت العديد من “الكنابي” طوال تاريخها الممتد لكثير من إنتهاكات حقوق الانسان تفاوتت بين القتل وحرق الكنابي والتهجير ونهب الممتلكات، وبعد سيطرة الجيش والمليشيات المتحالفة معه على ولاية الجزيرة تعرض سكان “الكنابي” للاستهداف العرقي والتهجير القسري، كما تعرضوا للقتل والذبح والتصفيات الجسدية وحرق المواطنين والمساكن والاعتقال والتعذيب والتهجير ونهب الممتلكات.

إنتهاكات الجيش ومليشياته بالجزيرة:

وتفيد المتابعات أن قوات الجيش السوداني وجهاز الأمن والمستنفرين وقوات درع السودان بقيادة ابوعاقلة كيكل والقوات المشتركة والمجموعات القبلية المسلحة التي تتبع للمقاومة الشعبية مثل المجلس الحربي لقبيلة الكواهلة بقيادة الناظر الناجي بابكر وكتائب البراء بن مالك الاسلامية الارهابية؛ إرتكب مجازر وجرائم كبيرة طالت المواطنين المدنيين بمدينة ودمدني والمحليات الأخري بولاية الجزيرة. وهذا التحقيق يركز على الفترة الزمنية من تاريخ 20 أكتوبر 2024 وحتي لحظة دخول الجيش وحلفاءه لودمدني بتاريخ 11 يناير 2025 وماتلاها. وشملت الإنتهاكات ضد المواطنين المدنيين؛ التصفيات الجسدية، حرق الأطفال والنساء، الإعدامات، ذبح المواطنين، التهجير، ونهب المواشي والممتلكات. وتوزعت الإنتهاكات في عدد من المناطق والمحليات.

إنتهاكات محلية أم القرى:

وشهدت محلية أم القرى والكنابي الموجودة بها إنتهاكات عديدة، وفي كمبو “التضامن” وبتاريخ 7 – ديسمبر – 2024 قامت قوات درع السودان باعتقال “93” مواطن من كمبو التضامن بأم القرى شرق الجزيرة، وتمت تصفية (23) مواطن بريئ ورميهم في المزراع وهم: “جمعة ادم – قمر هارون – هاني محمد – ود شاويش – ابراهيم ادم – محمد ادم – يس قمر – خميس خاطر – عبدو باوزي – عبدالمجيد حسن – بكري جدو – يحي حسين – احمد دنان – شيخ بحر – محمود عبدالرحمن – ايوب عبدالرحمن – يس بابكر – محمد مهاجر – صبري – النيل صالح – حنتوش وأثنين من أبناء عبدالوهاب” وفي كمبو “طيبة” وبتاريخ 9 – يناير – 2025 قامت قوات درع السودان بإرتكاب مجزرة ضد مواطني كمبو خمسة “كمبو طيبة” بمحلية أم القري شرق الجزيرة، حيث تم حرق طفلين داخل منزلهما وهم “أحمد عيسي – حامد محمد” واغتيال ثمانية مواطنين هم “عبدالعزيز عبدالكريم – خاطر إبراهيم – أحمد إسحاق كيتا – صالح حماد – شيخ الخلوة – علي محمد” واختطاف “13” امرأة برفقة إبراهيم أبكر، وفي كمبو “16” تم حرق كمبو “16” بمحلية ام القرى ، وفي كمبو “مبروكة” تم حرق الكمبو بمحلية ام القري، وفي كمبو “دارالسلام” وبتاريخ 12 – يناير – 2025 تم حرق جزء من كمبو دار السلام بمحلية ام القرى بالقرب من القرية “31”.

بتاريخ 10 – يناير- 2025 تم تهجير سكان “كمبو قمبو” بمنطقة مهلة واحتجاز جميع مواطني الكمبو بمنطقة المدينة عرب، مع اعتقالات وتعذيب للشباب الكمبو. وتم نهب جزء من ممتلكات مواطني كمبو قمبو وترحيل المنهوبات بالعربات والدفارات الي المناقل، وفي نفس اليوم تم تهجير سكان “كمبو عشرة” ريفي الحوش والاعتداء علي قرية النسيم، وتم نهب الماشية والمحاصيل من قبل الجيش ومستنفري الشريف مختار.

ودمدني: جرائم موثقة بالكاميرا

وفي محلية ود مدني الكبرى، وبمدينة ود مدني أرتكب الجيش السوداني وحلفاؤه مجازر وجرائم حرب وثقوها بكاميراتهم، من رمي لشاب من أعلى كوبري حنتوب، وتصفيات جسدية، وذبح للمدنين، واعتقال وخطف للمواطنين. وقد غاب التواصل مع مصادر بداخل مدينة ود مدني لتكون هنالك معلومات مفصلة، ولكن مجمل الذي حدث بودمدني أكثر مما رُصد، وتم إستهداف اللاجئون من دولة جنوب السودان بشكل كبير بعدد من المناطق والأحياء منها “كمبو الجير” بالقرب من جامعة الجزيرة مجمع النشيشيبة وأحياء “الأندلس والدباغة والاسماعيلي والثورة موبي وحلة محجوب ” فيما تم إستهداف المواطنون الذين تعود أصول إنتمائهم لغرب السودان بنفس الأحياء المذكورة آنفا، لأنهم يسكنون مع مواطني دولة جنوب السودان في نفس الأحياء، إضافة إلى بعض الكنابي بطريق ودمدني الخرطوم ومنها “كمبو حليمة وكمبو شتات”، فضلاً عن المواطنون الآخرون بالمدينة والذين تم إستهدافهم بتهم غير مثبتة وبلا إي إجراء قانوني؛ والتهمة هي انهم متعاونون مع قوات الدعم السريع، وبالنسبة للكثيرين أن الأوضاع داخل ود مني تحتاج للمزيد من العمل على كشف حجم الجرائم التي تم إرتكابها ضد المدنيين العزل.

إنتهاكات محلية جنوب الجزيرة:

وبعد إستيلائهم على مدينة ود مدني وبجانب الانتهاكات الموثقة ضد المدنيين العزل؛ التي إرتكبها الجيش السوداني وحلفاؤه من القوى المسلحة من كتائب البراء بن مالك الاسلامية المتطرفة وقوات العمل الخاص وقوات درع السودان والمجموعات القبلية المسلحة بالمناقل والحوش وكتائب المستنفرين. ارتكبت هذه القوات جرائم وانتهاكات منظمة تمت على أسس متعددة، ومنها على أسس قبلية وعنصرية، للبرقو والتاما ومجمل المنتمين لغرب السودان، إضافة لمواطني دولة جنوب السودان، وشملت الجرائم التصفيات الجسدية، القتل، حرق المواطنين والمساكن والممتلكات، ذبح المواطنين، التهجير، والاعتقالات والتعذيب، ونهب الممتلكات، وبدأ هذا الاستهداف الاثني العنصري بعد سيطرة الجيش على “الدندر، وسنجة، ومصنع السكر بسنار” وبعدها امتد الى جنوب الجزيرة بوحدتي الحوش والحاج عبدالله الإداريتين.

وإمتدت إنتهاكات محلية جنوب الجزيرة لتشمل كمبو “الشكابة الجاك” وبتاريخ 9 – يناير – 2025 تم حرق كمبو الشكابة الجاك بمحلية جنوب الجزيرة والإعتداء على المواطنين وتهجيرهم، وبتاريخ 10 – يناير- 2025 تم تهجير سكان “كمبو قمبو” بمنطقة مهلة واحتجاز جميع مواطني الكمبو بمنطقة المدينة عرب، مع اعتقالات وتعذيب لشباب الكمبو. وتم نهب جزء من ممتلكات مواطني كمبو قمبو وترحيل المنهوبات بعربات الدفارات الى المناقل، وبتاريخ 10 – يناير – 2025 تم تهجير سكان “كمبو عشرة” ريفي الحوش والاعتداء على قرية النسيم، وتم نهب الماشية والمحاصيل من قبل الجيش ومستنفري الشريف مختار.

وأفاد الدكتورجعفر محمدين الأمين العام لمؤتمر الكنابي بأن الإنتهاكات تعدت القتل والتشريد إلى نهب المواشي والممتلكات، وفي قرية “بُلين” التي تقع غرب مدينة الحاح عبدالله، والتي تقطنها قبيلة البرقو وتبعد عنها 2 كليو متر، تم نهب عدد “45 ” رأس من الأبقار، وفي قرية “ود ماهل” التي تقع غرب الحاج عبدالله؛ وتسكنها قبيلة البرقو وقليل من الكواهلة، تم نهب عدد “100 ” رأس من الأبقار، وفي قرية “حلة داؤد” التي تقع شمال غرب الحاج عبدالله وتبعد أربعة كيلو متر من المدينة، تسكنها أغلبية من البرقو، وقليل من المراريت، لقد تمت سرقة عدد ” 80 ” رأس من الأبقار، وفي قرية “نمرة خمسة” التي تقع شمال غرب الحاج عبدالله، وتبعد حوالي ستة كيلو من مدينة الحاج عبدالله، وهي بالقرب من كوبري سبعة وخمسين، الذي ترتكز فيه قوة من الجيش والمستنفرين. تم نهب عدد ” 60 ” رأس من الماعز والابقار، وفي قرية “حلة بشر” والتي تقع غرب الخزان، على بعد سبعة كيلو من الحاج عبدالله، وكيلو واحد فقط من كوبري سبعة وخمسين، الذي يتواجد فيه ارتكاز الجيش، وتسكنها قبائل البرقو والبرنو والهوسا، تم نهب عدد ” 45″ رأس من الابقار.

ولم يتوقف نهب المواشي عند هذا الحد، بحسب ما أفاد جعفر محمدين، بل إمتد ليشمل قرية “نسيم” والتي تقع شرق مدينة الحوش وعلى بعد اثنين كيلو منها، معظم سكانها من البرقو والتنجر والمساليت، تم نهب عدد “60” رأس من الأبقار، وفي كمبو “عشرة” الذي يقع شرق مدينة الحوش وعلى بعد نصف كيلو من الحوش، تم نهب عدد كبير من الأبقار ولم نستطيع التأكد من الرقم، وفي كمبو “طويلة” الذي يقع شرق مدينة الحوش، يسكنه التاما، تمت سرقة جميع المواشي بالكمبو، وفي كمبو “محي الدين” الذي تسكنه أغلبية من التاما، تم نهب جميع المواشي بالكمبو، وفي كمبو “العقيدة” الذي يقع غرب مدينة الحوش، علي أربعة كيلو، تسكنه قبيلة التاما، تم نهب مواشي الكمبو، وفي كمبو “الروف” الذي يقع شمال غرب مدينة الحوش؛ يسكنه التاما، تم نهب عدد من مواشي الكمبو، وفي كمبو “ابو قمري” الذي يقع غرب مدينة الحوش على بعد خمسة كيلو تم نهب عدد من المواشي.

وفي كمبو “العقيدة” الذي يقع جنوب غرب مدينة الحوش، يسكنه التاما، تم نهب المواشي والممتلكات، وفي قرية “نعم الله” التي تبعد عشرة كيلو من الحوش وغالبيتها من البرقو ، تم ضربهم وسرقة أبقارهم واعتقال الشباب والإساءة اليهم. ومن انتهاكات هذه القرية الفيديو الذي إنتشر بمواقع التواصل الاجتماعي للمرأة التي تدعى “مريم” التي تعرضت للإساءة والضرب والتهديد والاعتقال على أيدي جنود من الجيش، وفي محلية جنوب الجزيرة؛ صاحبت عملية نهب المواشي والممتلكات، إعتقالات كبيرة طالت الشباب والنساء وإساءات وتحقير عنصري والآن تمتلئ سجون مدينة المناقل بالابرياء من مواطني ومواطنات الكنابي.

وفي محلية الحصاحيصا تعرض كمبو “العجب” بمنطقة أبوقوتة بتاريخ 1 – يناير – 2025 للهجوم، ويذكر أن الهجوم الغادر قادته مليشيات المستنفرين من الجيش وخلاله تم قتل مواطنين هما ” آسيا إسحق عمر – أبكر إسحق مطر” وجرح المواطن “عبد الكريم يحي” وفي كمبو “لفة” وبتاريخ 1- يناير – 2025 تم الهجوم علي مواطني كمبو “لفة” بمنطقة أبو قوتة من قبل مستنفري الجيش، حيث تم تهجيرهم قسرا إلى قرية “الرقل” ونهب ممتلكاتهم بما في ذلك عدد من الماشية والأبقار.

مدير منظمة مناصرة ضحايا دارفور أدم موسى أوباما: الاستهداف المنهجي لسكان “الكنابي” بناءً على هويتهم العرقية، ولا سيما من خلال القتل الجماعي، والتهجير القسري، والتعذيب، يتوافق مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية.

رواية شاهد على المجازر:

وفي 21 – يناير – 2025، وأمام حشد من المواطنين وقادة الجيش السوداني الذين تجمعوا في موقع الجريمة، روى شاهد عيان تفاصيل الأعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش السوداني، والمستنفِرين، وقوات درع السودان. وقال الشاهد: “تم قتل ست وعشرون شخصًا على يد مسلحين في هذا الكمبو. دفناهم في قبور جماعية على مدى يومين، مع وجود ثلاثة إلى ست جثث في كل قبر. كانت المهمة صعبة بالنسبة لي، حيث فر معظم الرجال والشباب من المنطقة. كان عليّ دفن إحدى الجثث بمساعدة زوجة المتوفى فقط. كان المسلحون يقتلون أي شاب أو رجل يصادفونه، ولهذا فر الناس. كانت المدرعات تطلق النار على المدنيين في الكمبو. في إحدى المرات، صوب أحد المسلحين سلاحه نحوي وهدد بقتلي. توسلت إليه ألا يفعل، وشرحت له أن هناك جثة علي دفنها. وعندما كشفت له الجثة، سألني من قتله، فقلت له: الجيش. فتركني وابتعد”.

وأضاف الشاهد : “نحن ممتنون للعميد وقواته الذين وصلوا منذ ستة أيام، حيث لم نتمكن من التحرك قبل ذلك. ومع ذلك، نشعر بإهانة عميقة ولا نصدق أن أي شخص في العالم يمكن أن يفعل ما فعله هؤلاء. جئتم إلينا، ونريد أن نوضح أننا لا علاقة لنا بقوات الدعم السريع، رغم الشائعات. لقد تكبدنا خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، والتي نلخصها فيما يلي:” “قتل 26 شخصًا وأحرقوا في الكمبو، وحرق 54 منزلاً، ونهب 74 كارو (عربات تجرها الحيوانات) وحمار، واعتقال 18 شخصًا، ونهب 2400 رأس من الماشية، بما في ذلك الأغنام والماعز والحمير، وقال شاهد العيان: تم نهب أموالنا وتخزينها في المناطق المحيطة بنا” وتسلط هذه الشهادة الضوء على حجم الدمار الذي يواجهه أهل الكمبو، وعلى الفظائع المستمرة التي يرتكبها الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه ضد المدنيين الأبرياء.

وأفاد شهود عيان تحدثوا لصحيفة “فجر برس” وفضلوا حجب أسمائهم للظروف الأمنية التي تحيط بهم، أفادوا بأن عمليات القتل والإعدام، وحرق المنازل والمزارع، والاختفاء القسري لسكان “الكنابي” في ولاية الجزيرة بوسط السودان تمت على أساس عرقي بواسطة ميليشيات قبلية تابعة للقوات المسلحة السودانية، وتشمل هذه الميليشيات، التي تشكلت على أسس عنصرية، مجموعات مثل: “قوات درع البطانة ولواء الزبير بن العوام” وتفيد متابعات “فجر برس” بنزوح آلاف الأسر نحو “الفاو، القضارف، سنار، كوستي ومدن أخرى” ويعيشون هناك تحت ظروف قاسية وسط انعدام الأمن وتدهور الأوضاع المعيشية، دون مأوى كافي أو مساعدات إنسانية تلبي احتياجاتهم الأساسية، ويذكر أن معظم سكان “الكنابي” يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل رئيسي، لكن بعد تهجيرهم وفقدان أراضيهم، أصبحوا بلا مصدر دخل، مما أدى إلى تفشي الجوع والفقر وسطهم.

إنتهاكات الجيش في سنار:

وفي ولاية سنار والمناطق الجنوبية من ولاية الجزيرة، ارتكب الجيش السوداني، وهيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات العامة، والميليشيات الإسلامية، والميليشيات القبلية، فظائع بدوافع عنصرية وعرقية، شملت الانتهاكات القتل، والإعدامات الميدانية، وحرق المنازل والمزارع، ونهب الممتلكات والمواشي، وذبح المواطنين، وإغراق المزارع وتدميرها، بالإضافة إلى التهجير القسري، والتعذيب، وحرق الأطفال. وفي بعض المناطق، تم إغراق مواطنين في النيل، بينما تعرض آخرون للاعتقالات التعسفية والاحتجاز وقد ارتُكبت هذه الفظائع في معظم المناطق التالية: “محلية الكاملين: المعيلق، السريحة، المسيد، والصناعات، وفي محلية الحصاحيصا: مدينة الحصاحيصا، أبو عشر، ود حبوبه، المسلمية، أبو قوتة، طابت الربع، والمحيريبا، وفي محلية جنوب الجزيرة: الحوش، المدينة عرب، ود رعية، الحاج عبدالله، وبركات، وفي محلية المناقل: المناقل، الكريمت، الهدى، والجاموسي، وفي محلية القرشي: معتوق، العزازي ، والماطوري”.

وفي الجزء الثاني من التحقيق، تطالعون المرافعات القانونية لاطراف القضية حول الإنتهاكات التي تعرض لها سكان” الكنابي”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.