موقع فرانس 24: أدلة تشير إلى استخدام الجيش السوداني لغاز الكلور في أكثر من هجوم

متابعات - عين الحقيقة

كشفت تحقيقات فريق “المراقبون” التابع لفرانس “24 “ميديا موند: أدلة جديدة، بشأن استخدام أسلحة كيميائية في هجومين نفذه الجيش السوداني خلال المعارك الدائرة حول مصفاة الجيلي شمال العاصمة السودانية الخرطوم ومناطق أخرى في السودان.

تُعد مصفاة الجيلي، من أكبر المنشآت النفطية في السودان، كانت قد توقفت عن العمل منذ يوليو 2023 بعد أن سيطرت عليها قوات الدعم السريع عقب اندلاع الحرب في أبريل من العام نفسه، قبل أن يستعيدها الجيش السوداني في 25 يناير 2025، إثر معارك عنيفة استمرت أشهراً.

وفي 13 سبتمبر 2024، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بقصف مصفاة الجيلي بقنابل جوية تحتوي على غازات سامة، مشيرة إلى إنها تسببت في إصابات واختناقات شديدة بين عشرات العمال والجنود.

وجاء ذلك بعد أيام من نشر حسابات موالية لقوات لدعم السريع‐ مقاطع فيديو تُظهر براميل معدنية صفراء وخضراء قُرب المصفاة، يشار إلي أنها استُخدمت في هجمات كيميائية.

وفي إحدى المقاطع، التي نُشرت في 5 سبتمبر 2024، أظهرت برميلاً يحمل ملصقًا كتب عليه عامل مؤكسد 5.1”، بينما أظهرت مقاطع لاحقة سحابة صفراء منخفضة تنتشر في محيط قاعدة عسكرية شرقي المصفاة.

إلي ذلك، تمكن فريق “المراقبون” التي تتبع لفرانس 24، من تحديد موقع البرميل الأول داخل قاعدة غاري العسكرية، على بُعد خمسة كيلومترات شرق مصفاة الجيلي، وكانت حينها تحت سيطرة قوات الدعم السريع، فيما صُور البرميل الثاني داخل المصفاة نفسها.

وبحسب التحليل الجغرافي للمشاهد والفيديوهات أظهر تطابقًا في المعالم بين ما يظهر في المقاطع وصور الأقمار الصناعية للمنطقتين، من بينها مبانٍ مميزة ومسجد وخط كهرباء، إلي صور إضافية حصل عليها الفريق، تُظهر رجالاً يرتدون زي الدعم السريع في الموقع نفسه، أكدت أن القاعدة كانت بالفعل تحت سيطرة المليشيا أثناء الحادثة.

وأشارت بيانات التصوير إلى أن اللقطات التُقطت في الساعة 8:07 صباحًا يوم 5 سبتمبر 2024.

وبدورهم، حلل خبراء أسلحة كيميائية المقاطع وأكدوا أن البرميل الظاهر فيها مصمم لحمل غاز الكلور، وليس غازات مسيلة للدموع كما زعمت المصادر الموالية للجيش السوداني.

وهذا ما يؤكده، خبير الدفاع الكيميائي دان كازيتا، خبير، بقوله إن هذه الأسطوانات تُستخدم عالميًا في معالجة مياه الشرب، لكنها تصبح سلاحًا إذا أُطلقت عمدًا.

وتتبع، فريق مراقبون فرانس 24 الرقم التسلسلي للبرميل- GC-1983-1715”‐ فوجدوا أنه يخص شركة هندية تُدعى Chemtrade International Corporation، التي أكدت أن الأسطوانة كانت ضمن شحنة من 17 أسطوانة كلور أُرسلت من مومباي إلى بورتسودان في يوليو 2024، على أن تُستخدم حصريًا لمعالجة مياه الشرب.

هذا، وقد أوضح من ثلاثة خبراء مستقلين بأن اللون الأصفر الكثيف الذي ظهر في الفيديوهات يتطابق مع تسرب غاز الكلور، إذ يتميّز بلونه الأخضر المصفر وثقله الذي يجعله يهبط قريبًا من سطح الأرض.

وقال الخبير ماتيو غيدوتي إن لون السحابة يشبه تمامًا ما شوهد في حادثة العقبة بالأردن عام 2022، حين تسرب غاز الكلور من حاوية وتسبب في مقتل 14 شخصًا.

كما أن في 13 سبتمبر 2024، نُشرت مقاطع جديدة تُظهر برميلًا مشابهًا تحت شجرة داخل مجمع المصفاة، يشار إلي أن من ظهروا في المقاطع تعرضوا لهجوم “بغاز سام، فيما أظهرت مشاهد أخرى عمالًا يرتدون زي شركة مصفاة الخرطوم (KRC) يتلقون علاجًا بالأوكسجين في عيادة المصفاة.

وبَينَ أحد المهندسين الذين كانوا في الموقع وقت الهجوم لفريق المراقبين من مكان إقامته الحالي خارج السودان قائلاً: في الصباح سمعنا صوت طائرة، ثم انفجارًا ضخمًا من ثم بعد دقائق رأينا دخانًا كثيفًا، وعندما اقتربنا وجدنا أشخاصًا فاقدي الوعي ويعانون من صعوبة في التنفس، ما أدي إلي نقلهم إلى العيادة لتلقي العلاج.

وأردف المهندس إن بعض المصابين لقوا حتفهم لاحقًا، لكن التحقيق لم يتمكّن من تأكيد هذه المعلومة.

ومن جانبه، أوضح الخبير دان كازيتا أن أعراض التعرض للكلور “غير مميزة وقد تتشابه مع حالات أخرى، مضيفًا أن الغاز “نادراً ما يكون قاتلًا في الأماكن المفتوحة، مستطرداً: غالبًا ما يُستخدم لإجبار الخصوم على مغادرة المخابئ تمهيدًا لقصفهم بالقنابل التقليدية، كما حدث في بعض الهجمات في مناطق بسوريا.

رغم الأدلة القاطعة على استخدام الجيش السوداني لغاز الكلور الكيميائي كسلاح في حرب منتصف أبريل 2023، فإن تحليل الأدلة البصرية والميدانية يشير إلى أن المادة التي تسربت في مصفاة الجيلي، دارفور، والخرطوم، هو غاز الكلور الذي استخدمه الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.. ومع استمرار القتال حول المنشآت الحيوية، تظل استخدام الأسلحة الكيميائية تذكيرًا بخطورة الحرب على المدنيين والبنى التحتية في البلاد.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.