الحرب … هل هي بين جنرالين فقط؟

الاستاذ: محمد أبو الجود
رئيس المكتب السياسي لتيار الوحدة الوطنية

لا احد ينكر ان مسار الحرب قد تغير بعد توقيع ميثاق تأسيس بين الدعم السريع و الحركة الشعبية و مجموعات من الجبهة الثورية و حزب الامة و الحزب الاتحادي و تيار الوحدة الوطنية و عدد كبير من التنظيمات و المنظمات المدنية و الاجسام المهنية و الشخصيات الاعتبارية و تعضيد توقيع اعلان تأسيس بتوقيع على دستور السودان الجديد و الذي سوف يتمخض عنه اعلان حكومة جديدة لعموم أقاليم السودان …

السؤال ما هي دلالات تغير مسار الحرب ؟ هذا السؤال مشروع لمن يعرفون هذه الحرب بانها حرب سلطوية بين جنرالين حيث يغضُّون الطرف عن الاسباب التاريخية للحروب في السودان و يحصرونها في فشل الانتقال المدني الديمقراطي نتيجة لهيمنة المؤسسة العسكرية على الفضاء السياسي .

يمثل هذا الاتجاه جماعة صمود و بعض من المثقفين
دعونا نفكك نظرة هذه المجموعة و هذا التعريف الناقص لمشكلة الحرب في السودان و بالمقابل نبين النقص

اولا: الحرب الحالية لها صيرورة تاريخية بدأت منذ 1954 نتيجة لاسباب بنيوية مرتبطة ببنية دولة ما بعد الاستعمار و ما تعانية من اخلالات ثقافية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية بمعني ثقافيا تم فرض و تعميم نموذج ثقافي واحد و هو عربي اسلامي على حساب التعدد الثقافي الذي يتمتع به المجتمع السوداني و مما خلق شعور بالتهميش و الاقصاء لدى هذه المجموعات الثقافية المتعددة .
اختلال سياسي تمثل في شيوع الطائفية و القبلية و العسكرتاريا دون تفصيل و سوف اعود للتفصيل في مقال لاحق.
اختلال اقتصادي تمثل في شيوع نموذج الاقتصاد الريعي .
ثانيا : فشل في بناء مؤسسات اقتصادية راسخة.

ثالثا: تراكم رؤوس الاموال عند فئات إجتماعية محددة بسبب علاقات الثروة و السلطة وبسبب تبعيتها للنظام الاستعماري العالمي ككمبرادورات مما خلق تفاوت إجتماعي حاد .

الاختلال الاجتماعي تمثل في انقسام المجتمعات السودانية حيث بعضها وصل مرحلة الدولة الحديثة و ظل البعض الاخر في مرحلة ما قبل الدولة.

هذه الاختلال البنيوية هي اساس الحروب في السودان بيد انها تظهر بتمظهرات مختلفة مرة كصراع بين هامش و مركز كما هو تعرفه الحركة الشعبية شمال و مرة كحرب بين مسلمين عرب في شمال السودان بين مسحيين كفار في جنوب السودان كما عرفه الاسلاميين و ايضا مرة بين الجيش و الحركات المسلحة الدارفورية و آخيرا بين الجيش و الدعم السريع .

اذن التحليل الدقيق هو الذي يتجاوز تمظهرات الظاهرة و يدلف الي عمقها و عمق هذه المشكلة هي جدلية أزمة هيمنة وهيمنة ازمة وهي أزمة لها جوهر ومظاهر ومراحل في توصيفها العام و هي أزمة بنيوية مركبة ومتعددة الجوانب هوياتية ، سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية وفي توصيفها الخاص هي أزمة تاريخية عميقة ناشئة في جوهر النظام الاجتماعي القائم على بنية مركبة تتسم العلاقات فيها بعدم المساواة بين عناصرها أو مكوناتها الرئيسية وتقف على رأس هذه البنية الاجتماعية طبقة سياسية لم تدير الحكم بكفاءة إذن في اعتقادنا أن الأزمة هي في جوهر النظام الاجتماعي بمعنى وجود خصائص عدم المساواة فيه من بدايته التكوينية بصورة اعاقة تقدمة و تطوره .

لا يختلف هؤلاء الذين عرفوا هذه الحرب كصراع بين جنرالين عن الذين يعرفونها كصراع بين مجموعة الانتقال المدني الديمقراطي و مجموعة الاسلاميين باعتبار ان الاسلاميين جماعات استبدادية غير ديمقراطية رغم ان الاسلاميين في دول اخرى غير السودان قدموا التزام جيد بالديمقراطية.

و هو في نظرنا هذا تعريف مرحلي ينتهي بمجرد تحول الاسلاميين لجماعات ديمقراطية .

تشير كل الدلائل الموضوعية على ان هذه الحرب كسابقتها من الحروب تعبر عن ازمة بنيوية عميقة يتطلب معالجتها الاعترافها بها اولا و ليس بتمظهراتها فقط.

#الحملة_الوطنية_للتبشير_بميثاق_تحالف_السودان_التأسيسي
#تيار_الوحدة_الوطنية

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.