يقول ابن خلدون: عندما تنهار الدول يكثر فيها المنافقون والانتهازيون، والمتسيسون، والمتصعلكون القوالون، فتتكشف الاقنعة، وتختلط المعاني بالكلام، ويختلط الصدق بالكذب وتعم الإشاعة، وتظهر العجائب، ويتحول الصديق إلى عدو.!
بالمصادفة شاهدت حواراً مثيراً للأخ الصادق إبراهيم الرزيقي، هو حلقة بودكاست يديرها الطاهر حسن التوم، طبعاً الوجهين من عُملة واحده. فمن شَهِْد منكم الحَلّقة سيدرك أن هذا الحوار ليس فقط لاستنطاق الرزيقي واستغلالة، بل لتوثيق أخلاقية وفضح قدراته الفكرية. من يتدبر الأقوال سيعرف أن الرجل ألقى بنفسة في السحيق، فإما ان يتحدث بهذا (اللُئم) او ينفى من الأرض امتثالاً لفكرة الوجوه الغريبة.
ان الذين هندسوا مقابلة البودكاست كانوا يظنون أن هذا النوع من العبط السياسي سيلوث القيم التي ينحدر منها هؤلاء (الفلنقايات).. لكن الظنون خابت، فالحوار جرّد الرزيقي من موضوعية الصحافة، وقدمته كسياسي (حيران).. يتقّمص شخصية حسين خوجلي في خّج المعلومة وابتذال الكلام، ولو سمح الوقت للرزيقي بالظهور مستقلاً عن الحسينية، لسار مع الحسين على الرغم من كفاية قدراته لتجربة مستقلة، السؤال لماذا لم يبني الرزيقي حُلماً يراوده، وكيف عَطْن ذاته في آخر يختلف عنه شكلاً ومضموناً.؟ يقول المخترع الأمريكي (ستيف جوبز).. إذا لم تقم ببناء أحلامك سيقوم أحدهم بتوظيفك لبناء أحلامه.!
يتحدث الذين زاملوا الأخ الصادق الرزيقي مراحل الدراسة الثانوية في نيالا، انه كان هادئاً يجلس على الكَنَبة الأخيرة، ومعروفاً أن طلاب الكَنَبة الأخيرة لا يحبون الظهور برغم تميزهم، آخرين تحدثوا ان الصادق الرزيقي كان في فترة من الزمان كثير التجوال بين الجماعات الثقافية والأدبية، كان يتجول شرقاً ناحية القضارف، ولم يجني من تلك الجولات سوى ارتداء (السديري).. وعمسيبية التفكير.!
على فكرة لم تكن للرزيقي اي توجهات سياسية معروفة، وهو حتى وقتٍ قريب كان ينفي صلته بالمؤتمر الوطني، ولكن يبدو أن شِراك الإسلامويين اصطادته مُبكراً، وجّرف الايدولوجيون مواهبة الإبداعية، يتحول الشاعر والأديب إلى صحافي غير طموح او رجل مخابرات فاسد، وهي مراحل كيزانية يتقدم فيها الخبيث على الطيب، كما تُقدم الفكرة على الوطن، ويُفضل السياسي على الاجتماعي والثقافي، من وقتها برز الرزيقي كصحفي مهتم بترفيع الساسة (المنحطين) وتحقير ذاته القيادية، حيث لم تسمح له مراحل الظهور إلا بعدما اختصم القوم وتباينت مراكز القرار في النظام، حينها لجأ المخلوع البشير إلى ترشيح صادق الزريقي لرئاسة إتحاد الصحفيين خلفاً لمسؤول دائرة الصحافة في حزبة محي الدين تيتاوي، ويرى البشير في الأستاذ الرزيقي شخصاً مطيعاً وليس له أي طموحات سياسية، يعني فلنقاوي من الدرجة الأولى. ولكن البشير تفاجأ بإعتراض عدد من صحافيو النظام على الترشيح، من بينهم أصدقاء مقربين للرزيقي، فوصل الحال ببعضهم إلى الحديث عن لونة وعرقة وجغرافيته، حيث كتب الهندي عزالدين مقالاً عنصرياً شديد التفاهة، ذكر فية ان حسين خوجلي أولى برئاسة الصحفيين من الرزيقي، لان (عروبة) الحسين بائنة، ولا ندري كيف تجرأ هذا الهندي ان يقدم حسين على الصادق الرزيقي من بين الصحفيين، إلا إذا كان يقصد ان الثاني ظل يتبع للأول حيناً من الدهر ولم يكن شيئاً مذكورا، ولتأكيد عنصرية الهندي حكى الرزيقي ذات نفسة أنه ذهب إلى حسين خوجلي في مناسبة اجتماعية ومعه عدد من أبناء دارفور وجبال النوبة، وفي اليوم التالي اخبرة الشريف حسين إن سكان الحي يتبادلون الحديث حول زيارة فريق كرة (كاميروني) لبيته، في إشارة إلى مفهوم الوجوه الغريبة، ولون الزوار وأفريقيتهم.!
مقابلة حسن التوم مع الرزيقي كانت في منتهى الوقاحة والتسفل، حيث تكلم الضيف كلاماً فارغاً عن قوات الدعم السريع التي كان يمجدها في يوم من الأيام، وتحدث بشكل مُقرف عن قريبة محمد حمدان دقلو (الماهري).. وقال عنه كان يكره الجيش ويقلل من شأنه، وكان يشتُم قادته في المجالس، والاخطر من ذلك جرأه الرزيقي في السرد بأن حميدتي ارتبط بشخصيات غربية وأفريقية (ماسونية).. وهي وصمة على لسانة ما كان ان يلوكها لولا أجندة (بودكاست).. ومتطلبات الحوار السياسي السخيف. الناس لا يستغربون ماسونية رهط الإسلاميين ومعهم الرزيقي، بقدر ما يستغربونها عن الدرويش الصوفي (حميدتي).. لا تربطني اي علاقة إجتماعية بالرجل ولكن نشهد له بالزُهد والعبادة والالتزام، عكس الرزيقي الذي لا يحسن الشعائر.
ما جاء على بودكاست حسن التوم لجد بايخ ومسيخ، يشك السامعون ان المتحدث هو صادق الرزيقي الذي نعرفة جيدا، فهو على الرغم من انانيته وانغلاقة إلا أن مظهره يتميز بالطيبة وحسن الأدب، ما الذي يجعلة يلوك هذا النوع من البهتان في سرد معلومات عامة متداولة، في الحقيقة هي رويات منحرفة لا تشبة المتحدث مهما كانت ضآلة التفكير وحجم التطرف، ما كنت أتصور ان يقول الرزيقي كلاماً حقيراً من هذا النوع، لكونه من المقربين لحميدتي وأخوته الذين تحدث عنهم بسوء، هم اجتهدوا كثيراً في تحرير الرجل وانتشالة من قاع التبعية إلى الفضاء الحُر، والدليل على ذلك دخولهم في شراكة جريدة الصيحة المملوكة للخال الرئاسي حتى يتثنى للرزيقي إدارتها والتصرف على مواردها بنفسة، لكن الرزيقي فشل في إنتزاع السلاسل وعاد إلى حظيرة الكيزان يمارس (الفلقة) من جديد، ما جعلهم يسقطون أسهم الصيحة التي صارت تُمجد النظام الآفل وتسئ للثورة المجيدة، من يومها فكر الرزيقي ثم دْبر حيلة الفرار إلى تركيا والانضمام إلى فريق الإشاعات وحملة التضليل الإعلامي، او ما يسمونة بحرب الكرامة.!
اعتقد ان بعض المأثور صحيحاً، إذ يولد الإنسان حراً، اما العبودية فهي اجتهاد شخصي.
ولاثبات فلنقاوية الطاعة لم يستحي صادق الرزيقي ان ينسب انقلاب علي كرتي في ٢٥ أكتوبر ورصاص الحركة الإسلامية في المدينة الرياضية إلى دراسة أمريكية مطلع الثمانين، قال ان المخلوع البشير حدثه عنها، حيث زعم أن الدراسة اهتمت بإعادة ترتيب السودان ما يشبه المرحلة الحالية، وهي في رأية عملية تغيير كُلي في بنية السودان من إسلاموعروبي إلى آخر أفرومسيحي، او (علماني).. كما روى الرزيقي عن البشير ان الدراسة الأمريكية ركزت على استئصال الثقافية العربية والإسلامية من جذورها بوسط وشمال السودان النيلي عن طريق الحرب، فالبشير وحدة من طالع الخطة بمركز الدراسات الاستراتيجية واشنطن أثناء تلقية دورة عسكرية هناك، وهو تصوير غريب ربما لأول مره يعرف الناس ان البشير كان باحثاً في الشؤون الاستراتيجية، فقد تم ربط المشروع المزعوم بتكوين الحركة الشعبية في الجنوب باعتبارها واحدة من آليات الاستئصال والبتر، وأضاف إليها الحركات المسلحة بدارفور حسب فهمة، ثم قيادة الدعم السريع وحكومة عبدالله حمدوك لتحقيق أهداف الدراسة، ولوضاعة الطرح والتفكير تعّمد الرزيقي تهويل الحرب الحالية كأنها محاولة لطرد سكان الشمال والوسط وتبديلهم بآخرين جُدد، يقصد تغيير الهوية الإسلاموعروبية بأخرى أفريقية مسيحية، هذا ما رواه الصادق الرزيقي عن البشير في معرض رده الخائب على بودكاست الطاهر التوم، وفوق ذلك لن يرضوا عن الرزيقي حتى يغير ما بنفسة او يتبع ملتهم، وبالتالي يتحدث بهذه الطريقة السمجه والرخيصة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.