أ/سليـــم محــمد عــبداللــه
مــن تحت سُحـب الدخــان الكثيف، ومن بين شظايا الركام التي شهدت على مرارة اللحظات وتكلفة الصراع الباهظة، تُشرق شمس الأمل مجدداً. هنا، حيث ارتهنت البراءة طويلاً لصوت القذائف، تنبعث اليوم أنغام الفرح الخجولة لتُعلن عن ميلاد جديد. الفاشر، المدينة الصامدة التي تحدت جحيم الحرب، ترتدي اليوم حُلة الاستقرار، وها هي أعمق دلالات هذا التحول تتجسد في براءة وجه، وضحكة طفل، وخطوات لا تعرف سوى الركض نحو المستقبل. في هذا التقرير الإنساني العميق، نُوثِّق كيف أعادت ‘حكومة التأسيس القومية’ البوصلة الإنسانية إلى مسارها الصحيح، وكيف أزهرت البهجة في قلب المعاناة ” الفاشر: مدينة تَنْفُضُ غُبار المأساة
لقد كانت الفاشر، عاصمة شمال
دارفور، أيقونة للصمود الممزوج بألم الفقد والنزوح. طوال أمد الصراع الأخير، تحولت مساحات اللعب إلى ثكنات، وتحولت قصص الطفولة الهادئة إلى حكايات عن الفرار والتخفي. بيد أن إرادة الحياة، تلك القوة الكامنة في جوهر هذا الشعب، بدأت تعلو فوق ضوضاء المدافع. المشهد الآن مغاير؛ ففي الساحات التي كانت تئن تحت وطأة القصف، تُقام اليوم حلقات للعب، وتُسمع فيها أصوات الصغار الهادرة، والتي تُعد أعظم تعبير عن عودة الأمن والأمان.
إنّ إعادة الحياة إلى مدينة عانت مرارة الانقطاع والتدمير لا تقتصر على إعادة بناء الجدران، بل تشمل الأهم والأعمق: إعادة بناء الثقة في الغد. هذه الثقة هي ما نراه ينعكس في عيون أطفال الفاشر الذين خرجوا من عتمة الخوف إلى نور البهجة التي طالما غابت. إنها لحظة تاريخية يُسجَّل فيها تحول جذري من حالة “الترقب” إلى حالة ” اليـــقين ” بعودة الدولة وقدرتها على حماية مواطنيها.
الــدور التأسيــسي وإزالة مخلــفات الكــابوس
إنّ عودة البسمة إلى شفاه أطفال الفاشر لم تكن مجرد صدفة عابرة، بل هي نتاج لجهد مُنظم ومُكثَّف تقوده “حكومة التأسيس القومية”، التي جعلت من استعادة الأمن وتمكين الحياة أولوية قُصوى. ويُعد الدور المحوري الذي اضطلعت به الفرق الهندسية لإزالة الألغام – التي خلَّفها الإرهابيون {الذين يوصفون بالجيش الكيزاني والإخوان المسلمين} حجر الزاوية في هذا التحول.
كل لغم يُنزع من الأرض ليس مجرد عبوة متفجرة يتم تحييدها؛ إنه تحرير لشبر من أرض الوطن كان مُرتهناً للخطر الداهم، وهو إعلان رسمي بأن هذه المساحة قد أُعيدت إلى سلطة الحياة. لقد كانت تلك الألغام تمثل حاجزاً نفسياً ومعنوياً يمنع الأطفال من استئناف حياتهم الطبيعية خوفاً من المجهول المميت. وعليه، فإن هذا العمل الهندسي الدقيق يمثل رمزاً عميقاً لجهود “حكومــة تأســيس” في “تطهير البنية التحتية للحياة” من رواسب العنف العقائدي والسياسي الذي أضر بالوطن.
لقد عكست الاحتفالات التي جرت مؤخراً، والتي شارك فيها عدد من قيادات “حكومة التأسيس” جنباً إلى جنب مع الأطفال، رسالة واضحة بضرورة تأسيس مرحلة تاريخية جديدة في سرديات السودان. هذه الاحتفالات لم تكن مجرد صور عابرة، بل كانت تأكيداً راسخاً على أن القيادة تضع نصب عينيها رفاهية المواطن، وخاصة الجيل الناشئ، كمعيار أصيل للحكم و”القيادة والريادة والتميز”
الإعلام الحقيقي في مواجهة التضليل: رسالة تسابيح
في خضم هذا المشهد الإيجابي، كان للبعد الإعلامي دور مؤثر في توثيق الحقيقة وإزاحة الستار عن محاولات التضليل الإعلامي. زيارة الإعلامية المعروفة تسابيح واحتفالها مع أطفال الفاشر لم تكن مجرد تغطية خبرية عادية، بل كانت “رسالة بليغة” موجهة مباشرة إلى “إلاعلام الكيزاني” الذي يسعى لترسيخ سرديات الفوضى والانهيار.
إنَّ ظهور أطفال الفاشر، وهم يتبادلون الضحكات والأحاديث مع الإعلامية المعروفة، وهم في كامل الأمان والاستقرار، يمثل ” دليـــلاً ساطعـــاً ” يُقوِّض كل ما يُشاع حول استمرار حالة اللاأمن. فالبسمة العفوية التي ترتسم على وجوه الصغار هي أصدق برهان على أن الأوضاع قد استقرت، وأن المدينة بدأت تُمارس حياتها في كنف الرعاية والعناية التي تُوليها “حكــومة ـتأسيـــس”حكومة العدالة الاجتماعية والانتقال الديمقراطي. هذه اللقطات البصرية هي قوة إعلامية مضادة تفوق في تأثيرها آلاف الكلمات والتحليلات المُضلِّلة
اســتعادة البوصــلة القومــية
إنّ ما يجري في الفاشر، من عودة البسمة إلى جهود الإعمار، هو انعكاس لالتزام “حكومة التأسيس” بمشروعها القومي الكبير: إعادة البوصلة الصحيحة للدولة السودانية. هذه الحكومة تهدف إلى تأسيس دولة تقوم على ركائز صلبة من العدالة الاجتماعية، والحكم الفيدرالي الحقيقي الذي يمنح الأقاليم سلطة ومشاركة، والانتقال الديمقراطي الذي يضمن حق المواطن في اختيار مصيره.
الأطفال الذين يحتفلون اليوم هم جيل الغد الذي سيبني الدولة على هذه الأسس السليمة، بعيداً عن وهم “الــتاريخ المُزيــف”
الذي حاول البعض فرضه. العناية بأطفال الفاشر وتوفير البيئة الآمنة لهم هو استثمار استراتيجي في المستقبل، ويُثبِّت مفهوم أن هذه الحكومة هي بالفعل حكومة القيادة الشعبية العريضة التي تستمد شرعيتها من إرادة الشعب المكلوم والمُتطلع إلى مستقبل أفضل.
تظل ابتسامة أطفال الفاشر التي عادت من تحت الركام هي أبلغ بيان سياسي وإنساني. إنها تُعلن أن الحرب، بكل قسوتها، لم تستطع أن تنتزع جذور الحياة والأمل من هذا الوطن. ومع كل ضحكة، وكل لغم يُنزع، وكل فعالية احتفالية تُقام، تُؤكد الفاشر أنها ليست مجرد مدينة، بل هي رمز الانبعاث، ونقطة ارتكاز حقيقية لمرحلة ““الــتأسيس““ التي تسعى لتعزيز القيم القومية على حساب المصالح الضيقة والمشاريع المُدمِّرة. الفاشر اليوم هي قصة نجاح إنساني تروي فصولها براءة طفل، وجهود قيادة، وعزيمة شعب، يــؤسس لغد يــشرق فيــه الــفرح بلا خــوف
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.