تعد ولاية جنوب دارفور التي تقع فى غرب السودان واحدة من الولايات الزراعية المهمة وبها أكثر من 18 مليون فدان صالحة للزراعة بكافة أنواع المحاصيل، ولكن المستقل منها فى كل عام مايقارب ال 8 مليون فقط وترجع الأسباب إلى قلة الإمكانيات لدى المزارعين بجانب ضعف التمويل الزراعى طوال السنوات الماضية واعتماد المزارعين على الزراعة التقليدية عبر الدواب فى وقت تشهد فيه عدد من الولايات فى الشمال والوسط والشرق تطورا كبيرا وتوسعا فى الزراعة الحديثة لتوفر الآليات.
ورغم الظروف القاسية التى فرضتها حرب إبريل من العام 2023م وإنعكاساتها حتى على الزراعة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية إلا أن عدد كبير من المزارعين قاموا في تلك الظروف بممارسة نشاطهم الزراعى، ولكن العملية وبحسب المزارعين إنهم واجهوا تحديات جسام نتيجة التعدي على المزارع من قبل أصحاب الماشية والطلقة المبكرة.
وبعد الإستقرار الأمنى الكبير الذي شهدته ولاية جنوب دارفور وبعد تشكيل الحكومات المدنية بمناطق سيطرة الدعم السريع بدأت الخطوات فى ترميم ما أفسدته الحرب والإستعداد المبكر للدخول للموسم الزراعى الذي تخطط له السلطات المختصة لموسم زراعى خالى من المهددات الأمنية.
للدخول لموسم زراعى آمن شهدت الولاية ملتقيات لفتح المسارات والمراحيل وتأمين الموسم الزراعي..
المسارات والمراحيل:
وتعتبر ولاية جنوب دارفور ولاية زراعية رعوية من الدرجة الأولى وعادة ما تتأثر الزراعة بحركة البادية فى رحلتها من المصيف من الناحية الجنوبية فى الحدود مع دولتى جنوب السودان وأفريقيا الوسطى إلى المخارف بتخوم سلسلة جبل مرة ناحية الشمال والتى تقل فيها نواقل أمراض الحيوان.
وللدخول لموسم زراعى آمن شهدت الولاية ملتقيات لفتح المسارات والمراحيل وتأمين الموسم الزراعى أحدها ضم محليات القطاع الجنوبي والجنوبي الغربي من الولاية إستضافته محلية “تلس” الشهر الماضي وأختتمت بملتقي للقطاع الشرقي بمحلية “بليل” هذا الأسبوع حيث وضعت تلك الملتقيات خارطة طريق ومخرجات واضحة شأنها نجاح الموسم الزراعى إذا وجدت التطبيق على أرض الواقع.
وفى ملتقى محلية “بليل” جاءت التطمينات من الإدارة المدنية وأجهزتها الأمنية لكل مرازعى الولاية بالجاهزية القصوى لتأمين الموسم الزراعى ومنع التعدب على المزارع وفى المقابل عدم زراعة الصوانى والمراحيل.
ملتقى فتح المراحيل: يجب فتح المسارات والمراحيل بمحلية “بليل” ونبذ العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية..
توصيات في انتظار التنفيذ:
وبالنسبة لمدير الحكم المحلي بالولاية خالد ادم يوسف فأنه قدم التوصيات التى خرج بها ملتقى فتح المسارات والمراحيل بمحلية “بليل” والتى تصدرتها قضية الأمن، ونبذ العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية، بجانب ضرورة أن يكون للمرأة دور فى لجان المسارات والمراحيل، وتضمين برامج المسارات والمراحيل فى ميزانيات المحليات، كما دعت التوصيات الى ضرورة إنشاء مسارات جديدة لما تقضتيه الحال لمعالجة قضايا التوسع الزراعى والحيواني، بجانب العمل على تحسين المراعي الطبيعية بنثر البذور ذات القيمة الغذائية العالية.
وشددت التوصيات على تفعيل القوانين والأعراف الرادعة لكليمها أى “الرعاة والمزارعين” سواء الاعتداء على الزراعة أو المسار، مع القطع الجائر للغابات وتغليظ أحكامه وغيرها من التوصيات التي تعزز العلاقة بين المزارعين والرعاة وتضمن نجاح الموسم الزراعى.
دعوة لفتح المراحيل:
وتقدم المشاركون بمطالب فى ملتقى محلية “بليل” والإدارات الأهلية لمحليتى “نتيقة وبليل” بضرورة البدء الفورى فى تنفيذ مخرجات الملتقى خاصة فتح المسارات والمراحيل قبل وصول البادية وهي فى رحلتها من الجنوب إلى الشمال والتى تتزامن مع بدايات الزراعة.
وفي السياق أكدت الأجهزة الأمنية ممثلة فى الشرطة الفدرالية وقوات الدعم السريع إستعدادها لحماية الموسم الزراعى من البداية وحتى الحصاد.
وقال مدير الشرطة الفدرالية بولاية جنوب دارفور المقدم شرطة خالد محمد نور إن إدارته أعدت خطة متكاملة للموسم الزراعى كاشفا عن تجهيز قوة سيتم الدفع بها لمحلية بليل لبداية التنفيذ.
بينما أكد قائد القيادة المتقدمة بنيالا العميد ابشر جبريل بلايل إلتزامهم كدعم سريع وشرطة فيما يليهم من توصيات، وقال إنهم لديهم قوات تدخل سريع جاهزة وكل ما طلب منها فهي فى الموعد.
وقال بلايل إن العلاقة بين الراعي والمزارع تأتي فى سلم الأولويات لأنها تتمثل فى الثروة الحيوانية أو الزراعية والموارد الغابية، ولكن دائما ما تواجههم مشكلة بين طرفي هذه العملية فى الإحتكاكات التى تحدث بينهم فى بداية الموسم الزراعى وكذلك فى نهاياته مع وقت الحصاد، مشيرا الى أن كافة التوصيات مهمة وستجد منهم الدعم الكامل لإنزالها على الأرض.
رئيس الإدارة المدنية: على اللجان المعنية فتح المسارات والمراحيل بكافة المحليات ومباشرة عملها والتبليغ فورا عن كل من يعترض عملها..
قرارات قيد التنفيذ:
فيما تحدث رئيس الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور يوسف إدريس يوسف حديث واضح وشفاف خلال كلمته فى ختام ملتقى “بليل” وأرسل رسائل لكل أطراف العملية الزراعية بشقيها الحيوانى والزراعى.
وقال يوسف إن المؤتمر الأول الذي أقيم بمحلية تلس وضم 12 محلية بالقطاع الجنوبي للولاية كان مهما وبدأت تتنزل مخرجاته قبل تحرك البادية نحو الشمال، وأضاف أن قيام المؤتمر الثانى فى بليل تكمن أهميته فى أن محليتي “بليل ونتيقة” من أكثر المحليات التي تشهد إحتكاكات بين المزارعين والرعاة.
وأضاف يوسف أن محلية “بليل” معبر للرعاة فى تحركاتهم عبر مرحالين شرقي وغربي وبالتالي معظم المشاكل فى الولاية وبنسبة 60% تقع فى محلية بليل.
وكشف يوسف عن تمدد واسع فى الزراعة على حساب الرعي خلال السنوات الماضية، وتم من خلالها التعدي على الصواني والنزل وموارد المياه وتسجيل مشاريع كبيرة بالطمع بما يسمى بزرائب الهوى بجانب قيام مزارع على مسافة أمتار من مورد المياه ودائما ما تولد الإحتكاكات بين الطرفين.
وقطع يوسف بعدم السماح بزراعة أماكن النزل والصواني وموارد المياه وكذلك عدم قيام زرائب الهوى ووجه اللجان المعنية بفتح المسارات والمراحيل بكافة المحليات بمباشرة عملها والتبليغ فورا عن كل من يعترض عملها وستتعامل معه قوات التدخل السريع التى جهزت لمساعدة الشرطة فى تأمين الموسم الزراعى.
ويرى مراقبون للأوضاع فى جنوب دارفور إن الأجواء حاليا أصبحت مواتية لزيادة المساحات المزروعة أكثر من العام الماضي نتيجة لتحسن الوضع الأمني الذي يعتبر العامل الأول لنجاح الموسم الزراعى بعد إنتظام معدلات الأمطار.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.