نص كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لنيلسون مانديلا (سويسرا)
متابعات - عين الحقيقة
قال معهد جنيف لحقوق الإنسان في يوم ميلاد نيلسون مانديلا، نستحضر سيرة رجلٍ نذر حياته للحرية والعدالة، فواجه القمع والسجن 27 عامًا دون أن تنكسر إرادته. وأضاف المهعد في كلمة بمناسبة اليوم العالمي لنيلسون منديلا بسويرا إن مانديلا خرج ليقود بلاده نحو مصالحة تاريخية، وينهي نظام الفصل العنصري، ويُرسّخ قيم التسامح والمساواة وحقوق الإنسان.
وتابع المعهد، لم يكن مانديلا زعيمًا عادياً، بل رمزًا عالميًا للكرامة الإنسانية، جسّد بإيمانه العميق بالسلام والتعايش أن أعظم الانتصارات تُصنع بالعفو لا بالانتقام، وبالوحدة لا بالفرقة فيما يلي نص الكلمة :
في مثل هذا اليوم من عام 1918م ولد الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، درس القانون وعمل بالمحاماة ثم انخرط في العمل السياسي الثوري المناهض للاستعمار، وسرعان ما سطع نجمه مناهضا لسياسة الفصل العنصري ، تعرض للاعتقال والمحاكمات عدة مرات وفي عام 1962 أدين بتهمة العمل لتقويض نظام الحكم والتآمر والتخريب فحكمت عليه محكمة ريفونيا بالسجن مدى الحياة. فقضى 27 عاما في السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1990م ، خرج ليجد بلاده تعاني حربا أهلية طاحنة فقاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك لإلغاء نظام الفصل العنصري وإقامة انتخابات عامة متعددة الأعراق، الشيء الذي تحقق في عام 1994م، فانتخب بموجب هذه الانتخابات رئيسا لجنوب أفريقيا وشكل حكومة وحدة وطنية وضعت دستورا جديدا وأنشأت لجنة للحقيقة والمصالحة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت إبان نظام الفصل العنصري ، نال جائزة نوبل للسلام عام 1993م.
في يوم ميلاد نيلسون مانديلا، نستحضر سيرة رجلٍ نذر حياته للحرية والعدالة، فواجه القمع والسجن 27 عامًا دون أن تنكسر إرادته. خرج ليقود بلاده نحو مصالحة تاريخية، وينهي نظام الفصل العنصري، ويُرسّخ قيم التسامح والمساواة وحقوق الإنسان. لم يكن مانديلا زعيمًا عادياً، بل رمزًا عالميًا للكرامة الإنسانية، جسّد بإيمانه العميق بالسلام والتعايش أن أعظم الانتصارات تُصنع بالعفو لا بالانتقام، وبالوحدة لا بالفرقة. اليوم، في عالم تنهشه الحروب وتغيب فيه العدالة، تبقى رسالته منارة أمل ومصدر إلهام لكل من يؤمن أن الإنسانية تستحق أن تُناضل من أجلها.
لقد أدّى نضال مانديلا إلى تحرير الإنسان قبل الأرض، وأصبحت الانتهاكات اليوم تُقارن بماض قاس كان يفترض أن يُطوى، إلا أننا نرى عودة مظلمة لخطابات الديكتاتورية والكراهية وممارسات الهيمنة، حتى وإنْ تنكّرت بأقنعة حديثة. ومع كل هذا، تبقى قيم مانديلا حاضرة كمرجعية أخلاقية لا تسقط بالتقادم، ومبادئه نوراً في زمن العتمة.
نحتفي اليوم في ظل واقع عالمي ملتهبٍ بالصراعات والنزاعات الداخلية، من ليبيا لسوريا مرورا بالسودان، ومن اليمن للاحتلال في فلسطين مرورا بلبنان والعراق، ومن مشاهد الإبادة الجماعية إلى الحرب الروسية الأوكرانية، تغيب الإنسانية وتُغتال العدالة، ويعلو صوت القوة على صوت الضمير. إنّ ما نعيشه اليوم من تراجعات مقلقة في القيم والمبادئ يجعلنا نتشبّث برسالة مانديلا ونستلهم من نضاله ضد العنصرية والاضطهاد والظلم، حين كرّس حياته من أجل كرامة الإنسان وحرية الشعوب، فكان نضاله مصدر إلهام عالمي لقيم التسامح والعدالة والمصالحة.
إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان والشؤون الإنسانية إذ نحتفي بهذا اليوم، نترحم على روح الزعيم الملهم ونجد العزاء كله في سيرته العظيمة وفي الاقتداء بنهجه وفي استلهام معاني الصفح والتسامح والنزعة نحو البناء والعطاء واستشراف المستقبل المضيء وغض النظر عن ظلمات الماضي ومراراته، ونؤكد أن القيم التي عمل لها مانديلا ستبقى ما بقيت الإنسانية، وستبقى سيرته نبراسا لكل دعاة الحق والخير في هذا العالم.
سويسرا 18 يوليو 2025م
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.