الحرب في السودان وتداعياتها على المبادئ والقيم الاجتماعية والثقافية!

عزيز جنرال

السودان ظل يعاني من حروب داخلية عويصة، ازمات ماحقة، وانقلابات عسكرية منذ الاستقلال في عام ١٩٥٦ حتي يومنا هذا، مما أدى إلى فشل في بناء مجتمع ديمقراطي واقامة دولة حديثة تسودها الحرية، السلام والعدالة الاجتماعية.
وكل الحروب التي دارت في السودان، بما في ذلك حرب ١٥ ابريل الكارثية، أثرت بشكل عميق على المبادئ الاخلاقية و عادات الشعوب والمجتمعات السودانية، حيث يقول عالم الاجتماع إميل دوركايم” ان الحرب تؤدي إلى تفكك المجتمع وقيمه ويزيد من معدلات الاضطراب الاجتماعي”.
تأثيرات الحرب على القيم والاعراف الاجتماعية والنفسية:
دائما الحروب تترك آثاراً مدمرة على قيم وسلوك المجتمعات والأفراد، إذ تتسب في نضوب الاخلاق وتنامي خطاب الكراهية والتفرقة العنصرية وتغيير الأولويات والمبادئ الشخصية، حيث يصبح البحث عن الموارد لسد الرمق اكثر أهمية من المعايير الأخلاقية والاعراف التقليدية، كما تؤدي الحرب إلى ارتفاع معدلات الانتحار، الاجرام، الفقر البنيوي، العنف والعدوانية الخبيثة التي وصفها الفيلسوف عالم النفس إريك فروم” بأنها سمة شخصية سلبية تتسم بالرغبة في إيذاء الآخرين وتدميرهم، وقد تكون هذه العدوانية ناتجة عن العوامل الثقافية والاجتماعية والبيئة التي يعيش فيها الفرد”. ويرى فروم بأن الأوضاع التي تساعد في انتشار العدوانية يجب ان تعالج لبناء مجتمع المحبة والسلام.
الحرب وأثرها على السودانيين والسودانيات في دول المهجر:
تؤدي الحروب إلى تفكك الاسر والتشريد وتغير الهويات وفقدان الاوطان وإنتشار السلوكيات الفاسدة، تواجه المجتمعات السودانية والأفراد السودانيون في الخارج، المقيمون في المعسكرات والمدن، تحديات كبيرة في الحفاظ على العادات والقيم الثقافية والاخلاقية وكيفية التأقلم مع الثقافات الجديدة من دون التعرض لصدمات نفسية وحضارية او الذوبان الكلي في بنية الشعوب المضيفة أي تبني قيم وافكار متطرفة وممارسات تتنافي وتتناقض مع المبادئ والتقاليد المتأصلة.
تنسيق الجهود لتخفيف من تأثيرات الحرب على الاعراف والمبادئ والقيم الأخلاقية:
على منظمات المجتمع المدني في دول المهجر ومعسكرات اللجوء ضرورة لعب دور حيوي في اقامة حملات تثقيفية لإستنارة المجتمع وتعزيز الروابط الاجتماعية لمعالجة الانحرافات الثقافية والاجتماعية والصدمات النفسية.
# إنشاء جمعيات تعاونية ومنظمات ومراكز اجتماعية وثقافية وفكرية لترسيخ ثقافة الحوار والانفتاح والتسامح وقبول الخلاف والاختلاف.
تشجيع الشباب على نشر ثقافة السلم المجتمعي، التضامن، والتركيز على التعليم والتدريب والابتعاد عن السباب والشتائم والإساءات ضد البعض وهدر الطاقات في الاغتيالات المعنوية والانغماس في التصورات الجهوية والقبلية والعرقية الضيقة.
ضرورة غرس مبادئ وقيم التربية الوطنية والثقافية والاجتماعية في عقول الاطفال في الدول المستضيفة، وذلك للحفاظ على التقاليد الثقافية والهوية الأصيلة، لأن الطفل اذا تلقى تعليمه الاساسي والثانوي خارج وطنه ربما يظهر خلل ما في المستقبل المنظور خاصة عنصر القيادة والوطنية والحضارة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.