مع اقتراب التدشين.. أديس أبابا وبورتسودان.. (توترات).. هل يجرفها سد النهضة نحو (المصب)..؟
تقرير - عين الحقيقة
مع اكتمال استعداداتها لتشغيل سد النهضة، أعلنت الحكومة الأثيوبية أنها سخرّت كل ما تملك من إمكانات وموارد لبناء السد. ومع انتهاء خريف هذا العام، سيتم افتتاح المشروع حسب ما أعلن عنه رئيس الوزراء آبي أحمد خلال كلمة أمام البرلمان الإثيوبي.. مشروع وإن كان يُنتظر منه الكثير إلا أنه بالمقابل تشهد الأوضاع توترات بينها ومصر والسودان، اللتان اعترضتا على التشغيل في أنه يتم بشكل أحادي، في “انتهاك للقانون الدولي وإعلان المبادئ الموقع في عام 2015” حسب قولهما.. وبالرغم من ذلك قدم آبي أحمد الدعوة لمصر والسودان ولرؤساء دول وحكومات عدة لحضور اللحظة التي تعتبرها إثيوبيا تاريخية وتتحدث عن التعاون الإقليمي وليس الصراع، وإبداء الاستعداد لمواصلة الحوار ولتجاوز المخاوف المصرية.
تحركات استخباراتية وأمنية بدأت هنا وهناك، أحدثت نقلة في الخلاف من وجهته القانونية لمحاولات تقويض نظم سياسية، وإثارة الحرب حسب قراءات لمراقبين..
اعتراضات وإن بدأت من وجهة نظر قانونية، إلا أن تحركات استخباراتية وأمنية بدأت هنا وهناك، أحدثت نقلة في الخلاف من وجهته القانونية لمحاولات تقويض نظم سياسية، وإثارة الحرب حسب قراءات لمراقبين.. تُرى.. هل تتحقق أحلام الشعب الأثيوبي بفتح بوابات السد حسب ما خُطط له.. أم ستُغلقها اعتراضات (بورتسودان والقاهرة)..
أعداء تأريخيين
حزب (الازدهار) الحاكم في إثيوبيا ، أتهم من وصفهم بـ”الأعداء التاريخيين” و”خونة الداخل” بشن حملة منسقة لعرقلة تقدم إثيوبيا..
حزب (الازدهار) الحاكم في إثيوبيا ، أتهم من وصفهم بـ”الأعداء التاريخيين” و”خونة الداخل” بشن حملة منسقة لعرقلة تقدم إثيوبيا. جاء ذلك في بيان صدر في ختام اجتماع مجلس الحزب الحاكم “الأزدهار” هذا الأسبوع، حيث زعم الحزب أن قوى معادية لم يُسمّها غيّرت تكتيكاتها بعد اتفاق بريتوريا للسلام، متهمًا إياها باللجوء إلى “التحريض” و”التضليل” و”التخريب الاقتصادي” لزرع بذور عدم الاستقرار والانقسام في جميع أنحاء البلاد. وفقًا للحزب، فإن هذه الجهات، التي لم يُكشف عن هويتها، تستخدم ست استراتيجيات رئيسية، منها التلاعب بالصراعات المحلية، واستغلال مظالم الحوكمة.
اتفاقية بريتوريا
(اتفاقية بريتوريا) اتفاقية سلام وُقِّعت في الثاني من نوفمبر 2022 بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF) لإنهاء الحرب التي استمرت عامين. وقد أُبرمت الاتفاقية في بريتوريا بجنوب أفريقيا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي. نصّت على وقف دائم للأعمال العدائية واتفق الطرفان على وقف جميع أشكال القتال. وانسحاب جميع القوات الأجنبية من منطقة تيغراي، بما في ذلك القوات الإريترية. وتم إنشاء إدارة مؤقتة في تيغراي، لكنها شهدت صراعات داخلية بين الفصائل المختلفة.
أدت الاتفاقية إلى تدهور العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، حيث اعتبرتها إريتريا “طعنة في الظهر” بسبب انسحاب القوات الإريترية. وتبادلت إثيوبيا وإريتريا الاتهامات بتقويض الاستقرار في المنطقة، مع مخاوف من تجدد التوترات.
زيارة مدير المخابرات الإثيوبي رضوان حسين مطلع أغسطس الجاري إلى بورتسودان، نقل استياء (أديس أبابا) للبرهان ومدير جهاز المخابرات العامّة..
تحركات عسكرية
مصادر مُطلعة تناولت زيارة مدير المخابرات الإثيوبي رضوان حسين مطلع أغسطس الجاري إلى بورتسودان، ناقلا استياء (أديس أبابا) للبرهان ومدير جهاز المخابرات العامّة، من التحركات التي يقوم بها الجيش السوداني ودعم قوات التيغراي في مقابل انتشارها في مناطق شرق السودان المحاذية للحدود الإثيوبية. وقال المسؤول الآمني الأثيوبي حسب – موقع ذاريبورترز الاثيوبي – عن غضب واستياء أديس أبابا من التنسيق السوداني الإريتري ودعم قوات التيغراي وإشراكهم في الصراع الجاري في السودان. المناطق التي نشر فيها الجيش السوداني قوات من التيغراي محاذية لحدود اثيوبيا مما قد ينتج عنه تحول هؤلاء المقاتلين المسلحين نحو العمل داخل الأراضي الإثيوبي خاصة بعد تسليحهم واعادة تجميعهم. كما تم خلال الاجتماع التطرق الى اعتماد سياسة تجنيس التيغراي في السودان ورفض اثيوبيا لهذا الأمر.
مخاوف مصر والسودان
جولات ثلاثية عُقدت على هامش (سد النهضة) للوصول لصيغة مُرضية لدول الحوض، لكنها باءت بالفشل، وعجز الاتحاد الأفريقي في كل جولاته عن تحقيق توافق بين الأطراف الثلاثة، وطالب مجلس الأمن الدولي أيضا إلى إبعاد نفسه عن الملف بإعادته إلى الطاولة الأفريقية، مما يجعل إمكانية العودة إلى التفاوض تقتصر على الرغبة الثلاثية. القاهرة تخشى من نقص حصتها المائية، بينما تعلن (بورتسودان) مخاوفها من فيضانات تهدد سدودها. الجانب السوداني اعتبر الدعوة الإثيوبية بالاستفزازية والتصعيدية أكثر من كونها دعوة لحل الأزمة القائمة. بينما ترهن أثيوبيا العودة للتفاوض مرتبطة بتراجع مصر عن الإشارة إلى الحصص المنصوص عليها في الاتفاقيات المائية السابقة في المفاوضات.
مراقب: ما يدور صراع نفوذ إقليمي بغطاء محلي، تسعى من خلاله حكومة بورتسودان بناء تحالفات مؤقتة لإدارة صراعها مع الدعم السريع..
تحالفات إقليمية
مراقب (فضّل حجب اسمه) ذهب إلى أن ما يبدو لن يصل لوضع احتراب بين بورتسودان وأديس اباب، خاصة وأن الأخيرة تحاول إدارة الخلاف بدبلوماسية عالية، ولم تتورّط حتى الآن في حرب السودان، عكس الجانب السوداني ودعمه لقوات التغراي واشراكها في الحرب وتسليحها، مما يعزز مخاوف الأثيوبيين، ما يدور صراع نفوذ إقليمي بغطاء محلي، تسعى من خلاله حكومة بورتسودان بناء تحالفات مؤقتة لإدارة صراعها مع الدعم السريع، بينما تدير إثيوبيا الملف من موقع أكثر توازناً وقوة، مستفيدة من وزنها داخل المنظومة الإفريقية، ومن إدراكها العميق لتعقيدات الجغرافيا السياسية في القرن الإفريقي.
بالرغم من تدخلات الإدارة الأمريكية إلى جانب الرؤية المصرية، منذ الفترة الرئاسية الأولى لترامب، واستقطاب المصريين للاتحاد الأفريقي واستمالة جانب (بورتسودان)، تمضي (أديس أبابا) غير عابئة نحو تدشين سد (الألفية).. تُرى هل تفتح (بورتسودان) جبهات حربية في مواجهة أثيوبيا عبر محاور شرق السودان..؟ أم ستجرف مياه السد الخلافات نحو دولة المصب..؟
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.