فـــي لحـــظةٍ تاريخــية فارقة، وبـــين ركام الحـــروب وأشــــلاء الصراعـــات التي مزّقت جسد السودان لعقود طويلة، يطلّ أفق جديد ينبض بالأمل. مشهدٌ لم يعتد عليه المواطن السوداني: رجل السلام الأول المــــــشير محـــــمد حــمـــدان دقـــــــلو ونائــــبه د/ عبــــــدالعـــــزيز الحـــلو، جنبًا إلى جنب وســــط الجماهيــــر، يعلنان ميلاد مرحلة تأسيسية تقود نحو وطنٍ يتسع للجميع. مشهد جمع بين الدهشة والتفاؤل، وأعاد للذاكرة سؤالاً ظلّ يتردّد منذ عقود: هل يمكن للسودان أن يصنع سلامًا حقيقيًا، يضع حــــدًا للتــــــشرذم والاقتــــتال، ويعـــيد للوطن مكانته الطـــبيعية بــــين الأمـــــــم؟
هـــــذا الســــــؤال ليــــس مـــجرد حروف او كلمات او ترف فكري، بــل هو جوهر اللحظة التي يعيشها السودان اليوم؛ لحظة تأسيس قيادة وريادة جديدة، قوامها المصالحة الوطنية، والعدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل للثروة والسلطة.
الســــودان.. تاريخ مــــن الأمـــل والخـــــيبة
منـــذ الاستــــــقلال في عـــــام 1956، ظــــل الســــودان أسير دوامةٍ لا تنتهي من الانقلابات العسكرية والصراعات السياسية. لم يتمكن الوطن من بناء مشروع وطني جامع، وظلّت الهوية السودانية ممزقة بين الانتماءات الجهوية والقبلية والأيــــــديولــــوجــــــية.
الحكـــــومات المتــــعاقبة فشــــلت في صيــــاغة عقـــــد اجتماعي يحفظ كرامة المواطن، ويضمن العدالة في توزيع الموارد. ومع صعود الحركة الإسلامية إلى السلطة، دخل السودان مرحلة مظلمة امتدت لعـــقود، حيث اســــتُبدلت قيم الوطنـــية بشعارات جوفاء، وجرى تهميش الهامش، وتعميق الانقسامات العرقية والجهوية، وتفكيك النسيج الاجتماعي.
فــي تلك الحقــــبة، تزايــــدت النزاعات المـــــــسلحة، وأصبحت مناطق دارفور، النيل الأزرق، وجبال النوبة ساحات للحرب. تعمّق الإقصاء، وتوسّعت رقعة الفقر، فيما تحوّل السودان إلى ساحة صراع سياسي وعسكري بلا نهاية.
مــــحطـــة 15 أبريــــل 2023.. الانفــــجار الــــــكبير
بلغـــــت الأزمــــــات ذروتها مع اندلاع حـــــرب 15 أبريل 2023، التي مثّلت أخطر نقطة في تاريخ السودان الحديث. لم تكن مجرد مواجهة بين قوى عسكرية، بل تحوّلت إلى زلزال سياسي واجتماعي واقتصادي.
انهـــارت مؤســــــــسات الدولــــة
تعـــــطلت الخــــدمات الأساســــية، من صحة وتعليم وكهـــــــــرباء وميــــــــاه
الــــــــملايين شُرّدوا بين النزوح والهــــــجرة
الاقتـــــصاد دخل مرحلة شلل كامل، والأســـــــواق انهارت.
النســـــــيج الاجتماعي تمزّق بفعل الخطاب العنصري والجهوي.
كانــــت الحـــــرب بمثــــــابــــة “الانفـــــجار الكـــــــبير” الذي عرّى هــــشاشة الــــدولة السودانية، وأظهر بوضوح أن بقاء الوطن على قيد الحياة يتطلب مشروعًا تأسيسيًا جديدًا، يُعيد بناء الدولة على أسس مختلفة تمامًا.
حـــــكومة التـــأسيس.. بارقـــــة أمــل جديـــدة
وســـــط هــــذه العتـــمة، ووســــط الدمــــار الذي خلّفته الحرب، برز أمل جديد مع إعلان تشكيل حكومة التأسيس. هذه الحكومة ليست مجرد إطار سياسي، بل هي حجر الأساس لميلاد السودان الجديد.
أولوياتهــــــا واضـــحة ومباشـــــرة:
الصـــحة والتعلـــــيم: باعتــــــبارهما العمود الفقري لأي نهضة حقيقية.
الــــــعدالة الاجتماعـــــية: رد الاعتبار لكل مواطن دون تمييز.
الكرامـــــــة الإنســـــانية: جعل الإنسان السوداني محور التنمية.
التـــــــوزيع الـــعادل للموارد: كسر مركزية السلطة والثروة وإعادة التوازن للمناطق المهمشة
المـــــشروع الوطني الجامـــــع: وطن يسع الجمـــيع دون استثناء.
هـــــذه المـــــبادئ تشــــكّل الإطار الذي يمكن أن يُعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة، ويضع السودان على طريق التنمية المستدامة.
رجــــل الـــــسلام الأول.. الـــــمشير محـــــمد حمـــــدان دقلو
في قـــــلب هذه الـــــمرحلة المفــــصلية، يبرز اسم المشير محمد حمدان دقلو كـ “رجل السلام الأول في السودان”. شخصية استثنائية تتسم بالحصافة والجرأة والقدرة على قراءة الواقع السوداني بعمق. ظهوره مع نائبه د. عبدالعزيز الحلو وسط الجماهير، لم يكن مجرد حدث بـــروتـــــوكـــولي، بل كان رسالة سياسية وإنسانية في آنٍ واحد: رسالة وحدة وتكاتف، ورسالة مفادها أن السودان لا يمكن أن ينهض إلا بتكاتف أبنائه
المـــــشــير دقلــــو قــدّم نفســــــه كقائد وطــــــني لا يبـــــحث عن سلطة بقدر ما يسعى إلى تثبيت قيم السلام والاستقرار. قيادته تتسم بملامح خاصة:
الــــقدرة على مخاطـــــبة الشارع الســـــوداني بلغة بسيطة ومباشرة.
روح وطنية متجردة من الحسابات الضيقة.
الانحياز لقضايا الهامش والمناطق المنسية.
التطلع إلى إعادة السودان لمكانته الطبيعية في الساحة الإقليمية والدولية
د/عــــــبدالعزيز الـــــحلو.. شريـــك الســـــلام
وإلى جانـــــبه يقـــــف د. عبدالعزيز الحلو، أحد أبرز رموز النضال في السودان الحديث. وجوده في موقع نائب رجل السلام الأول يحمل دلالة عميقة، فهو يمثل صوت المناطق المهمشة، ويجسد حلم آلاف السودانيين الذين حملوا السلاح يومًا، ثم اختاروا طريق السلام كخيار استراتيجي.
هــــذا التحالف بين دقـــــلو والحلو يجـــــسد معادلة جديدة: قيادة من المركز والهامش معًا، قيادة تعكس التنوع السوداني، وتضع لبنة مشروع وطني حقيقي
نحــــو عهــــد جديـــــد
الـــــيوم يقف الـــسودان أمام مفترق طرق. إما أن يظل أسيرًا لماضي الانقسامات والحروب، أو أن ينطلق في مسار جديد عنوانه السلام والتنمية. ولعلّ المشهد الذي جمع بين المشير محمد حمدان دقلو ود. عبدالعزيز الحلو وسط الجماهير، هو المؤشر الأوضح على أن السودان يسير نحو التأسيس لعهد جديد.
عــــــهدٌ يقــــــوم عــــــلى:
المـــــصالحة الوطنــــية: تجاوز الجراح القديمة
التنـــــمية المســــــــتدامة: الاستثمار في الإنسان قبل البنيان.
الســــــيادة الوطنيــــــة: إعادة الاعتبار لاسم السودان في المحافل الدولية.
الـــــــعدالة والريـــــادة: جعل السودان نموذجًا يُحتذى في المنطقة
إن ظــــهور رجل الـــسلام الأول المشـــــير محمد حمدان دقلو إلى جانب نائبه د. عبدالعزيز الحلو، ليس مجرد حدث سياسي، بل هو صفحة جديدة تُكتب في كتاب السودان. صفحة عنوانها: سلام يوحّد الوطن.
وبين التحديات والآمال، يظل الرهان الأكبر على قدرة هذه القيادة التأسيسية على تحويل وعودها إلى واقع، وعلى إرادة الشعب السوداني في أن يختار المستقبل بدلًا من البقاء في أسر الماضي.
لقــــد آن الأوان أن يُكتـــــب تاريخ الســــودان بلغة مختلفة، لغـــــة الوحــــــدة والســــــلام والنـــهضـــة والتنمــــــية المستدامــــة
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.