نيالا .. مدينة الفرص في انتظار حراك حكومة السلام

بقلم - محمد تاج الدين الحلو

 

بقلم – محمد تاج الدين الحلو

تنتظر مدينة نيالا، حاضرة جنوب دارفور، ومعها كل مدن السودان، لحظة إعلان الخطه التنموية لحكومة السلام لتكون بداية جديدة لمسار التنمية والاستثمار الوطني.

فهذه المدينة التي عانت من التهميش السياسي، تمتلك كل مقومات التحول إلى مركز اقتصادي متكامل إذا ما وُجهت إليها السياسات الاستثمارية الصحيحة وتم استنهاض رؤوس الأموال السودانية التي هجرت الوطن واتجهت إلى الخارج.

مدينة نيالا، الحاضرة الكبرى لجنوب دارفور وثاني أكبر مدن السودان، ليست مجرد مدينة إقليمية، بل هي مركز جغرافي استراتيجي يربط السودان بعمقه الإفريقي.

فمنها تنفتح الطرق التجارية نحو جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا ومصر، وتمتد آفاقها شرقاً نحو إثيوبيا وإريتريا. هذه الميزة تجعلها عقدة حيوية للتبادل التجاري وحاضنة طبيعية لمشاريع التنمية الإقليمية.

إن استثمار هذا الموقع المتميز وربطه ببرنامج وطني للتنمية الصناعية والزراعية يمكن أن يجعل نيالا نموذجاً لمدينة إنتاجية حديثة، ونقطة انطلاق حقيقية لتعافي الاقتصاد السوداني.

لقد شهدنا في السنوات الماضية كيف توجهت رؤوس الأموال الوطنية إلى دول الجوار: ففي إثيوبيا نشأت مشاريع للحوم والجلود ومصانع أدوية، وفي مصر استثمر السودانيون في مختلف الأنشطة، بل حتى في تشاد برزت محاولات لتأسيس صناعات جديدة.

أما السودان، فقد ظل أسيراً لتصدير المواد الخام وتشجيع التهريب، الأمر الذي سرّع وتيرة الانهيار الاقتصادي وصعّب فرص التعافي.

إن السؤال المنطقي الذي يجب أن نطرحه اليوم هو: لماذا لا نستثمر في الداخل ونبني نموذجاً وطنياً يبدأ من نيالا؟

ملامح برنامج استثماري وطني من نيالا:

• صناعات اللحوم والجلود: إنشاء مسالخ حديثة ومصانع تصنيع متكاملة لتغطية حاجة السوق المحلية والتصدير.

• الألبان ومشتقاتها: مصانع لتجفيف وتصنيع منتجات الألبان لتوفير قيمة مضافة للثروة الحيوانية.

• الصناعات الدوائية: تشجيع إقامة مصانع للأدوية والمواد الصيدلانية عبر شراكات مصرفية وحكومية.

• الصناعات الثقيلة: تعمير مصانع الأسمنت والحديد لمواجهة الطلب المتزايد محلياً وإقليمياً.

• الصمغ العربي: إقامة مصانع للتجفيف المبرد والتعبئة الحديثة لمواكبة السوق العالمية.

• المعادن والذهب: إنشاء مصافٍ ومراكز متخصصة في المعلومات الرقمية لرفع الكفاءة وتقليل التهريب.

• التعليم والتدريب: ربط التعليم المهني بالتدريب العسكري لتخريج شباب منضبط مؤهل للإنتاج كل ستة أشهر.

إطار الشراكة المطلوبة:

• الحكومة: تقديم الحوافز والبنى التحتية.

• المصارف المحليه او المدعومه عالمياً: توفير التمويل وضمان الاستقرار المالي للمشاريع.

• القطاع الخاص: ضخ رأس المال والخبرة مع ضمانات سيادية مع تقديم إعفاءات وفرص تشجيعيه.

إن جعل نيالا مدينة نموذجية ليس مجرد أمنية، بل هو مشروع وطني قابل للتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية والرؤية الاقتصادية وخصوصاً إن تم توجيه الاستثمار عبر الجهات الحكوميه كجزء من التخطيط ومشاريع تقويه الاقتصاد.

فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وهذه الخطوة هي أن تعلن حكومة السلام من نيالا برنامجاً استثمارياً وطنياً يعيد الثقة لرأس المال السوداني ويضع الاقتصاد على سكة الإنتاج لا الاستنزاف.

إن مستقبل السودان مرهون بقدرتنا على تحويل المدن إلى مراكز نمو حقيقية، ونيالا قادرة على أن تكون البداية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.