محاولتها التجمّل في أروقة القضاء العالمي.. حكومة (بورتسودان) تشكو الأمارات .. رمتني بدائها وانسلت

بقلم: أحمد الغالي
عندما توقفت أنفاس العالم صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023م،بسبب انفجار الحرب في السودان، ووقفت الدول تترقّب ما تؤول إليه موازين الحرب، كانت دولة الأمارات العربية الأقرب للشعب السوداني، تمد جسور حكمتها بين طرفي الحرب، وتحاول أطفاء نيران أشعلها (الإسلاميون) من أجل العودة للحكم، خاطبت الإمارات أطراف الحرب بضبط النفس، وإعلاء شأن الاستقرار في السودان، عندما كانت دول يُعتقد في كونها (شقيقة) تدفع بطيرانها لحماية نظام الخرطوم، وتقصف الأبرياء في سهول دارفور ومناطقها الآمنة، وتعلن انحيازها لمشعلي الحرب في الخرطوم.
التساؤل العالق الآن في (دراماتيكية) حرب أبريل، هل هي مواجهة بين الدعم السريع وجيش الاسلاميين، أم دولة الأمارات التي تسعى لسلام السودان أكثر من (قادة جيشه) المنوط به جلب الأمن والسلام لشعبه، ولا تلوح بارقة أمل في مجلس من شأنه جلب السلام للسودان إلا وكانت أول من يدعمه والجلوس على طاولة مداولاته، سخّرت خارجيتها وميزانيات ضخمة لتأكيد حرصها على استقرار السودان، في رحلة تطواف السلام السوداني بين مدن القارة الأفريقية، الأوروبية والآسيوية.
انشغلت محكمة العدل الدولية الأيام الماضية، أو بالأحرى تم إهدار وقتها بشكوى المدعي فيها (حكومة بورتسودان) ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، و(تُرهات) تواطؤها في إبادة جماعية خلال الحرب الأهلية التي تدور رحاها الآن في السودان، وكأنما شُوهد سلاحها الجوي يرمي البراميل المتفجرة على أكواخ المدنيين في دارفور، الخرطوم وولاية الجزيرة، ويحرق القرى على ساكنيها، أو تجتاح سرايا مشاته قرى الجزيرة وتذبح مواطنيها وتُبقر بطونهم،أو تحاكمهم بقانون الوجوه الغريبة في وطنهم، اتهامها بارتكاب جرائم حرب في دارفور، محاولة يائسة من (حكومة بورتسودان) لشغل العالم عن جرائم التصفية العرقية التي تمارسها الآن..
تأتي شكوى بورتسودان بعد أيام من هبوط طائرة مساعدات في مطار (بورتسودان)،هي ذاتها الطائرات التي يرى المتشككون أنها تحطّ في نيالا مُحملة بالأسلحة والذخائر لقوات الدعم السريع، الحكومة الأماراتية أعلنتها منذ بداية الحرب بأن المواطن السوداني خط أحمر، وأكدت حرصها على صيانة كرامته التي أهدرها جيش (الاسلاميين) وكتائبه، استهدفت الإنسان السوداني في بورتسودان، نيالا ووصلت مساعداتها واسطولها الجوي للسودانيين حتى في المنافي، التي ساهم الجيش السوداني في تكديسها بملايين الفارين من الجحيم الذي صنعه، في الوقت الذي تحلق فيه طائرات (الشقيقة) تنشر الرعب والموت في مدن تعتقد انها تحضن قوات الدعم السريع، ولم يتبادر لذهنها أن السودان أجمعه (حاضنة) لثوار دولة التأسيس، وأن ما يحدث في السودان ثورة ضد التهميش والأقصاء.
شكوى (الأسلاميون) بالرغم من سذاجتها إلا أنها أعلت من شأن دولة الأمارات، التي أثبتت تقديرها للعدالة الدولية والانصياع لمؤسسة عدلية تعاقدت الدول على احترامها، درس قدمته نائبة وزير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الإماراتية ريم الكتيب، نائبة وزير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الإماراتية، وممثلة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية في مرافعتها عن القوانين واختصاصات محكمة العدل الدولية، مؤكدة أن مزاعم (بورتسودان) ليست من احتصاصات المحكمة مع كامل تقدير بلادها لمؤسسة القانون الدولي.
وفد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية،قدم نموذجا للدولة المسؤولة التي تراعي مكتسبات الشعوب، جلسة المحكمة يومها كانت مسرحا ومنبرا ارسلت من خلاله الأمارات، رسائلها للعالم بأنها تحترم الإرادة الدولية،ولن يُكتب اسمها في التأريخ بأنها من يزيد أوار حرب السودان، وتساهم في فناء البشرية، وتأكد التزامها بسياسة مسؤولة ومتوازنة.
وفد (حكومة بورتسودان) لم يعبّر سوى عن هشاشة قيادته التي تبحث عن شرعية تضمن الاعتراف به دوليا، خطاب لم تغلفه الركاكة وحدها، بل الجهل بالقوانين الدولية، وفق حجج ضعيفة وواهية،فما الذي تستفيده (الإمارات) من إبادة السكان غير العرب في غرب دارفور؟.
ختاما..ليست الأمارات من يؤجج الحرب في السودان، بقدر ما تؤججها مليشيا الاسلاميين والجيش المُختطف، والجرائم التي يرتكبونها في مواجهة الشعب السوداني، لا ندافع عن الأمارات حين ننتقد (وفد القتلة) الذي يرمي بثقل جرائمه على الآخرين، (الأمارات) لم تدافع عن نفسها في قاعة العدالة الدولية، بقدر ما أحرجت (حكومة بورتسودان) وقدمت درساً قانونيا بليغا للمجتمع الدولي، لعل (السابلة) يتعلمون.
(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا).

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.