غباء وعنصرية وزير البرهان العجوز!

علي أحمد

سأل مذيع قناة القاهرة الإخبارية المصرية وزير خارجية حكومة الأمر الواقع في بورتسودان – مصري الهوى –: كيف تنتهي الحرب في السودان؟
فأجاب:
(إما أن نتقاتل حتى يتم حسم المعركة عسكرياً ويستسلم المهزوم، أو أن يتم تنفيذ المبادرة التي تبدأ بوقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الدعم السريع إلى مواقع محددة في مناطق ترحب بهذه القوات، وهي مناطق “قبلية” مرتبطة بالحاضنة القبلية لهذه القوات. هذه القوات ليست من كل السودان، بل من مناطق قبائل محددة تزودهم بالأفراد الذين يقاتلون الآن. وإذا وافقت “الميليشيا المتمردة” وقيادتها على تنفيذ خارطة الطريق، فهذا هو الطريق إلى السلام. وإذا لم توافق، ستستمر الحرب حتى ينتصر أحد الطرفين على الآخر).

جميل. إذن يا معالي الوزير، وقد قسمتم السودان إلى مناطق قبلية لا جغرافية، وتبنّيتم سردية الكيزان والقوميين الشماليين (البحر والنهر) في هذه الحرب – ولا بأس. ولكن، هل لنا أن نسألكم بكل تقدير واحترام: إذا طلبنا من سيادتكم العودة إلى حواضنكم وفقاً لهذا التقسيم، فإلى أين تعود أنت يا سيادة الوزير؟

أعرض عن هذا، يا علي الشريف، فمثلك لا يتبنّي هذا الخطاب، وكان جديرا بك تبنى خطاب المواطنة، ليس فقط لأنه الخطاب الصحيح الذي يُخرج السودان إلى بر الأمان ويُنهي الاحتقان القبلي والإثني والجهوي الذي رسّخه الكيزان في هذا البلد، بل لأنك شخصياً ستكون المتضرر الأكبر من تبنّي الخطاب القبلي أو الجهوي!

لكن دعنا من كل ذلك، ولننتقل مباشرة إلى تحليل أقوالك الغبية، التي لا تصدر حتى عن إنسان معتوه فقد رشده وأهليته، ووجب حجره. ألم تقرأ التاريخ؟ فالقبائل، يا أيها الوزير البورتسوداني العجوز، تتقاتل أيضاً أربعين عاماً وأكثر بسبب حصان أو جمل. فما الذي جعلك تطمئن – غاية الاطمئنان – إلى أن انسحاب الدعم السريع إلى مناطق نفوذه القبلي (إذا سلّمنا بصحة فرضيتك) سيجعل أهل الخرطوم والوسط والشمال آمنين؟

القبائل، كلما استقرت أحوالها، تغيّر وتغزو بعضها البعض. وحرب القبائل أكثر شراسة ودموية وانتقاماً من حرب الميليشيات والجيوش والجهات الجغرافية. فارعَوِ يا وزير الغفلة، ولا تروّج، ولا تسوّق، ولا تدعو، ولا تعمل على تحويل هذه الحرب إلى حرب قبائل؛ فحينها لن تجد السودان على خريطة العالم. وإن قدّر له الله البقاء، فسيكون ممزقًا، منقسمًا إلى دويلات شديدة الهشاشة والضعة والضعف، يسيطر عليها أمراء حرب، تُحارب كل واحدة منها الأخرى لتسرق مواردها ومقدراتها، ويُجبر سكانها على دفع ما كان يُعرف في عصور سحيقة بالجزية. ولكن حتى إن انقسمت البلاد إلى شبه دويلات من التحالفات القبلية، فإنك لن تكون من ضمنها. فما هذا “الهباب” الذي (تهببه) أيها العجوز الغبي؟!

أرجو ألا تغضب من كلمة “عجوز”، فأنا أقولها من وجهة نظري، لأن من يعيش طويلاً ويُعمر يُفترض به أن يكون أكثر حكمة مما أنت عليه. فلا أدري أين بدّدت الحكمة التي كان من المفترض أن تمنحك إياها سنوات عمرك الثمانين إلا قليلاً. ولكني أراك مندفعًا، لا تملك كوابح الشيوخ وحكمتهم، ولا ذكاء الشباب ولمعانهم. فأنت بين بين في كل شيء، حتى في مواطنتك – وأنا هنا لا أشير إلى جذورك أو أصولك، فأنا غير معنيّ بذلك – وإنما إلى تخليك عن دولة المواطنة، ودعوتك إلى دولة القبيلة.

فكأني بك هنا تطعن خاصرتك بمدية الكيزان العنصريين. وأنا على ثقة أنك لا تفقه ما تقول، ولا تدري ما تفعل، وهم يتلاعبون بك، فأنت ألعوبة لكل يد. وهذا لا يتسق مع خبرات من هم في عمرك. فهَوِّن على نفسك، أيها العجوز، واعتزل، وتُب إلى الله، وعُد إلى رشدك، وكن شريفًا مرة واحدة، بدلاً من هذا الترذُّل الذي تمارسه في أرذل العمر!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.