قتل المدنيين كسلوك تعويضي لهزيمة الجيش السوداني
بقلم/ سلافة أبو ضفيرة
فلنُعرف أولاً معنى الهزيمة كمدخل لهذا المقال، فحسب موسوعة التفسير الموضوعي (هَزَمَ) بمعنى: كسرَ وشققَ وحطمَ، وأصل (الهزم) كسر الشيء، وفي هزم العدو كسر له، أما المعنى الاصطلاحي للهزيمة فهو يدور حول المعنى اللغوي ولا يختلف عنه، فهي انكسار يعتري الخصم، سببه قتل أو أسر أو ضرر نفسي وقع من الطرف الآخر، وفي القرآن الكريم قال الحق عز وجل: {سيهزم الجميع ويولون الدبر} سورة القمر (٤٥).
في حالة السودان سنتحدث عن الهزيمة التي الحقتها قوات الدعم السريع بالقوات المسلحة خلال حرب الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣ والتي بسببها أصبح قصف المدنيين وذبح الثوار والمواطنين العُزل بمثابة سلوك تعويضي يقوم به الجيش السوداني وكتائب الظل التي تقاتل معه، كل هذا التشفي والوحشية بسبب خسارة الحاميات والمدن وهروب حكومة الأمر الواقع مرقمة إلى شرق السودان يعتبر حالة سايكوباتية جنونية ترى في الموت والذبح والقصف وسيلة لتحقيق غاية عجز عنها الجيش وهي إنهاء الحرب في ثلاث ساعات أو (أزبوع أزبوعين)، هذه الحرب التي شنها الجيش والإسلاميين (الكيزان) فلول حزب المؤتمر الوطني المحلول بأمر الشعب، كانت حسب ظنهم ستكون حرب خاطفة يقضون فيها على قوات الدعم السريع التابعة للجيش لأنها دعمت التحول المدني الديمقراطي، ويقضون فيها على ثوار ديسمبر الذين أسقطوا نظام السفاح عمر البشير، فسياسة الاخوان المسلمين منذ استيلاءهم على السلطة قائمة على القضاء على الخصوم ولو بعد حين وليت قومي كانوا يعلمون أن حرب الكرامة هذه ماهي إلا ثأر مؤجل ضد الشعب السوداني بسبب ثورته العظيمة، لكن الفخاخ الإعلامية والدعاية الحربية كانت أشد تضليلاً ونفاقاً، فالحرب التي بدأت بأكبر كذبة في التاريخ الإنساني وأقنعت السودانيين بموت قائد قوات الدعم السريع (حميدتي) مؤكد أنها ستستمر بذات الخداع للضمير السوداني عندما يقول من أشعلوها أن ذبح المدنيين تم لأنهم عبارة عن متعاونين، بينما يظل قائد الجيش الذي هو أكبر متعاون في عمليات قتل وتشريد الشعب السوداني، يظل حراً طليقاً دون محاسبة فارضاً نفسه كأمر واقع في حياة السودانيين والسودانيات.
عبد الفتاح البرهان الضابط الذي يريد أن يحكم على أشلاء السودانيين المتناثرة في الخرطوم وأم درمان وبحري و نيالا والجزيرة والكومة وطرة وكردفان، لا شيء يبقيه في الكرسي غير القتل، خفاش الظلام الذي إذا انقطع سفح الدم السوداني على أرض الطيبين سيموت جوعاً، فعلماء النفس يحللون حالة البرهان هذه بأن سببها الاحساس العام بالعجز فمنذ انقلابه في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ضد حكومة د. عبد الله حمدوك أصبح الرجل عاجزاً تماماً عن حل أي مشكلة تواجهه وتواجه الشعب السوداني، البرهان عاجز عن الذهاب للتفاوض واحلال السلام وإطعام الشعب الجائع، عاجز عن كف يد الإسلاميين عن التدخل في شؤون المؤسسة العسكرية بل وعاجز حتى عن نشر نتائج التحقيق في قضية مقتل فلذة كبده ومحاولة اغتياله هو شخصياً بمسيرة انتحارية، وتظل الصورة قاتمة في وجهه، فالشيء المشرق الوحيد الذي يراه البرهان هو عندما تحلق طائرات الجيش مع شروق كل شمس لتحمل البراميل المتفجرة وتقتل المدنيين في دارفور، طلعات جوية قُدرت حسب خبراء بأكثر من سبع مئة طلعة جوية استهدفت الأسواق والمدارس ودور الإيواء، فالبرهان وكتائب ظله الدواعش يطربهم سماع صوت القصف، ورجاءات الضحايا، وتُشكل مشاهد جماجم الأطفال والنساء والأشلاء لوحة وحشية تُدخل البهجة في نفوسهم القاتمة المريضة المتحجرة، لا توقفهم الادانات ولا العقوبات ولا المناشدات للذهاب للتفاوض وإنهاء الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الصابر الصامد، وهو يعدهم النصر والقضاء على آخر جُندي من قوات الدعم السريع وهم لا يعلمون أن نصر البرهان وكتائب ظله يعني المزيد من الضحايا والمزيد من القتل والذبح على أساس الهوية والمزيد من الخسائر، فمتى نقطع شريان التصفيق والتشجيع على استمرار هذه الحرب التي هي ضد المدنيين؟ فنحن مجرد ضحايا محتملون إما بالموت حزناً على من فقدناهم أو بالموت بطريقة مأساوية تشبه مأساة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.