المشتركة والجيش يجبرون الأطفال على التجنيد القسري
الفاشر – عين الحقيقة
شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصاعدًا مأسويًا في ظاهرة تجنيد الأطفال قسرًا خلال الحرب الدائرة في السودان بين عامي 2023 و2025. وتُعد الفاشر واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بالحرب، حيث تحولت إلى ساحة لانتهاكات جسيمة ضد الطفولة، تمثلت في اختطاف الأطفال وإجبارهم على المشاركة في الأعمال القتالية.
واتُهمت قوات المشتركة والجيش بشكل رئيسي بتجنيد الأطفال من قبائل الزرقة في دارفور، مستغلةً الظروف الاقتصادية الصعبة وانعدام الأمن الغذائي. ففي مناطق مثل جنوب حزام الخرطوم، مارست هذه القوات إكراهًا على العائلات بعد دخولها الشهر الماضي وإنسحاب قوات الدعم السريع حيث ربطت حصول السكان على الغذاء والدواء بانضمام أطفالهم إلى صفوفها . كما لجأت بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة في دارفور إلى خطف الأطفال من معسكرات النازحين أو من منازلهم، مستغلةً الفراغ الأمني وانهيار النظام التعليمي، حيث توقفت معظم المدارس عن العمل، مما ترك آلاف الأطفال بلا خيار سوى الانجرار نحو العنف .
وتنتهك هذه الممارسات بشكل صارخ الاتفاقيات الدولية، خاصة البروتوكول الإختياري لإتفاقية حقوق الطفل الذي يحظر تجنيد الأطفال دون 18 عامًا، ويعتبر تجنيد من هم دون 15 عامًا جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . ومع ذلك، أفادت تقارير أممية بتجنيد عشرات الأطفال من الفاشر، بعضهم لم يتجاوز التاسعة من العمر، واستخدامهم كدروع بشرية أو في أعمال استخباراتية .
وأدى تجنيد الأطفال إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. فبالإضافة إلى المخاطر الجسدية المباشرة مثل الإصابات والوفاة، يعاني الأطفال المجندون من صدمات نفسية عميقة، وفقدان الفرصة للتعليم، مما يهدد بضياع جيل كامل . كما زادت هذه الممارسات من حدة الانقسامات القبلية، حيث استُخدم الأطفال من قبائل معينة كأدوات في الصراع، مما عمّق جروح المجتمع الدارفوري .
ودعت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة مرارًا إلى وقف فوري لهذه الممارسات، وطالبت بتحقيقات عاجلة لملاحقة المسؤولين . لكن ضعف الآليات التنفيذية وغياب الاستقرار السياسي أعاقا تحقيق تقدم ملموس. على الصعيد المحلي، حاولت منظمات مجتمع مدني توثيق الحالات ونشر الوعي، إلا أن التهديدات الأمنية حدّت من فاعليتها .
وتظل قضية تجنيد الأطفال في الفاشر مثالًا صارخًا على تداعيات الحرب في السودان ، التي حولت الطفولة إلى وقود للصراع. يتطلب الحل تعاونًا دوليًا لفرض عقوبات على نظام الحركة الإسلامية ومليشياتها التي يشرف عليها البرهان ، ودعمًا إنسانيًا لإعادة تأهيل الضحايا، وإعادة إعمار النظام التعليمي لقطع الطريق أمام استغلال الأطفال. دون ذلك، ستستمر دائرة العنف في دارفور، حاملةً معها إرثًا من الألم للأجيال القادمة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.