الجنرال شمس الدين الكباشي.. هل يقوى على البقاء في (منابت) سوء الاسلاميين..؟

بورتسودان: عين الحقيقةِ
صراع الاسلاميين وشغفهم بالسلطة – حسب مراقبون – لم يُشعل فقط أتون حرب الخامس عشر من أبريل، بل يمضي في طريق إنهاء الدولة السودانية وتصفية الجيش السوداني من عناصره الوطنية، تقارير تؤكد تصفية عدد من الضباط غير المنتمين للتيار الاسلامي والداعمين للمواقف الرافضة للحرب، وتهديدات يعيشها البعض منهم، بينما يتصاعد خطاب تأجيج الحرب.. نائب قائد الجيش شمس الدين الكباشي من القيادات العسكرية التي يرى مراقبون أنهم الأقرب لتحقيق أمنيات الشعب السوداني باسكات صوت الرصاص وتجنيبهم شرور الحرب وأوجاع النزوح واللجوء.. فهل (الكباشي) الأقرب لفرض حالة من السلام..؟ أم تبتلعه أمواج الإسلاميين..؟
تقول سيرته الذاتية أن شمس الدين كباشي إبراهيم شنتو عسكري وأكاديمي سوداني، يعتبر العضو الخامس من العسكريين في تشكيل المجلس السيادي السوداني بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019. بدأ مسيرته العسكرية بتفوق أكاديمي وتدرج مهني، كان له دور محوري في الحياة السياسية بعد الثورة السودانية عام 2018، وشارك في التفاوض وتشكيل الحكومة الانتقالية، وأصبح أحد أبرز القادة العسكريين والسياسيين في البلاد. خدم في عدد من التشكيلات والوحدات، وشارك في مهام عسكرية بمختلف مناطق العمليات، بما في ذلك غرب النوير وبحر الغزال والدمازين وكردفان وأعالي النيل، وواصل التدرج في الهيكل العسكري حتى نال رتبة فريق أول في فبراير 2020، وأصبح نائبا للقائد العام للجيش.

خبير عسكري: وجود الكباشي في قيادة الجيش فرضته الحاجة المُلحة لتماسك ما تبقى من الجيش، بالرغم من رفض الاسلاميين وجوده في كابينة القيادة..

تماسك الجيش
(وُلد شمس الدين الكباشي عام 1961 في قرية أنقاركو الواقعة جنوب مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان.. نشأ في أسرة عُرفت بالانضباط العسكري متأثرا بوالده، كباشي إبراهيم شنتو، الذي كان جنديا في القوات المسلحة السودانية ضمن لواء الهجانة)..
الخبير العسكري د. قاسم عبدالهادي يذهب إلى أن أنتماء (الكباشي) لجنوب كردفان، جعل منه عنصراً مهماً في المكون القيادي للجيش السوداني بعد بداية حرب (15) أبريل، خاصة وأن التشكيلة الأكبر للجيش من أبناء جبال النوبة بعد خروج أبناء ولايات دارفور وكردفان وانخراطهم في الدعم السريع، وجود الكباشي في قيادة الجيش فرضته الحاجة المُلحة لتماسك ما تبقى من الجيش، بالرغم من رفض الاسلاميين وجود الرجل في كابينة القيادة، محاولة أبعاده تُثير مخاوف الاسلاميين من خروج أثنية جنوب كردفان، مما قد يغير مجريات الحرب بشكل كبير، وتحديداً أتضحت المخاوف بعد أنضمام عبدالعزيز الحلو لمنصة (تأسيس).

مطالبته بعدم تسليح المواطنين في مواجهة قوات الدعم السريع، دفع قيادات الحركة الإسلامية ، للاجتماع بالبرهان ومطالبته بضرورة إجراء تغيرات بمجلس السيادة على رأسهم (الكباشي)

تسليح المقاومة الشعبية
في أطار معالجة أوضاع الجيش وأعادة تشكيله في جغرافيا حرب (15) أبريل، بدأت ما عُرفت بالمقاومة الشعبية وعزز القائد العام للجيش الفريق أول البرهان دعاوى المقاومة الشعبية بقوله في لقاء جماهيري بالقاعدة العسكرية بـ(جبيت): (سنسلح الناس رضوا ذلك أو أبوا، وإذا جلب الناس سلاحاً للقتال من أي مكان فليأتوا به ولن نمنعهم..).. ذهب مراقبون وقتها أنها منذ ظهورها أعادت المقاومة الشعبية للإذهان عودة النظام السابق (نظام البشير) عبر كتائب ما عرفت بـ(الدفاع الشعبي) الجناح المُسلح للاسلاميين، تشكيل المقاومة دفع الاسلاميين لحل لجان التغيير والخدمات وتكوين لجان للاستنفار في الولايات..
تشكيل المقاومة دفع بعدد من الضباط لرفض الخطوة، مما وضعهم في مواجهة مباشرة مع قبادات الاسلاميين، شمس الدين الكباشي من الرافضين لتسليح المواطنين في مواجهة قوات الدعم السريع، وطالب بإيقاف تسليح المواطنين، ما جعل قيادات نافذة من الحركة الإسلامية ، للاجتماع بالبرهان ببورتسودان وطالبته بضرورة إجراء تغيرات بمجلس السيادة على رأسهم (الكباشي) إضافةً الي مدير جهاز المخابرات (مفضّل)، وقال مراقبون وقتها أن رفض البرهان لمطالبهم نابعاً من إدراكه لمآلات الخطوة في حال إقالة (الكباشي) .

باحث: (الكباشي) من القيادات العسكرية التي ترى أن الحرب ستستمر في حال عدم تقديم تنازلات والجلوس للتفاوض، ويعبّر من خلال رأيه عن قطاعات واسعة من العسكريين داخل المؤسسة

(الكباشي).. البحث عن السلام
بالرغم من الأتهامات التي يسوقها البعض بأن (الكباشي) ينتمي لتنظيم الأسلاميين، إلا أن الواقع يُكذب ذلك.. حيث أن (الرجل) من أكثر العناصر بحثاً عن السلام من خلال تحركاته التي وجدت رفضاً من الإسلاميين، لقاءه مع القائد الثاني لقوات الدعم السريع الفريق أول عبدالرحيم دقلو في العاصمة البحرينية المنامة اتسم بالإيجابية. وتوصل الطرفان وقتها إلى أن شريحة داخل الجيش لديها رغبة حقيقية في وقف الحرب، واعتبر مراقبون أن كباشي ضمن الأطراف التي غيرت مواقفها وباتت تنادي بالحلول التفاوضية وليس مواصلة الحرب، وهو ما يتلاقى مع رغبة قوات الدعم السريع التي أظهرت مواقف إيجابية واضحة من مسألة التوجه نحو الحلول السلمية.
الباحث في الشؤون الأفريقية محمود عبدالسلام ذهب إلى أن شمس الدين الكباشي من القيادات العسكرية التي ترى أن الحرب ستستمر في حال عدم تقديم تنازلات والجلوس للتفاوض، ويعبّر من خلال رأيه عن قطاعات واسعة من العسكريين داخل المؤسسة، مما يجعل هذه الرؤية متعارضة مع الداعمين لعودة النظام السابق الذين لهم تأثير قوي داخل المؤسسة العسكرية، بالرغم من إدراكهم أن استمرار الصراع لا يصب في صالح الجيش، وقد يفتح البلاد على سيناريوهات أكثر قتامة.
العام الماضي كشف مصدر العسكري عن تحركات ولقاءات جمعت (الكباشي) بقيادات عسكرية نافذة من حركات سلام جوبا، بجانب قيادات سياسية كانت لها مواقف متشددة في السابق ضد التفاوض وإيقاف الحرب، حيث اعتبر مراقبون أن (الكباشي) يمكن أن يكون الحصان الأسود في رهان حرب السودان .

باحث: أشارة (الكباشي) لحاجة الجيش لمقاتلين تتضمن تصريحاً ضمنياً بعدم وجود قوات حقيقية مقاتلة، مما يؤكد الأزمة التي يعيشها الجيش

(الكباشي) يجدد الرفض
مرة أخرى يتصاعد الصوت الرافض لتسليح المدنيين، حيث خاطب عضو مجلس السيادة شمس الدين الكباشي، الاسبوع الجاري مجموعة من ولاة الولايات، ولم يفته الإشارة لقناعاته برفض تسليح المواطنين، وأن البلاد ستواجه مشكلات اجتماعية كبيرة بعد الحرب وانتشار السلاح خطر كبير ينتظر الحكومة. حيث أشار إلى إن انتشار السلاح في البلاد أفرز وضعاً خطراً يمثل تحدياً مزعجا للدولة، مؤكدا أن خطابات الكراهية التي أفرزتها الحرب غير مقبولة وتتطلب من الجميع الانتباه، مضيفاً أن السودان دولة واحدة وأن الشروخ التي حدثت تحتاج إلى معالجات واعية.
يمضي (عبدالسلام) قائلاً: أشارة (الكباشي) لحاجة الجيش لمقاتلين تتضمن تصريحاً ضمنياً بعدم وجود قوات حقيقية مقاتلة، مما يؤكد الأزمة التي يعيشها الجيش، وانسحاب مكوناته من الحرب بسبب تدخل الإسلاميين، والزاقع يؤكد أن حديث (الكباشي) عو وجود ارتكازات تتبع للجيش يسيطر عليها المستنفرين وكتائب الحركة الإسلامية، ويمضي: الكباشي أكد بشكل واضح أن سيطرة الإسلاميين على الجيش لن تقود لانتصار..

الكباشي: نحذر من استغلال القوى السياسية للمقاومة الشعبية لتحقيق أهداف خاصة بها

مكايدات الجنرالات
كيف تبدو العلاقة بين جنرالات كابينة قيادة الجيش..؟ تساؤل تُجيب عليه تمايزات الجنرالات واصطفافهم حول جوانب الموقف من الحرب، الجنرال ياسر العطا يبدو الأقرب من الإسلاميين، لكن وفق التراتيبية العسكرية يتقدمه (الكباشي) مما يجعل الأخير الأقرب لقيادة الجيش، تتعلق به آمال الباحثين عن خطوة توقف الحرب التي تتمدد الآن صوب العاصمة (الاضطرارية) بورتسودان.
مساعد قائد الجيش الفريق أول ياسر العطا: قال في تصريحات سابقة إنه يجب عدم التوقف عند الاتهامات الموجهة للجيش بالتحالف مع مؤيدي النظام السابق من الإسلاميين، مضيفاُ: نحن نرحب بكل من يقاتل في صفوف الجيش ضد الدعم السريع، التصريحات تأتي بعد أربعة أيام من تصريحات نائب القائد العام للجيش الفريق أول شمس الدين كباشي التي حذر فيها من استغلال القوى السياسية للمقاومة الشعبية لتحقيق أهداف خاصة بها ، وأعلن عن أنهم يعكفون على قانون ينظم مشاركتها في القتال إلى جانب القوات النظامية.

تأهيل (الكباشي) أكاديميا وعسكريا يجعله الأكثر قدرة على إحداث التحول في بنية الجيش السوداني، عكس الجنرال ياسر العطا الذي تتقاذفه قرارات الاسلاميين

الكباشي وإن بدأ (أداة) لتماسك الجيش على خلفيته المناطقية، إلا أن تأهيله أكاديميا وعسكريا يجعله الأكثر قدرة على إحداث التحول في بنية الجيش السوداني، عكس الجنرال ياسر العطا الذي تتقاذفه قرارات الاسلاميين.
حرب تتمدد الآن في مناطق نفوذ الجيش لتشمل السودان جميعه، ولا بارقة أمل تلوح في فضاء حرب (15) أبريل لأن تتوقف، جنرالات تجمعهم البزة العسكرية، وتتخاطفهم قرارات مختلفة تحت قيادة الإسلاميين، وبينما يبحث الإنسان السوداني عن الخلاص، يتعقد المشهد بحصارات الداعمين للحرب واستمرارها..
الجنرال (الكباشي).. هل يعبر حاجز التوقعات ويُدير دفة كابينة قيادة الجيش نحو (جدة) أم يظلُ معلقا بين أهواء الإسلاميين؟ مخاطرا بمن تبقى من الشعب السوداني..؟ هل يقوى (الكباشي) ومن معه من الضباط (الوطنيين) على البقاء في (منابت) سوء الاسلاميين؟ أم هنالك مخرج..؟ وهل يكتب (الكباشي) في سجل التأريخ بأنه من أوقف حرب العامين التي أشعلها الإسلاميون..؟ أم سيبقى الحال كما هو عليه..؟

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.