عقب لقاء “حفتر – السيسي” : هل تحول موقف “القاهرة” وقبلت بدور الدعم السريع في المثلث الحدودي؟

نيروبي - عين الحقيقة

فرضت سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة المثلث الحدودية مع ليبيا ومصر واقع جديد انعكس على رسم خارطة العلاقات والمواقف السياسية بين كل من “مصر وليبيا” تجاه السودان، وعقب احكام الدعم السريع كامل سيطرته على الحدود الليبية، بدأت تحركات ومباحثات مشتركة بين حكومة شرق ليبيا والحكومة المصرية، لمناقشة الوضع الجديد الذي فرضته قوات الدعم السريع.

وكان حميدتي قد أعلن، في يونيو الماضي، عن سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة المثلث الحدودي قرب جبل العوينات، مؤكدًا أن الخطوة ستسهم في “ضبط أمن الحدود ومنع تهريب البشر والسلاح”، كما أشار إلى أن علاقته بمصر “قيد المراجعة”، متهمًا أطرافًا سودانية بمحاولة دق إسفين بينه وبين القاهرة.

ولم تمضي أيام على سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة المثلث حتى التقى قائد الجيش الوطني الليبي المشير “خليفة حفتر” بالرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في مدينة العلمين، وسبق هذه اللقاء زيارة “صدام حفتر” رئيس أركان القوات البرية بالجيش إلى القاهرة اذ أجرى مشاورات مع الجانب المصري.

بالرغم من زيارة حفتر إلى القاهرة لم تخرج بنتائج معلنة إلا أن الجانبين ركزا على محاربة الإرهاب وهي ذات القضية المشتركة التي تهدد أمن الدول الثلاث..

وبالرغم من زيارة حفتر إلى القاهرة لم تخرج بنتائج معلنة إلا أن الجانبين ركزا على محاربة الإرهاب وهي ذات القضية المشتركة التي تهدد أمن الدول الثلاث، وفي خطابه الأخير أشار قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو أن بسيطرتهم على المثلث سيعملون على محاربة الإرهاب خاصة وأن المثلث من المنافذ الهامة التي يستسلل بها الإرهابيون إلي ليبيا ومن ثم إلى أروبا وكذلك الهجرة غير الشرعية التي تؤرق مضاجع الحكومات الأوروبية.

ويبدو أن توافقا ما قد تم بين مصر وليبيا على ضرورة التعامل مع قوات الدعم السريع في حفظ الأمن في منطقة المثلث خاصةً، وأن لديها خبرة سابقة في المنطقة واستطاعت ضبط عدد من الجرائم المتصله بتهريب المخدرات والبشر والسلاح في تلك المنطقة.

وكان قد تزامن لقاء حفتر بالسيسي لقاء من جانب آخر جمع بين قائد الجيش بالسودان عبد الفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأكد مراقبون أن حفتر اقترح على السيسي قبول الدور الذي يمكن أن تقوم به قوات الدعم السريع في الحدود، ولكن مصر لا تريد أن تعلن عن موقفها بالموافقة في العلن منعا للاحراج أمام حليفها البرهان، لكن في ظل تعقيدات المشهد السياسي والامني والعلاقات الوطيدة بين السيسي وحفتر يجعل من إنتقال مصر إلى علاقة غير مباشرة مع الدعم السريع في منطقة المثلث أمر متوقع.

مصر تمسكت عن الحديث عن ما يدور في المثلث الحدودي، وجاءت تصريحات المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية عقب لقاء (حفتر ـ السيسي)..

وبالفعل مصر تمسكت عن الحديث عن ما يدور في المثلث الحدودي، وجاءت تصريحات المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية عقب لقاء (حفتر ـ السيسي) بعيدة عن التوضيح المباشر وإنما أشار بأن “اللقاء أكد على خصوصية العلاقات الأخوية الوثيقة بين مصر وليبيا، لافتاً إلى أن الرئيس السيسي شدد على أن استقرار ليبيا وأمنها يعد جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري”، موضحا أن “مصر تبذل أقصى جهودها، بالتنسيق مع الأطراف الليبية والقيادة العامة للجيش الليبي، من أجل دعم الأمن والاستقرار في ليبيا”.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية أن “ الرئيس السيسي أعرب عن تقدير مصر للدور الوطني الذي يضطلع به الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب، والذي ساهم في القضاء على التنظيمات الإرهابية في شرق ليبيا”.

ومن جانبه، أكد المشير حفتر على بالغ تقديره “للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا”، مشيدا بـ “الجهود المصرية الدؤوبة في دعم ومساندة الشعب الليبي منذ اندلاع الأزمة.

ومنذ وصول الدعم السريع إلى أقصي الحدود الشمالية بدأت تطرح تساؤلات عن هل مصر تقبل بأن تلعب قوات الدعم السريع دورا محورياً في المثلث، وكانت قد ترددت أنباء عن أن مصر قبلت بالفعل بالوضع الجديد في الحدود المشتركة وانها ستتعامل مع الدعم السريع فيما يتعلق بالتهربب والهجرة غير الشرعية لكن ذلك الاتجاه لم يبدر من مصر مباشرة، وما يؤكد ذلك هو ذات الموقف المؤيد والداعم للجيش بحيث لم تعلن عن أي دعم مباشر له بالرغم من تأكيدات لانخراطها في التدخل المباشر في حرب السودان.

التحول في المواقف السياسية مرهون بالتحديداث الميدانية في حالة الحروب، وهذا ما ظهر في خطاب قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو..

ولعل التحول في المواقف السياسية مرهون بالتحديداث الميدانية في حالة الحروب، وهذا ما ظهر في خطاب قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو في خطابه الأخير، حيث ذكر انهم ليست لديهم مشاكل مع مصر وفي استعداد لمعالجة سوء التفاهمات معها.

واعتبرت الخبيرة الاستراتيجية في مركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتورة أماني الطويل، أن الخطاب المصوّر للقائد “حميدتي” بشأن سيطرة قواته على منطقة المثلث الحدودي شمال السودان، لا يُعبّر عن تواصل فعلي مع القاهرة، ولا يعكس أي تحول في الموقف المصري الرسمي تجاه الصراع السوداني.

وفي تصريحات أدلت بها خلال برنامج بثّته قناة “دويتشه فيله” الألمانية، قالت الطويل إن رسائل التطمين التي وجهها “حميدتي” إلى “مصر، ليبيا، وتشاد” ، تحمل بعدا عسكريًا أكثر من كونها جزءًا من مسار دبلوماسي منظم، مضيفة: “لا أدري إن كان هناك تواصل مباشر مع الحكومة المصرية، لكن الخطاب يبدو أقرب إلى محاولة للتموضع الإقليمي”.

وأشارت إلى أن منطقة المثلث شديدة الحساسية والاستراتيجية، تتقاطع فيها مصالح” مصر وليبيا وتشاد” .

وقدمت الطويل قراءتين ممكنتين لخطاب “حميدتي”، حيث رأت أنه يسعى إلى إعادة تموضعه في مواجهة الجيش السوداني
كما حمل خطابه رسالة مزدوجة موجهة للداخل السوداني وللخارج، تفصح عن رغبة في النأي عن بقايا النظام السابق، والسعي نحو قبول إقليمي أوسع.

وأضافت أن مصر تواصل جهودها الرامية إلى جمع الفرقاء السودانيين على طاولة حوار وطني شامل، مشيرة إلى مشاورات تمهيدية تُجرى بهدف تنظيم مؤتمر مرتقب خلال العام الجاري. وتابعت: “اليوم التالي للحرب يجب أن يُبنى على توافق مدني – عسكري واضح، ومصر تسعى لدعمه وتيسيره”.

ويرى محللون أن السيطرة على المثلث الحدودي قد تمثل نقطة تحول في علاقة قوات الدعم السريع بدول الجوار، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات أمنية واقتصادية متسارعة، تجعل من هذه البقعة الصحراوية البعيدة عاملًا مؤثرًا في إعادة رسم ملامح النفوذ بمنطقة القرن الإفريقي وشمال إفريقيا.

تقارير:

القاهرة لم تتخذ موقفاً قاطعاً ضد حفتر في هذا الملف إدراكاً منها لحجم النفوذ الذي يتمتع به في الشرق والجنوب. وان مصر لا تزال بحاجة لاستمرار التعاون مع حفتر..

ووفقاً لما أورده ‏موقع “العربي الجديد” الممول من قطر أن السيسي لدى لقائه حفتر أعرب لحفتر عن انزعاجه من سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا.

كما طالب بضبط مسارات الدعم غير المباشر، وعدم السماح باستخدام الأراضي الليبية في تهديد الأمن القومي المصري أو تقويض موقف حليفها البرهان.

وذكرت تقارير صحفية أن القاهرة لم تتخذ موقفاً قاطعاً ضد حفتر في هذا الملف إدراكاً منها لحجم النفوذ الذي يتمتع به في الشرق والجنوب.

وان مصر لا تزال بحاجة لاستمرار التعاون مع حفتر في ملفات أخرى، مثل تعيين الحدود البحرية، وتأمين سلاسل الإمداد وطرق التهريب.

اما البرهان فإنه طلب من السيسي تشديد الضغط على حفتر لضبط نشاط وحداته في الجنوب الليبي، والتوقف عن دعم قوات الدعم السريع.

وأشارت المصادر إلى أن البرهان لم يتلقَّ إجابة واضحة، لكنه قوبل بتأكيدات مصرية على الحرص على وحدة السودان واستقراره وعدم التدخل في مسارات الصراع الداخلي.

ويبدو أن القاهرة بدأت بالفعل مراجعة صامتة لموقفها في السودان، إذ تخلّت عن الانحياز الكامل للبرهان، وبدأت بالانفتاح على المبادرات الإقليمية لتشكيل حكومة مدنية انتقالية. ‎

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.