صراع المناصب .. هل يطيح بتحالف بورتسودان؟

بورتسودان - عين الحقيقة

بالرغم من تسريب معلومات عن حسم قائد الجيش أزمة قسمة السلطة بين مكونات تحالف الحرب، في بورتسودان، الا أن ثمة أزمة مكتومة ما زالت تراوح مكانها، لا سيما في ظل التعقيدات التي يواجهها رئيس الوزراء المكلف كامل إدريس في اعلان كلي للحكومة، لكنه اكتفة بإعلان جزئي لمرتين شمل أربعة حقائب.

ومع سعي حركات الكفاح المسلح العودة إلى مناصبهم السابقة التي ظلوا بها لخمس سنوات برزت احتجاجات واسعة على تلك المساعي، خاصةً وأن تلك المناصب تعتبر ذات أهمية كبيرة لما تمثله من تحكم وسيطرة على موارد البلاد.

وكان قد أعلن الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة محمد زكريا مؤخراً، أن الأطراف الموقعة على اتفاق جوبا للسلام توصلت إلى توافق مع الشركاء في بورتسودان يقضي بتخصيص ست وزارات اتحادية للموقّعين، خمس منها لمسار دارفور وواحدة للمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).

رغم التفاهم الذي تم التوصل إليه في بورتسودان، لا تزال التحفظات قائمة من بعض الأطراف داخل الحكومة الانتقالية..

إلا أن هذا الحديث لم يكن نهاية المطاف بالنسبة للاصوات المعارضة لعودة د. جبريل ابراهيم إلى منصب وزارة المالية ومحمد بشير أبو نمو وعودة حصة وزارة المعادن إلى حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي.

ويأتي حديث محمد زكريا في ظل تصاعد الخلافات السياسية بشأن توزيع الحقائب الوزارية، وسط مساعي رئيس الوزراء المكلف د. كامل إدريس لتشكيل حكومة باسرع وقت ممكن.

ورغم التفاهم الذي تم التوصل إليه في بورتسودان، لا تزال التحفظات قائمة من بعض الأطراف داخل الحكومة الانتقالية، حيث ترفض جهات سياسية حصر بعض الحقائب السيادية في يد فصائل محددة، لا سيما الوزارات ذات الطابع الاقتصادي كـ”المالية” و”المعادن”.

وتطالب هذه الجهات بأن يتم التعامل مع نسبة الـ25% المنصوص عليها في اتفاق جوبا باعتبارها حصة كلية غير مرتبطة بحقائب بعينها.

جوبا نصّت على منح الموقعين 25% من الحكومة الانتقالية، إلى جانب ثلاثة مقاعد في مجلس السيادة..

ووقّعت الحكومة الانتقالية التي أطاح بها البرهان وعدد من الحركات المسلحة في أكتوبر 2020 اتفاق جوبا للسلام، الذي لعب فيه قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” دواراً مهما في إنجازه، و الذي نصّ على منح الموقعين 25% من الحكومة الانتقالية، إلى جانب ثلاثة مقاعد في مجلس السيادة، ونسب محددة في السلطة التشريعية والتنفيذية بالولايات، دون أن يُحدّد الاتفاق أسماء وزارات بعينها.

ويُعد هذا الاتفاق المرجعية الأساسية لتوزيع الحصص بين الحركات، إلا أن بعض القوى المدنية وأحزاب الوسط ترى أنه أصبح بحاجة إلى مراجعة سياسية تراعي التطورات الجديدة في البلاد، لا سيما بعد التدهور الأمني والاقتصادي وتوسّع دائرة الصراع المسلح.

وبالرغم من تغير المشهد السياسي في البلاد عقب اندلاع الحرب إلا ان الحركات المسلحة، وعلى رأسها العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي، تصرّ على الحفاظ على التوزيع السابق الذي أتاح لها حقائب بارزة خلال المرحلة الانتقالية الماضية، في حين يطالب آخرون بإعادة النظر في هذا التوزيع خاصة التنظيمات السياسية الجهوية التي تشكلت عقب الحرب بالإضافة لما يسمى بكيان الشمال.

رئيس كيان الشمال ـ رئيس مسار الشمال في اتفاقية جوبا محمد سيد أحمد الجاكومي طالب بربع السلطة” في حكومة ما تسمى بالأمل وهدد بأن كافة الخيارات مفتوحة ويقول الجاكومي، فيما يرى الجاكومي أن وزارات المالية والتعدين والشؤون الاجتماعية يجب أن تُسند إلى كفاءات مستقلة، وأعلن عن رفضه استئثار جهة محددة بالسلطة.

أكد المجتمعون ضرورة الشروع الفوري في استكمال وتفعيل آليات تنفيذ اتفاق جوبا، إلى جانب إنشاء آلية رئيسية للتشاور..

ويبدو أن صراع المناصب بين مكونات تحالف بورتسودان لن ينتهي بحسم منصبي وزارة المالية والمعادن، إذ هنالك صراع آخر ما زال مستمراً حول بقية الحقائب الوزارية، وكانت قد أكدت أطراف اتفاقية جوبا لسلام السودان – مسار دارفور، أهمية تنفيذ الاتفاقية والالتزام بتمثيل الأطراف في مجلس الوزراء كحزمة واحدة دون تجزئة، وجاء ذلك خلال اجتماع عقدته الأطراف مساء أمس، بحضور رؤساء التنظيمات وكبار المفاوضين.

وبحسب البيان الصادر عن الاجتماع، والذي وقّعت عليه ست حركات، أبرزها “تحرير السودان” و”العدل والمساواة”، فقد أكد المجتمعون ضرورة الشروع الفوري في استكمال وتفعيل آليات تنفيذ اتفاق جوبا، إلى جانب إنشاء آلية رئيسية للتشاور، فضلاً عن تشكيل الأجهزة التنفيذية الأخرى، بما في ذلك تعيين ولاة الولايات.

وعن مبررات تمسك حركات دارفور الموقعة على اتفاق جوبا بمناصبهم السابقة يشير محمد زكريا، الناطق باسم حركة العدل والمساواة، إن رؤيتهم تتمثل في البقاء في الوزارات ذاتها قبل حل الحكومة، مؤكداً أن الحوار لا يزال جارياً حول القضية.

وترى أطراف أخرى في اتفاق سلام جوبا، ضرورة تمثيلها في مجلس الوزراء، أسوةً بأطراف مسار دارفور.
ومع تأخر رئيس وزراء حكومة بورتسودان في اعلان حكومته، يؤكد ذلك أن الخلافات لم تحسم بعد وحتى أن تم حسمها بإعلان الحكومة متضمنة عودة جبريل ابراهيم إلى وزارة المالية والمعادن إلى حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي يتوقع أن تشعل احتجاجاً عاصفاً، يهدد استمرار تماسك تحالف بورتسودان الهش القائم على مصالح مشتركة من بينها السلطة والثروة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.