صحيفة ومنصة (عين الحقيقة) تُجري حوار إستثنائي مع رئيس المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع الدكتور حذيفة أبونوبة
حوار: عين الحقيقة
في أول حوار صحفي له منذ إندلاع الحرب في 15 – أبريل – 2023م رئيس المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الدكتور حذيفة مصطفى أبو نوبة، يخرج عن صمته ويجيب على الأسئلة الصعبة في حوار إستثنائي مع صحيفة ومنصة (عين الحقيقة) في هذه الحوار تحدثنا معه بوضوح وصراحة شديدة عن من الذي أطلق الرصاصة الأولى في حرب أبريل؟ بجانب سؤالنا له حول الدلائل والوثائق التي تثبت وتؤكد أن الحركة الإسلامية هي من بدأت الحرب، عرجنا معه إلى أسباب تراجع سيطرت قوات الدعم السريع الميدانية، والتعقيدات والتحديات التي تواجه قوات الدعم السريع، وموقف الدعم السريع تجاه التغيير الشامل والتحول المدني الديمقراطي، وسألناه أيضاً عن مستقبل السودان بعد ميلاد تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) وإمكانية تحقيق أشواق وامنيات الشعب السوداني عبر أهداف هذا التحالف .. الانقسام الاجتماعي وتفشي خطاب الكراهية الذي تشهده البلاد، وبناء سودان جديد تسوده العدالة الإجتماعية، والعدالة الجنائية والدولية الخاصة بانتهاكات طرفي الحرب، وإمكانية نجاح حكومة الوحدة والسلام المرتقبة في تحقيق أهدافها المعلنة في الميثاق السياسي والدستور، كل هذه الأسئلة كانت حاضرة في حوارنا معه، وسألناه من تخوف البعض من أن ينتج تحالف (تأسيس) دولة (56) جديدة، وعن تعامل الحكومة الجديدة مع ملف الحرب، والجهود للعودة للمفاوضات بين طرفي الصراع، وسألناه أيضا عن: هل ستكون المفاوضات بين الجيش والدعم السريع أم بين الجيش وتحالف تأسيس؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كانت حاضرة في حوارنا مع رئيس المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع الدكتور حذيفة أبونوبة، ورد عليها بكل طيبة نفس وأريحية وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار.
لدينا معلومات ووثائق تؤكد أن الحركة الإسلامية عبر ضباطها داخل الجيش هم من أطلقوا الرصاصة الأولى في حرب أبريل..
*دعنا نبتدر حوارنا بحرب 15 أبريل 2023م .. بصراحة شديدة من الذي أطلق الرصاصة الأولى؟
الوقائع على الأرض والتسلسل الزمني للأحداث، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن قوات الدعم السريع لم تبدأ بإطلاق النار، وفي صباح يوم 15- أبريل تعرضت قواتنا لهجوم مباشر من وحدات تابعة للجيش في محيط المدينة الرياضية، وكان ذلك الهجوم مدبراً ومنسقاً، وتقوده قيادات عسكرية معروفة بانتمائها للحركة الإسلامية، ولدينا من الثوابت والمعلومات والوثائق ما يؤكد ذلك، بل إن قائدًا رفيعاً في الجيش – وهو قائد اللواء الأول آنذاك – صرح في لقاء مفتوح مسجل أنه هو من تحرك بقواته تجاه المدينة الرياضية وفتح الاشتباك للأسف، وهذا القائد تمت تصفيته في اليوم التالي لذلك اللقاء، وهو ما يُثير تساؤلات خطيرة عن من يحاول طمس الحقيقة، وإننا نملك هذه التسجيلات والمعلومات والأدلة الكافية وسنُقدمها في اللحظة التي تُتاح فيها فرصة وطنية للحقيقة والمصالحة.
*لكن قبل ذلك التاريخ وفي 13 – أبريل حاصرت قوات الدعم السريع مطار مروي .. ما هي الأسباب الموضوعية لذلك؟
الإجراء الذي اتخذته قوات الدعم السريع في مروي كان مرتبطاً بسياق أمني معقد وبعلم قائد الجيش، ومعلومات ميدانية حول تحركات عسكرية تُخالف روح الاتفاقات الجارية بوجود قوات أجنيبة، وقد تم ذلك تحت تقديرات ميدانية كان الهدف منها حفظ التوازن ومنع تفجر الموقف، وكنا نحاول تفادي الحرب لا إشعالها.
*قائد قوات الدعم السريع، ظل يتهم الحركة الإسلامية بإشعال حرب أبريل .. هل لديكم دلائل ووثائق إثبات تؤكد ذلك الاتهام؟
ما نقوله ليس اتهاماً سياسياً عابراً، بل توصيف لمواقف ومؤشرات ميدانية وسياسية، نحن في المجلس الاستشاري لا نوزع الاتهامات جزافاً، ولكن لدينا من الوقائع والتسريبات والشهادات ما يُشير بوضوح إلى دور تيارات ظلت تُعرقل التحول المدني وتدفع باتجاه المواجهة، ويجب أن تكون المنصات القضائية هي الفيصل إن أردنا تأسيس دولة القانون، وحينها سيدرك السودانيين الحقيقة.
قائد اللواء الأول اعترف في لقاء صحفي مفتوح ومسجل بأنه هو من تحرك بقواته تجاه المدينة الرياضية وفتح الاشتباك، وللأسف هذا القائد تمت تصفيته في اليوم التالي لذلك اللقاء لطمس الحقيقة..
*بعد مرور 27 شهراً على حرب أبريل تراجعت سيطرة قوات الدعم السريع ميدانياً .. ما هي أسباب ذلك التراجع؟
في الحروب الطويلة والمتعددة الجبهات، هناك تقدم وتراجع، وهذا أمر طبيعي في حسابات الاستراتيجية العسكرية، لكن يجب أن يُفهم أن قوات الدعم السريع ليست مجرد تشكيل عسكري بل قوة ذات مشروع، وقوتها لا تُقاس فقط بعدد الأحياء أو المدن التي تسيطر عليها، بل بمدى رسوخ مشروعها السياسي والاجتماعي، وهو ما نعمل على تعزيزه.
الدعم السريع ليست مجرد قوة عسكرية على الأرض، بل قوة اجتماعية ومجتمعية تمثل تطلعات ملايين المهمشين والمحرومين، ومستقبل هذه القوات سيكون ضمن منظومة أمنية موحدة حديثة تُمثل كل السودانيين..
* في ظل هذه التعقيدات والتحديات.. كيف تنظر لمستقبل قوات الدعم السريع؟
نُحن لا ننظر إلى المستقبل من زاوية الإصلاح داخل منظومة قديمة، بل من زاوية تأسيس مشروع وطني جديد، يشمل إعادة بناء الأجهزة الأمنية والعسكرية على أسس قومية ومهنية وتمثيل عادل، والدعم السريع ليس مجرد قوة عسكرية على الأرض، بل قوة إجتماعية ومجتمعية تمثل تطلعات ملايين المهمشين والمحرومين، لذلك نؤمن بأن مستقبل هذه القوات سيكون ضمن منظومة أمنية موحدة حديثة، تُمثل كل السودانيين، وتقوم على مبادئ الكفاءة لا الولاء، والوطنية لا التبعية.
*هناك تشكيك في موقف الدعم السريع تجاه التغيير الشامل والتحول المدني الديمقراطي .. كيف ترد على هذا الحديث؟
لسنا غرباء عن مشروع التغيير، بل نحن من صانعيه لقد دفعنا ثمناً باهظاً لأننا رفضنا الانقلابات، ووقفنا إلى جانب المدنيين في أكثر من موقف، وآخرها إعلان دعمنا الصريح لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس) ونحن شركاء أصيلون في هذا التحالف، لا من باب المجاملة بل من باب الالتزام، وسنعمل مع كافة القوى المؤمنة بالتغيير بروح الفريق الواحد، لأننا ندرك أن لا أحد يمكنه وحده إنقاذ السودان، فنحن معاً لا فوق بعضنا، ويمكننا أن نبني وطنًا يستحقه هذا الشعب العظيم.
*كيف تنظر لمستقبل السودان بعد ميلاد تحالف السودان التأسيسي (تأسيس)؟ وهل سيفلح هذا التحالف في تحقيق تطلعات الشعب؟
تحالف “تأسيس” هو خطوة عميقة نحو تجسيد آمال السودانيين في دولة مدنية تقوم على العدالة والتنوع والتمثيل الحقيقي للمهمشين وجميع السودانيين، ومستقبل السودان مع هذا التحالف لا يُبنى على الشعارات، بل على مشاريع وبرامج، ولدينا الإرادة الجماعية لإنجاحه.
*كيف سيتم ذلك في ظل الانقسام الاجتماعي وخطاب الكراهية؟
التحدي الحقيقي ليس في تشكيل التحالفات، بل في رتق النسيج الاجتماعي وإطفاء نار الكراهية، ونحن نؤمن أن القيادة الواعية قادرة على فتح حوارات مجتمعية، وإطلاق مسارات مصالحة وطنية حقيقية، تبدأ من القاعدة وتنتهي بالقمة، وهذا هو التحدي الأهم في المرحلة القادمة.
تحالف “تأسيس” خطوة عميقة نحو تجسيد آمال السودانيين في دولة مدنية تقوم على العدالة والتنوع والتمثيل الحقيقي للمهمشين وجميع السودانيين، ولدينا الإرادة الجماعية لإنجاحه..
*هل سيفلح تحالف “تأسيس” في بناء سودان جديد تسوده العدالة الاجتماعية؟
العدالة الاجتماعية ليست شعاراً نرفعه، بل هي معيار نقيس به صدقية أي مشروع وطني، ونحن نُدرك أن من لا يملك تصوراً اقتصادياً عادلاً، ولا رؤية واضحة لإعادة توزيع السلطة والثروة، لن يُحدث تغييراً حقيقياً، لذلك نعمل في “تأسيس” على تجذير العدالة في كل سياساتنا.
* وماذا بشأن العدالة الجنائية والدولية الخاصة بانتهاكات طرفي الحرب؟
موقفنا واضح لا أحد فوق القانون، العدالة الجنائية سواء وطنية أو دولية يجب أن تأخذ مجراها، دون انتقائية أو توظيف سياسي، ونحن مع الحقيقة الكاملة، ومع المساءلة في إطار شفاف ومهني، يحفظ كرامة الضحايا ويُرسي قيم القانون.
*هل ستنجح حكومة الوحدة والسلام المرتقبة في تحقيق أهدافها؟
نجاح الحكومة المقبلة يعتمد على مدى تمثيلها الحقيقي لكل السودانيين، فتأسيس منفتحة ولا تقصي أو تستثني احد، وعلى شفافيتها تجاه الشعب، وعلى قدرتها في مخاطبة قضايا الحياة اليومية للمواطن، ونحن سنكون جزءً من العملية بالكامل وجنود لمشروع السودان الجديد بكل تجرد ونكران ذات، لا جزءً من الصمت.
التخوف من إنتاج دولة (56) جديدة، تخوف مشروع، لكن تحالف “تأسيس” يعمل على تفكيك المركزية القديمة، وبناء دولة لامركزية وحكم فدرالي ونظام علماني بعدالة شاملة وتمثيل حقيقي..
*هناك تخوف من أن ينتج تحالف (تأسيس) دولة (56) جديدة.. هل وضعتم احترازات لذلك؟
تخوف مشروع ونحن نُدرك حساسية اللحظة “تأسيس” ليس إعادة إنتاج لمركزية قديمة، بل هو تفكيك حقيقي لها، ما نُبشر به هو دولة لامركزية وحكم فدرالي ونظام علماني، بعدالة شاملة وتمثيل حقيقي، لا نخبة تحكم من الخرطوم وتنسى الأطراف.
*برأيك كيف ستتعامل الحكومة الجديدة مع ملف الحرب؟
بحكمة وشجاعة، والملف الأمني يجب أن يُفتح على مصراعيه، وأن نُعيد ترتيب العلاقة بين المدني والعسكري على أسس جديدة، وأن نتبنى حلولًا غير تقليدية تبدأ من وقف الحرب، وطرح رؤى ومشروع السلام، والتي يجب أن تنتهي بإعادة بناء وتأسيس المؤسسات.
هناك مساعي وجهود إقليمية ودولية مستمرة للعودة للمفاوضات، ونحن على تواصل مع مختلف الأطراف، والسلام بالنسبة لنا مشروع إستراتيجي وغاية انسانية نبيلة..
*هل هناك جهود للعودة للمفاوضات بين طرفي الصراع؟
نعم هناك مساعٍ إقليمية ودولية مستمرة، ونحن على تواصل مع مختلف الأطراف، والدعم السريع لم يغلق باب التفاوض يوماً، بل ظل يطرقه بإصرار، لأننا نعلم أن نهاية الحرب لا تكون بالبندقية، وحتى إن كنا قادرين لهذا الخيار إلا أننا لم نتمناه إلا إذا فرضته الظروف القاهرة، فالسلام لدينا مشروع إستراتيجي وغاية انسانية نبيلة، لذلك بالإرادة السياسية سنصل إلى محاصرة دعاة استمرار الحرب لإستمرار مصالحهم وإمتيازاتهم الضيقة .
أي تفاوض قادم يجب أن يُخاطب الواقع الجديد، وأن لا يختزل القوى في أطر تقليدية، ويُراعي التحولات السياسية الجارية بما فيها تحالف “تأسيس”..
*في حال العودة للمفاوضات، هل ستكون بين الجيش والدعم السريع أم بين الجيش وتحالف “تأسيس”؟
السؤال في جوهره يعكس التطور الحقيقي للمشهد، والدعم السريع الآن جزء من تحالف سياسي واسع، هو تحالف “تأسيس”، وبالتالي أي تفاوض قادم يجب أن يُخاطب الواقع الجديد الذي لا يختزل القوى في أطر تقليدية، بل يُراعي التحولات السياسية الجارية.
* كلمة أخيرة بشأن الوطن والمواطن ومستقبل البلاد؟
السودان بلد عظيم، وشعبه يستحق الأفضل، الحرب أدمتنا جميعاً، لكن الألم يمكن أن يكون بداية وعي جديد، وعلينا أن نُعيد بناء الوطن بسواعد كل أبنائه، وأن نُحول الرماد إلى أمل.. رسالتي لا خيار لنا سوى أن ننجح، وأن نبني دولة تسع الجميع، بلا إقصاء ولا انتقام.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.