انتهاكات سكان “الكنابي” تلاحق “كيكل” والاتحاد الأوروبي يضعه على محك العدالة الدولية

بورتسودان ـ عين الحقيقة

ردود فعل واسعة أحدثها قرار الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على قائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، حيث حظيت بترحيب حار من ذوي ضحايا الانتهاكات الإجرامية الفظيعة التي ارتكبتها قواته بحق سكان الكنابي من أصول أفريقية، وذلك عقب انسحاب قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة.

وتضمنت عقوبات الاتحاد الأوروبي قيوداً على أبو عاقلة محمد كيكل، الذي كان يشغل منصب حاكم ولاية الجزيرة بوسط السودان، بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» عليها، قبل أن ينشق منها، وينضم للجيش السوداني في نهاية ديسمبر 2024.

واعتبر الإتحاد الأوروبي أن كيكل الذي يقود حركة مسلحة باسم «قوات درع السودان»، مسؤول عن استهداف «سكان الكنابي» وهي مجموعات عرقية تسكن قرى مهمشة في ولاية الجزيرة. وينحدر سكانها، من قبائل أفريقية، جاءوا من مناطق مختلفة من السودان، خصوصاً من الغرب، للعمل في المشاريع الزراعية، واستوطنوا في تلك «الكنابي» وحوَّلوها إلى قرى وتجمعات سكانية.

رحبت مركزية مؤتمر الكنابي بالعقوبات، فيما أعلنت قوات درع السودان رفضها الشديد لقرار الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على كيكل..

وارتكبت قوات درع السودان ذو التوجه القبلي انتهاكات واسعة، تمثلت في الذبح والقتل خارج نطاق القانون فضلاً عن الزج بالالاف من سكان الكنابي في السجون بتهم التعاون مع الدعم السريع. وفيما رحبت مركزية مؤتمر الكنابي بالعقوبات، أعلنت قوات درع السودان رفضها الشديد لقرار الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على كيكل.

بينما أعربت وزارة خارجية حكومة بورتسودان عن رفضها لقرار الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على كيكل وشركة (ريد روك) للتعدين التابعة للجيش.

ويذكر أن كيكل انشق مؤخراً من قوات الدعم السريع في موقف آثار الشكوك حول انتماؤه السابق وقتاله إلى جانب الدعم السريع، وقد أثبت ما قامت به قواته بحق سكان الكنابي الشكوك في كونه عميلاً للاستخبارات العسكرية لتشويه صورة الدعم السريع.

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية ما تسمي بـ”قوات درع السودان” بتعمد استهداف المدنيين ونهب ممتلكاتهم في هجوم يوم 10 يناير 2025.

وفي فبراير الماضي اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية ما تسمي بـ”قوات درع السودان” بتعمد استهداف المدنيين ونهب ممتلكاتهم في هجوم يوم 10 يناير 2025.

ووفق المنظمة، قُتل في الهجوم على قرية كمبو طيبة بولاية الجزيرة في وسط السودان 26 شخصا على الأقل -بينهم طفل- وجرح آخرون.

وقالت المنظمة إن الجماعة نهبت الممتلكات المدنية بشكل منهجي -بما فيها المؤن الغذائية- وأحرقت المنازل، مضيفة أن هذه الأفعال تشكل جرائم حرب، وبعضها مثل قتل المدنيين عمدا قد يشكل أيضا جرائم محتملة ضد الإنسانية.

وشهدت كنابي الجزيرة انتهاكات واسعة على يد قوات درع السودان عقب انضمامها إلي جانب الجيش ، وأثارت تلك الانتهاكات ردود أفعال غاضبة من قبل المجتمع الدولي والمحلي لكن حكومة الأمر الواقع لم تتخذ أي إجراءات بحق المتورطين.

وبعد مضي أقل من نصف عام على هذه الجرائم جاءت عقوبات الاتحاد الأوروبي لتؤكد أن العدالة مهما طال أمد غيابها فإنها لن تنسي حقوق الضحايا.

ووصفت مركزية مؤتمر الكنابي بالسودان العقوبات المفروضة على قائد ميليشيا ما يُعرف بـ”قوات درع السودان” بالخطوة المهمة.

وقالت المركزية في بيان، لم تغمض جفون الثكالى، ولم تجف دموع الأيتام والضحايا الأبرياء في كنابي البؤس والشقاء.

وأضاف البيان ان قوات كيكل ارتكبت جرائم وحشية بحق سكان الكنابي، من تطهيرٍ عرقي وإبادة جماعية وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان.

وأكد مؤتمر الكنابي أن لا سلام ولا عدالة ستتحقق دون محاسبة الجناة، وعلى رأسهم “كيكل”، الذي يجب أن يُقدَّم إلى محاكمة عادلة تضمن إنصاف الضحايا والمجتمعات المتضررة من سكان الكنابي، الذين تعرضوا لعقود من التهميش والاضطهاد.

جددت المركزية تأكيدها في أن العدالة لن تسقط بالتقادم، وأن كل مجرم مهما طال الزمان، سيُحاكم على جرائمه..

وثمنت المركزية الخطوة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليون بفرض عقوبات على قائد هذه الميليشيا. واعتبرتها تطورًا مهمًا في اتجاه تحقيق العدالة الدولية، وهي بمثابة اعتراف صريح بحجم المأساة التي لحقت بمجتمعات العمال الزراعيين وسكان الكنابي بوسط السودان.

وجددت المركزية تأكيدها في أن العدالة لن تسقط بالتقادم، وأن كل مجرم مهما طال الزمان، سيُحاكم على جرائمه. وعسكت الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا درع السودان واقع الفوضى التي تعيشها القوات المسلحة والكتائب المتحالفة معه، وبالرغم من توثيق تلك الجرائم التي وقعت في قرى الجزيرة إلا أن الجيش قلل منها واعتبرها تجاوزات فردية.

ومع تصاعد حملات التنديد بالفظائع والاتهامات الموجهة للجيش والقوات المتحالفة معه مثل قوات درع السودان، وكتائب البراء الإرهابية، شكل قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، لجنة تحقيق حدد لها فترة أسبوع لاكتمال التحقيقات، وتتضمن جمع الأدلة والشهادات والأقوال واستدعاء الأشخاص المعنيين، لكن إلى الآن لم تصدر نتائجها.

وفي يوليو الماضي أثار حديث قائد قوات درع السودان اللواء أبو عاقلة محمد كيكل مع مجموعة من الإعلاميين في بورتسودان عاصفة من الجدل، بعد أن كشف عن معلومات تتعلق بقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ووضعه الصحي ودوره في المعارك.

مراقبون: كيكل يسعى إلى تحقيق طموحات ذاتية من خلال مواقفه المتقلبة..

وقال كيكل إن حميدتي لم يكن مجرد قائد رمزي، بل كان يتولى إدارة الحرب بنفسه، وكان يتصل به يوميا بمعدل يصل أحيانا إلى 15 مرة، كما كان يتابع الإمدادات العسكرية بشكل شخصي، من ذخيرة وسلاح ومركبات وحتى الزي العسكري.

ونفى كيكل المعلومات الرائجة عن إصابة حميدتي خلال المعارك، مؤكدا أنه لم يصب مطلقا، وعزا نحافته إلى التزامه بالصيام منذ اندلاع الحرب، فقد ظل مواظبا عليه من دون انقطاع، كما أنه يعاني من مرض باطني، وسافر أسبوعين خارج البلاد لتلقي العلاج. وأشار كيكل إلى أن آخر جلسة عقدها مع حميدتي وجها لوجه كانت قبل انضمامه للجيش بـ12 يوما.

وعن التصرفات التي ارتكبتها بعض أفراد الدعم السريع، قال كيكل إنه عند مناقشة تلك القضايا أمامه كانت “دموع حميدتي تجري، لكنه كان يصمت دون أي تعليق”.

ويري مراقبون أن كيكل يسعى إلى تحقيق طموحات ذاتية من خلال مواقفه المتقلبة، حيث يعد الرجل من الانتهازيين الذين سعوا إلى تحقيق أهدافه خلف قوات الدعم السريع، كما أنه يهمه المكسب، ولا يمكن اتهامه بأنه صاحب دوافع وطنية، وقد تكون لديه طموحات سياسية مستقبلية يخطط لها بقوة السلاح، وبحسب المراقبون أن العقوبات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي بحقه ربما تشكل عائقا كبيرا أمام طموحه ومستقبله السياسي والعسكري.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.