حسم الغرب مسألة الدولة الدينية من خلال عدة خطوات تاريخية أدت إلى فصل الدين عن السياسة، وتأسيس دول علمانية. هذه الخطوات شملت صراعات طويلة بين الكنيسة والسلطة الزمنية، وظهور حركات الإصلاح الديني التي انتقدت سلطة الكنيسة، ونشوء الفلسفات العقلانية التي أكدت على أهمية العقل والعلم في بناء المجتمعات.
في العصور الوسطى، كانت الكنيسة الكاثوليكية تتمتع بنفوذ كبير في أوروبا، وكانت تتدخل في شؤون الدولة والسياسة. هذا أدى إلى صراعات على السلطة بين الكنيسة والملوك والأباطرة، مما أضعف سلطة الكنيسة وأفسح المجال لظهور تيارات تطالب بفصل الدين عن السياسة.
في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ظهرت حركات إصلاح ديني في أوروبا، مثل حركة البروتستانتية، التي انتقدت فساد الكنيسة الكاثوليكية وسلطتها المطلقة. هذه الحركات ساهمت في تقويض سلطة الكنيسة وتكريس فكرة استقلالية الدولة.
فى عصر التنوير أى فى القرنين السابع عشر والثامن عشر، شهدت أوروبا عصر التنوير، الذي أكد على أهمية العقل والعلم في فهم العالم وتفسير الظواهر. الفلاسفة التنويريون، مثل جون لوك وجان جاك روسو، نادوا بفصل الدين عن الدولة وتأسيس مجتمعات تقوم على العقلانية وحقوق الإنسان.
نتيجة لهذه التطورات التاريخية، بدأت الدول الأوروبية في تبني مبادئ العلمانية، وفصل الدين عن الدولة. هذا يعني أن الدولة لا تتدخل في شؤون الدين، وأن الدين لا يتدخل في شؤون الدولة. أصبحت الدولة تقوم على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.
هناك العديد من الأمثلة على الدول العلمانية في الغرب، مثل فرنسا، التي أقرت قانونًا بفصل الدين عن الدولة عام 1905، والولايات المتحدة الأمريكية، التي نص دستورها على عدم وجود دين للدولة.
باختصار، حسم الغرب مسألة الدولة الدينية من خلال صراعات تاريخية، وحركات إصلاح ديني، وفلسفات عقلانية، أدت إلى فصل الدين عن الدولة وتأسيس دول علمانية.
والدول العلمانية ذات السلطات الواضحة المهام جعلت من الإنسان هو الكائن المقدس الأوحد وجعلت من حقوق الإنسان قانونآ ملزمآ وحدآ فاصلآ لايمكن تجاوزه من قبل الدولة ممثلة فى مؤسساتها الرسمية المنتخبة من الشعب أوالمجتمع ورسخت لمعانى الحرية الفردية والجماعية وأعلت من شأن العلم والإبتكار وأسست لمراكز ابحاث متقدمة جدآ
فأنتجت العلوم المختلفة من خلال رعاية العقول البشرية الخلاقة وتهيئة الظروف الملائمة للإبداع والإبتكار !
فى الوقت الذى كان يرسف المجتمع الإسلامى تحت وطئة الإمبراطورية العثمانية المتخلفة التى حرمت العلم والإبتكار تحت دعاوى البدعة الحرام وكرست استانبول الوقت والجهد من أجل جلب الجبايات والأتاوات واضهاد الشعوب المغلوبة على أمرها على إمتداد نفوذها الإستعمارى المتخلف !
ولذلك تخلفنا عن ركب الحضارة ، وللأسف بعد أن انهارت الدولة العثمانية وتقاسمت الدول الإستعمارية الغربية الأقطار العثمانية عبر سايكس بيكو،
خلف الإستعمار الغربى، الفرنسى والإنجليزى والإيطالى والبرتغالى . الخ.. كومبرادورات (عسكرسياسية ) كرست للمحافظة على مصالح الإستعمار واصبحوا نخاسة حديثة استنزفت امكانية الشعوب المادية والبشرية الضرورية للنهوض والتنمية وتبنت سياسات التبعية على مختلف الأصعدة فى التعليم والسياسة والإقتصاد ،
مما أتاح للتيارات الرجعية والدينية مساحات للتحرك ونشر الخطاب الدينى الدوغمائي المضلل والمعادى للحداثة ،
وأخطر ما فى الخطاب الدينى هو دغدغة مشاعر الناس ، وانقيادهم الأعمى للكهنوت المخادع وبائع الوهم الغيبي !
وتجربتنا فى السودان مع الإخوان المسلمين كافية بأخذ العبر ،
هل يعقل بعد كل هذا الخراب والدمار الذى أحدثه الإخوان المسلمين خلال الأربعة عقود التى سيطروا فيها على الوطن ،
أن يكون هنالك أحد مازال يكابر ويغالط الواقع الكارثى الذى أوصلونا له هؤلاء المخابيل!
هؤلاء الأقزام وجدوا وطنآ عملاقآ فقسموه، واقتصادآ ثرآ فنهبوه، ومجتمعآ متسامحآ طيبآ فأوغلوا فى فتنته فجعلوه أشتاتآ يلعن بعضه بعضآ !
واللافت أن فى حرب الخامس عشر التى اشعلوها قد تخلوا عن الخطاب الدينى وتبنوا خطابآ عنصريآ تمامآ كالذى تبنته النازية الهتلرية وعملوا على ترسيخ الفصل العنصرى وشرعوا قوانينآ لذلك كقانون الوجوه الغريبة وحاكموا الناس على النوايا تحت زرائع التعاون مثلما كانت محاكم التفتيش فى أوربا تحاكم الناس بواسطة الكنيسة !
وهكذا سقطت الآيدولوجيا الدينية الميكافيلية الزائفة للإخوان المسلمين التى تلبس لكل حالة لبوسها !
وإزاء هذه التجربة المريرة لا يمكننا أن نتعافى وننهض إلا بالقطيعة التامة مع كل ما له علاقة بدولة الكهنوت الإخوانى ولن يتأتى ذلك إلا بتأسيس الدولة السودانية من جديد ومعالجة جذور الأزمة التاريخية التى تكمن فى عصب دويلة ما بعد الإستعمار أو دويلة 56 كما يحلو لثوار الخامس عشر من ابريل 2023م
و أولى تلك الخطوات هو إقرار مبدأ علمانية الدولة وتعظيم حقوق الإنسان أي بإختصار البدء من حيث إنتهى الآخرون !
وهذا بالضبط ما وصلت له القوى المدنية الثورية السودانية تأسيس هذا التحالف الذى يعبر عن أغلبية الشعوب السودانية المتطلعة لسودان الحرية والسلام والعدالة سودان الجميع، كما يعبر عن كل شعوب الهامش التى إكتوت بنير نخبة التيه والضياع !
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.