حول قرار أطباء بلا حدود تعليق انشطتها في مستشفى (زالنجي) تقف صحيفة (عين الحقيقة) على طبيعة وشكل تداعيات القرار وما آلت إليه الأوضاع بولاية وسـط دارفور بصفة عامة ومستشفى زالنجي التعليمي بصفة خاصة.
منظمة أطباء بلا حدود (MSF) توقف انشطتها في ولاية وسط دارفور غربي السودان، وكانت (أطباء بلا حدود) تدعم مستشفى زالنجي التعليمي، وتأتي خطوة إتخاذ قرار تعليق الأنشطة للمنظمة بناء على أحداث نهب وقتل متتالية وقعت في زالنجي آخرها مقتل شخص فجر نفسه بقنبلة قرنيت كان مخمورا، ما أدى لجرح أشخاص آخرين، فيما قتلت مجموعة مسلحة المهندس أحمد إبراهيم مرة في حي الحميدية شرق مدينة زالنجي حاضرة الولاية، واسعف شخص مصاب تشير المعلومات إلى أنه من الجناة، وتزامن حادث مقتل المهندس واسعافه للمستشفى مع لحظة دخول المتهم إلى المستشفى في نفس الوقت، ماجعل ذوي القتيل إلى السعي للقبض عليه وأحدث ذلك هرجا وضجيجا في باحة المستشفى فيما يقول مدير المنظمة إن المتجمهرين اعتدوا وارهبوا الطاقم الطبي وفريق المنظمة،لذلك اتخذت قرار تعليق العمل.
في الاثناء تدخلت الإدارة المدنية لولاية وسط دارفور وجلست مع المنظمة لاقناعها بالرجوع عن القرار مع الالتزام بعدم تكرار الحادث وفقا لخطة أمنية محكمة وعمل واقعي يمنع تكرار التفلتات الأمنية،مع التأكيد التام ان الحادث وصاحب القنبلة لم يستهدف شخص بعينه ولا المنظمة او الطاقم الطبي بالمستشفى.
بين الإدارة المدنية والمنظمة
طالب المدير الاقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود السيد مروان حكومة ولاية وسط دارفور بحسم النفلتات الأمنية والتعديات المتكررة على فرق المنظمات والمرافق الحيوية مثل مستشفى زالنجي التعليمي وقال مروان خلال لقاءه مع الإدارة المدنية للولاية ان التعديات تكررت بشكل مزعج، ولم تحسم بعد، ملقيا اللوم على السلطات في عجزها عن حماية المنظمات والكوادر العاملة بالمستشفى وتأسف مروان لما حدث.
واضاف طالبنا حكومة الولاية بوضع خطة أمنية للحد من هذه الظواهر، ولم تستجب حتى وصلنا لما نحن عليه، ومالم نجد عمل ملموس ومؤشرات واضحة سنتخذ قرار إغلاق مكاتبنا والخروج من الولاية فورا، مشيرا إلى أن الاعتذار عما حدث وحده لا يكفي مالم يشفع بعمل واقعي، وأن تشخيص الازمة في سلوك شخص واحد كلام غير موفق للاسف! على حد تعبيره، وأن المشكلة الأساسية ليست في سلوك الأفراد وإنما خلل في النظام الأمني نفسه، متسائلا كيف يمكن لشخص ان يدخل مستشفى بسلاح ويستباح من قبل المسلحين وترويع المدنيين الامنين، وتهديد وترويع الطاقم الطبي والمرضى المنومين في العنابر، لابد من خطة أمنية وقرارات صارمة لمنع هذه التفلتات.
وأوضح المدير الإقليمي للمنظمة انهم اتخذوا قرار تعليق العمل لمدة 6أيام وتخفيض عدد الموظفين، بجانب اشتراطهم ان يكون الاتفاق مكتوبا وتوضيح الإجراءات التي اتخذت والوسائل التي تطبق بها عملية الحماية لفريق عمل المنظمة.
وان قرار تعليق عمل الانشاءات وتجميد دعم قطاع الكهرباء بالمستشفى مازل قائما. من جهته أمن رئيس الإدارة المدنية لولاية وسط دارفور المهندس عبـدالكريم يوسف عثمان على مطالب وشروط المنظمة ووجه بتكوين لجنة فنية لوضع خطة أمنية محكمة لخلق نتائج عملية وواقعية تستند على عمل جاد للقضاء على تلك الظواهر المزعجة.
ماذا قالت أطباء بلا حدود؟ :
قالت منظمة أطباء بلا حدود إن مستشفى زالنجي التعليمي هو المرفق الوحيد المجهز لعلاج الحالات الخطيرة في ولاية وسط دارفور. كما كانت فرق المنظمة تدعم وزارة الصحة في الولاية في أعمال الترصّد لاحتواء تفشي المرض. إضافة إلى الكوليرا، قدّم المستشفى أكثر من 1,500 استشارة نسائية و1,400 استشارة للأطفال و80 عملية جراحية في الفترة الممتدة من مايو/أيار حتى يوليو/تموز 2025. ويعدّ مستشفى زالنجي المستشفى المرجعي الوحيد الذي يخدم حوالي 500,000 شخص، وبالتالي فإنه المرفق الوحيد الذي يقدم الرعاية للحالات المعقدة في المنطقة. يشار إلى أن أطباء بلا حدود علقت أيضًا عمل عيادتها المتنقلة في منطقة فوقوديكو وأنشطة التوعية الصحية والأنشطة المجتمعية، ما ترك الآلاف من دون رعاية أساسية.
وأشارت المنظمة إلى أن حماية فرقها الطبية أمرٌ ضروري لضمان قدرتها على تقديم الرعاية. وفي فبراير2024، اقتحم مسلحون مستشفى زالنجي وسرقوا سيارات مستأجرة تابعة للمنظمة، ما أجبر الفريق المعني بأعمال التقييم على الانسحاب مؤقتًا قبل أن تبدأ الأنشطة. وبالتالي يُعد هجوم 16 أغسطس ثاني حادثة أمنية خطيرة تقع في مستشفى زالنجي خلال عام ونصف .
وقالت ، “إنّ الهجمات على المستشفيات والعاملين الطبيين غير مقبولة وتعرض حياة الناس للخطر. كما أن وجود الأسلحة داخل المرافق الطبية يجعل من المستحيل على فرقنا العمل بأمان. ولن نواصل عملنا ما لم تقدم لنا الأطراف المعنية ضمانات واضحة من أجل سلامة طواقم وزارة الصحة وأطباء بلا حدود،في حين إن الناس في زالنجي بأمسّ الحاجة إلى الرعاية الصحية، ويجب حماية سبل حصولهم عليها”.
وكان اجتماعا طاريءً للجنة أمن ولاية وسـط دارفور،قد انعقد برئاسة المهندس عبـدالكريم يوسف عثمان رئيس الإدارة المدنية رئيس اللجنة، بمقر الإدارة المدنية، وذلك على خلفية مقتل شخصين وجرح آخرين بمدينة زالنجي حاضرة الولاية.
وناقش الاجتماع عددا من الاجندة، حيث استمع لتقرير من وزارة الصحة حول الموقف الصحي والتحديات التي تواجه عمل اللجنة العليا للطوارئ الصحية في مجابهة مخاطر وباء الكوليرا، قدمه المدير العام لوزارة الصحة، دكتور طلحة الطيب عبدالرحمن، فضلا عن تقرير من الإدارة العامة للمياه بالولاية حول الجهود التي بذلت ضمن خطة الاستجابة الطارئة، قدمه المدير العام للمياه، الهندس محمود الضواي عينة.
كما ناقش الاجتماع أيضا الموقف الأمني بالولاية والجهود المبذولة من أجل استقرار الأحوال الأمنية بولاية وسـط دارفور. وعقد الاجتماع الطاريء للجنة الأمن على خلفية مقتل شخصين على الاقل وجرح آخرين نقلوا لمستشفى زالنجي التعليمي لتلقي العلاج. وفجر شخص قنبلة قرنيت داخل المستشفى ادت لمقتله وجرح آخرين، فيما قتل شخص آخر بحي الحميدية على يد مسلحين. ويواجه موظفي المنظمات الدولية والوطنية العاملة في المجال الإنساني تحديات أمنية، التهديد والابتزاز وضعف الحماية، مع انتشار ظاهرة السرقات والتهديد في الشارع.
وأمن الاجتماع الطاريء للجنة الأمن على تعزيز الأمن بزيادة القوات وتشديد الرقابة على نقاط العبور والمداخل للمدينة والمرافق الخدمية بما في ذلك مستشفى زالنجي التعليمي، وتوفير الحماية التامة للمنظمات الدولية والوطنية العاملة في الولاية.
على الرغم مما حدث في زالنجي والمستشفى التعليمي، فإن قرار منظمة أطباء بلا حدود تعليق انشطتها أمر تكمن خطورته على مواطني الولاية في فقدانهم لخدمات المنظمة الداعمة للمستشفى ومرافق أخرى وتحد خطير ومؤشرات تحدد فاعلية ومقدرة السلطات الحكومية والأمنية في عودة الأمور إلى نصابها لتعود المنظمة لمزاولة مجددا، أو أن تثبت فشلها وبالتالي يقودنا هذا إلى خروج المنظمة من ولاية وسـط دارفور، وتتبعها أخرى على هذا المنوال.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.