من كاودا إلى لقاوة : صناديق الدواء تعيد الحياة إلى المستشفى بعد ثلاث سنوات من التوقف
محلية لقاوة – تقرير عين الحقيقة
بعد غيابٍ دام نحو ثلاث سنوات، فتح مستشفى لقاوة أبوابه مجددًا أمام المواطنين، في حدثٍ اعتُبر نقطة تحول بارزة في مسار الحياة العامة بالمحلية، حيث دشّن المدير التنفيذي الأستاذ الهادي آدم الطاهر العمل بالمستشفى وسط حضور رسمي وشعبي، بالتزامن مع وصول شحنات من الأدوية المجانية القادمة من منطقة كاودا.

صناديق دواء بدل صناديق ذخيرة
المشهد لم يكن عاديًا؛ فالمكان الذي اعتاد الأهالي أن يروا فيه صناديق ذخيرة تُعمّق جراح الحرب، بات اليوم يستقبل صناديق دواء تداوي جراح المرضى وتعيد الأمل في حياةٍ طبيعية. وهو ما وصفه المدير التنفيذي بأنه “التحول الأكبر الذي يعكس أن لغة الحرب استُبدلت بلغة الحياة.”
*تصريحات رسميةفي كلمته خلال التدشين، قال الطاهر: “اليوم نستبدل صناديق الذخيرة بصناديق الدواء، وهذه أبسط رسالة نبعثها لأهلنا: أن الصحة حق، والدواء مجاني لكل مواطن.” وأشار إلى أن الأدوية المتوفرة تكفي حاجة المنطقة لثلاثة أشهر، مع تأكيد التزام الحكومة المحلية بالاستمرار في تقديم العلاج مجانًا، مضيفًا: “هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لشعبنا بعد سنوات من المعاناة.”
خدمات طبية متكاملة
وكشف المدير التنفيذي أن المستشفى سيشهد خلال الأسبوع الجاري مباشرة أخصائي النساء والتوليد لعمله، على أن ينضم إليه لاحقًا أخصائي الباطنية وأخصائي الأطفال، وهو ما سيعيد للمستشفى قدرته على تقديم خدمات متكاملة تلبي احتياجات السكان.

بنية تحتية جاهزة للطاقة الشمسية
ولم يغفل الطاهر جانب البنية التحتية، حيث أعلن عن خطة عاجلة لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، مع الالتزام بإعلان الجاهزية الكاملة للمستشفى خلال أكتوبر المقبل، مؤكدًا أن إنارة المستشفى خطوة أساسية لضمان استمرارية الخدمات الطبية.
دعم حكومي وإقليمي
وفي ختام حديثه، وجّه المدير التنفيذي شكرًا لحكومة تأسيس وحكومة إقليم جنوب كردفان/ جبال النوبة على دعمهم في توفير الأدوية، قائلاً: “صناديق الأمس حملت أدوات الحرب، واليوم بفضل الله وبفضل جهودهم تحمل أسباب الحياة والعافية.”
نبض الشارع
على هامش التدشين، عبّر عدد من المواطنين عن ارتياحهم الكبير لعودة الخدمات الطبية بعد سنوات من المعاناة. وقال أحد المرضى إنهم كانوا يقطعون مسافات طويلة بحثًا عن الدواء، بينما أشار آخر إلى أن مجانية العلاج ستخفف عنهم أعباءً مالية ثقيلة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
إحدى النساء أكدت أن وجود أخصائي نساء وتوليد بالمستشفى يبعث الطمأنينة في نفوس الأمهات، فيما وصف شاب عودة المستشفى بأنها “انتصار للحياة” بعد أن كانت المنطقة مسرحًا للرصاص والاقتتال.
رمز للسلام الاجتماعي
عودة المستشفى لم تكن مجرد بداية لتقديم خدمات طبية، بل رآها كثيرون رمزًا للتحول الاجتماعي والسياسي الذي تشهده لقاوة. فالماضي القريب الذي مثّلته أصوات الرصاص والاقتتال، تحوّل إلى حاضرٍ يزخر بضجيج المدارس، وصفوف المرضى الباحثين عن الدواء، وحياةٍ طبيعية تترسخ يومًا بعد يوم.
انتصار من نوع آخر
لقد أعادت لقاوة تعريف معنى الانتصار؛ فالانتصار الحقيقي ليس في ساحات القتال، بل في ابتسامة مريض يتلقى دواءه مجانًا، وفي أمٍّ تطمئن لوجود طبيب يرعى مولودها، وفي مجتمعٍ يضع يده في يد الآخر ليبني غدًا أكثر إشراقًا.
وبينما تتدفق صناديق الأدوية من كاودا إلى لقاوة، فإن ما يتدفق في نفوس الأهالي أكبر بكثير: هو إحساسٌ بالطمأنينة أن الحرب يمكن أن تتحول إلى حياة، وأن المستقبل يمكن أن يُبنى على أسس الصحة والتعليم والتعايش.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.