لا شك أن الحرب الدائرة حاليا بالبلاد أفرزت واقعا مأساويا على الحياة العامة ومزقت النسيج إلاجتماعي بين أبناء الشعب السودانى بفعل الساسة الذين إتخذوا خطاب الكراهية والتمييز أقوى سلاح لهدم المجتمع وحرمانه من حقوقه الأساسية خاصة المواطنين الذين يقطنون فى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع من حيث الحرمان من الخدمات والأوراق الثبوتية والتعليم حيث تراكمت ثلاثة دفعات يفترض تجلس لإمتحانات الشهادة السودانية.
منذ إندلاع الحرب توقفت العملية التعليمية بكافة محليات ولاية جنوب دارفور ال (21) وتأثرت مؤسسات التعليم من مقرات لوزارة التربية أو المدارس بوسط مدينة نيالا لموقعها فى محيط الإشتباكات
واقع مرير
منذ إندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع فى الخامس عشر من أبريل للعام 2025م توقفت العملية التعليمية بكافة محليات ولاية جنوب دارفور ال (21) وتأثرت مؤسسات التعليم من مقرات لوزارة التربية أو المدارس بوسط مدينة نيالا لموقعها فى محيط الإشتباكات وقتها.
وإستمر الحال لأكثر من عامين والطلاب والتلاميذ خارج سلم المدرسة، مما نتج ذلك آثار إجتماعية سالبة وسط العديد من الطلاب خاصة من هم فى طور المراهقة فما فوق الأمر الذي حدى ببعض المبادرات الشبابية والمجتمعية بعدد من المحليات إطلاق مبادرات لفتح المدارس عبر ما أسموه (بدائل تعليمية) لحين عودة مؤسسات التعليم لتولي الأمر.
عودة تدريجية
بعد سقوط حامية الجيش بنيالا وسيطرت قوات الدعم السريع علي ولاية جنوب دارفور فى آواخر إكتوبر من العام 2023م بدأت الحياة تعود وبادرت إحدى المدارس بمحلية نيالا شمال بفتح المدرسة عبر متطوعين كأول مدرسة تفتح أبوابها قبل أن تعود وزارة التربية والتعليم بالولاية إلى مواصلة عملها، ومن بعدها توالت المبادرات فى فتح المدارس بنيالا العاصمة فى ظل موجات عنيفة للطيران الحربي التابع للجيش وقصفه المتكرر للمدينة وبعض مؤسسات التعليم، منها واصلت وزارة التربية والتعليم فى العام الدراسي بفتح مدارس محدودة تمكنت من خلالها إجراء إمتحانات شهادتى الإبتدائي والمتوسط لعامين بجهود المعلمات والمعلمين الذين ظلوا ومازالوا يعملون بالتطوع من أجل إستمرار التعليم.
عدد من أولياء أمور الطلاب والتلاميذ ومع بداية العام الدراسي الحالي الذي بدأ فى الأول من سبتمبر الماضي عبروا عن تفاؤلهم بعودة الأبناء إلى الدراسة رغم ظروف المعيشة القاسية فى انتظار بشريات حكومة السلام والوحدة الوطنية
إنطلاقة قوية
مع تباشير إعلان حكومة السلام والوحدة الوطنية التى أصبحت واقعا معاش فى العاصمة نيالا التى أختيرت أن تكون العاصمة الإدارية، بدأت العملية التعليمية تشهد تطورا من حيث الإقبال على التعليم بعد أن زالت كل المخاوف لدى الطلاب وأسرهم إلا أن الرغبة فى التعليم كانت أقوى فى ظل الأوضاع المعيشية وغلاء وسائل التعليم من كتب وكراسات وشنط وحتى الرسوم فى المؤسسات الخاصة.
عدد من أولياء أمور الطلاب والتلاميذ ومع بداية العام الدراسي الحالي الذي بدأ فى الأول من سبتمبر الماضي عبروا عن تفاؤلهم بعودة الأبناء إلى الدراسة رغم ظروف المعيشة القاسية فى إنتظار بشريات حكومة السلام والوحدة الوطنية فيما يخص التعليم وخاصة التعليم الحكومى الذي طله الإهمال وإتجه المعلمون نحو القطاع الخاص كما يحدث فى القطاع الصحى فى وقت يصعب على الأسر البسيطة ذات الدخل المحدود الحصول على التعليم أو العلاج من القطاع الخاص بحسب تعبير أحد أولياء الأمور محمد على عبدالله فى حديثه ل(عين الحقيقة).
وشكا محمد محمد إرتفاع تكاليف العملية التعليمية هذا العام بدء بالمكتب المدرسية حيث تراوحت أسعار الكتاب الواحد ما بين خمسة إلى سبعة ألف جنيه للكتاب الواحد بجانب وصول سعر الكراسة الواحدة إلى ثلاثة ألف جنيه والشنط المدرسية مابين 20 إلى 40 ألف جنيه.
وفيما يخص الرسوم الدراسية يقول إن رغبة إبناءه فى الالتحاق بالمدارس الخاصة التى يدرس بها إبناء جاره ذهب إليها لكنه وجد الرسوم الدراسية تفوق إمكانيات الأسر حيث تتراوح مابين 280 ألف إلى 500 ألف جنيه من مدرسة إلى أخري. ووجه محمد النداء إلى رئيس المجلس الرئاسي الفريق أول محمد حمدان دقلو ورئيس الوزراء محمد حسن التعايشي بأن يكون تطوير التعليمى الحكومى من أولى أولوياتهم حتى يتساوى أبناء الضعفاء والمقتدرين فى حق التعليم.
مدير التعليم: العملية التعليمية لهذا العام شهدت استقرارا كبيرا مقارنة بالعامين الماضيين وتابع (فى العام قبل الماضي كنا نتحدث عن فتح 25 مدرسة فقط على مستوى الولاية، والعام الماضي عن 125 مدرسة والأن نتحدث عن 113 مدرسة داخل نيالا
بارقة أمل
وزارة التربية والتعليم بولاية جنوب دارفور التى بدأت من الصفر تحتاج لتأسيس حقيقي يبدأ بتأهيل الكادر ومن ثم البنى التحية ومقومات التعليم، لتضع حجر الأساس المتين لقضية التدهور الذي حدث بالقطاع الحكومى خلال عشرات السنين الماضية. وفى المقابلة التى أجرتها صحيفة ومنصة عين الحقيقة مع مدير عام وزارة التربية والتعليم بالولاية حافظ احمد عمر قال إن العام الدراسي الحالي بدأ فى الأول من سبتمبر للعام 2025م وينتهى بنهاية مايو للعام 2026م. وأضاف عمر لأول مرة منذ إندلاع الحرب أن تفتح المدارس بكافة المراحل (التعليم قبل المدرسة، الإبتدائي، المتوسط، الثانوي، الفنى والدينى وتعليم الكبار).
وكشف مدير التعليم بأن العملية التعليمية لهذا العام شهدت استقرارا كبيرا مقارنة بالعامين الماضيين وتابع (فى العام قبل الماضي كنا نتحدث عن فتح 25 مدرسة فقط على مستوى الولاية، والعام الماضي عن 125 مدرسة والأن نتحدث عن 113 مدرسة داخل نيالا فقط ناهيك عن بقية محليات الولاية ال19) كاشفا عن إكتظاظ كبير تشهده الفصول الدراسية خاصة فى الصفين الأول والثاني وذلك بفضل تفهم أولياء الأمور لأهمية التعليم وإستقرار الأوضاع بخلاف الأعوام السابقة.
وفيما يتعلق بالدراسة بمحليات الولاية ال 21 قال مدير عام وزارة التربية والتعليم إن 13 محلية إنطلقت فيها الدراسة والبقية ستبدأ الأسبوع المقبل نسبة لظروف الخريف وأوضاع المواطنين الذين لعامين لم يذهب أبنائهم إلى المدارس.
وأكد حافظ عمر أن الولاية خلال العام الدراسي الحالي ستشهد جلوس كل محلياتها ال 21 لإمتحانات المرحلتين الإبتدائي والمتوسط.
وأضاف أن واحدة من البشريات تشكيل حكومة السلام والوحدة الوطنية التى ستضع حدا لقضية تراكم دفعات إمتحانات الشهادة السودانية وفتح الجامعات مشيرا الى أن هناك خطوات بدأت لحصر العاملين مما تشكل دافعا كبيرا للعاملين بمؤسسات التعليم بالعودة الى المدارس بعد معالجة قضية الرواتب وغيرها من المحفزات فى إشارة إلى إتخاذ العديد من المعلمين أعمال بديلة والدخول للسوق لتوفير المعاش لأسرهم.
مدير عام التربية والتعليم : نواجه العديد من التحديات من بينها إنهيار عدد من المدارس الواقعة فى وسط المدينة نتيجة التدوين أثناء الإشتباكات وتخريب ونهب بعضها علاوة على تدمير أكثر من ست مدارس بطيران الجيش أثناء قصفه المتكرر لمدينة نيالا
تحديات ماثلة
توجه وزارة التربية والتعليم تحديات جسام فى المضي بالعملية التعليمية نحو الأمام. وقال مدير عام التربية والتعليم إن وزارته تواجه العديد من التحديات من بينها إنهيار عدد من المدارس الواقعة فى وسط المدينة نتيجة التدوين أثناء الإشتباكات وتخريب ونهب بعضها علاوة على تدمير أكثر من ست مدارس بطيران الجيش أثناء قصفه المتكرر لمدينة نيالا، كذلك من التحديات كثير من المدارس تفتقر لأبسط المقومات وفى السابق كانت هناك دعومات تساهم بها المنظمات والحكومة لكن حاليا با توجد وإن وجدت فهى ضعيفة جدا لا تلبي حوجة المدارس لأن العملية التعليمية مكلفة جدا بدءا بالطبشير وكراسات التحضير والمياهوالتغذية وتسيير المدارس، مبينا أن واحدة من التحديات أيضا أن الولاية كانت تمتلك أكبر مطبعة للكتب وطباعة الإمتحانات بعرب السودان لكنها تعرضت للتدمير الممنهج والحرق بالكامل وحوجتهم الماسة لمطبعة لعودة هذا النشاط الذي يساهم فى إستقرار العملية التعليمية ويقلل على الأسر تكلفة الكتب،كما أن جميع المعلمين والمعلمات مازالوا يعملون بالتطوع دون مرتبات ويرجع الفضل لأولياء الأمور والمجالس التربوبية ومساهماتهم الكبيرة التى أدت إلى إستقرار التعليم، بجانب تراكم الدفعات فى الشهاده السودانية للأعوام 23، 24 والان 2025م مشيرا الى أنهم كوزارة ولائية فى هذ الجزئية وضعوا رؤيتهم وخططهم منتظرين فقط تعيين وزير التربية والتعليم الإتحادى لتسليمه قضية إمتحانات الشهادة السودانية وكيفية تجاوزها فى مناطق سيطرة حكومة تأسيس.
مدير عام وزارة التربية والتعليم بالولاية: نخطط لقيام مؤتمر للتعليم يناقشون فيه كل مشكلات التعليم والرؤية المستقبلية للتطوير..
مؤتمر للتعليم
قال مدير عام وزارة التربية والتعليم بالولاية إنهم يخططون لقيام مؤتمر للتعليم يناقشون فيه كل مشكلات التعليم والرؤية المستقبلية للتطوير وأضاف ” نفتكر أن المنهج الموجود بحاجة لتغيير فى بعض الجوانب ومن خلال تجربة فترة الحرب إكتشفنا بأننا لدينا خلل كبير فى المنهج الدراسي خاصة فيما يتعلق بالمهارات الحياتية التى ينبغى أن تكون داخل المنهج الذي يحتاج لتقويم وتصويب، كذلك التربية الوطنية يجب أن تكون ضمن المنهج” مشيرا الى أنهم فى إنتظار تعيين الوزير بحكومة التأسيس ليضعوا له أولوياتهم وأولها تراكم دفعات إمتحانات الشهادة السودانية وكذلك وزارة التعليم العالي للتفكير حول قضية فتح الجامعات حتى يتمكنوا من الإجابة على الكثير من التساؤلات من الطلاب وأولياء أمورهم حول تلك القضايا.
وإختتم الوزير حديثه للصحيفة بأنهم فى حوجة لمزيد من تفاعل المجتمع مع قضايا التعليم وكذلك الدعوة العاجلة للمنظمات بالقدوم للولاية والمساهمة فى دعم التعليم سيما وأنهم لديها المئات من المدارس بالمحليات مشيدة بالمواد المحلية وطوال فترة الحرب وتوقفها لعامين إنهارت تماما وهي بحاجة لإعادتها مؤقتا بالمواد المحلية ومستقبلا بالبناء الثابت.رسالة فى بريد الحكومة
التعليم يعد السلاح القوي لمواجهة العدو الخفي (الجهل) الذي عبر بوابته تفشي خطاب الكراهية وإنتشرت الحروب الأهلية وإنقسمت المجتمعات بسبب تفشي الجهل واستغلال بعض الساسة والمثقفين للمجتمعات لتمرير أجنداتهم الهدامة للمجتمع. ومن واقع ما لحق بالتعليم فى جنوب دارفور بفعل الحرب والدمار الذي طال هذه المؤسسة المهمة فإن القضية بحاجة إلى تأسيس حقيقي من قبل حكومة السلام والوحدة الوطنية “تأسيس” التى تسعي لبناء سودان جديد تسوده قيم السلام والمساواة فى الحقوق والعدالة بين الناس. فحاكم إقليم دارفور د. الهادى إدريس الذي قرع جرس إنطلاقة العام الدراسي من العاصمة الإدارية نيالا فى الأول من ديسمبر للعام الحالي ينتظره الكثير لتغيير واقع التعليم بإقليم دارفور.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.