قـــوافـــل الرحــــمة وشــظــايا الاتهـــام “حكومـــة تأسيـــس”

أ/سلـــيم مــحمــد عبــداللــه

 

أ/سلـــيم مــحمــد عبــداللــه

تُغيث وتُتَّهَم والواقع يُعلن “كـــل الوطن تأسيـــس” في وجـــه حمـــلات التــــشويه

فــي قلب مدينة الفاشر التي أنهكتها الحرب وجرّحتها الفتن، تتعالى أصوات مختلفة بعضها يهمس بالاتهام، وبعضها ينطق بالامتنان. وفي الوقت الذي تشتعل فيه المنصات بأحاديث عن القصف والاتهامات، تتقدّم حكومة تأســـيس بخطى واثقة في الميدان، حاملة شعارًا بسيطًا وعميقــا: “كـــل الوطـــن تأســـيس”

في الأيام الأخيرة، شهدت الفاشر مشهدًا استثنائيًا. قوافل المساعدات الإنسانية دخلت المدينة كخيوط ضوء بعد عتمة طويلة، حاملة الغذاء والدواء والرجاء. لم تكن مجرد مواد إغاثة، بل كانت رسائل حياة إلى وجوهٍ أرهقها الانتظار، وأطفالٍ غابت عن عيونهم الضحكة طويلاً

مشـــاهد الــفرح بعــد الــصمت الــطويـــل

في الساحات والأحياء، انبعثت ملامح الفرح على وجوه الأطفال الذين ركضوا خلف الشاحنات المزيّنة بعلامة “تأسيس”، وهم يلوّحون بالأيادي الصغيرة وكأنهم يستقبلون الغد.
الأمهات بدورهنّ لم تُخفين دموع الفرح، فبين حمل الأكياس واحتضان الصغار، كانت الرسالة واضحة: الحياة تعود من جديد.

الجرحى الذين تلقّوا الدعم الطبي والمستلزمات العاجلة من فرق الإغاثة بدوا أكثر ثباتًا، وقد لمسوا للمرة الأولى منذ سنوات يدًا تمتد لا لتسأل أو تتّهم، بل لتواسي وتُعالج

طــمأنينة بعــــــد فــــقدان الأمــل

من المشاهد اللافتة في المدينة أيضًا، ارسال الأسر لأقربائهم في الخارج رسائل اطمئنان عبر نقاط التواصل التي وفّرتها فرق “ حــكومــة تأســـيس”. أصوات الأمهات وهي تطمئن أبناءها كانت تشبه نشيدًا وطنيًا خافتًا، لا يُذاع في نشرات الأخبار، لكنه يُروى في ذاكرة الوطن.

“أنا بخير… البلد بخير”، قالتها إحدى الأمهات بصوتٍ مرتجف عبر المواقع التواصل الاجتماعي، لتؤكد للعالم أن ما يجري على الأرض أعمق وأصدق من أي سردية تُكتب من وراء المكاتب.

اتــهامات وحـــقائق

رغم الاتهامات التي وُجّهت لحكومة تأسيس بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، إلا أن الوقائع الميدانية في الفاشر رسمت صورة مختلفة تمامًا.
الفرق الطبية والميدانية كانت تعمل في صمتٍ ومثابرة، بلا ضجيج إعلامي ولا شعارات سياسية. الصور القادمة من الميدان تُظهر وجوه متطوعين يحتضنون الجرحى، لا يتحدثون عن الحرب، بل عن إنقاذ الأرواح

في المقابل، ظلّت بعض الأصوات الخارجية تُعيد إنتاج خطابٍ مأزومٍ يسعى لتشويه الجهود الإغاثــية، متجاهلــةً أن ما يجري في الفاشر اليوم هو نموذج لبـداية وطنية جديدة تُبنى من الميدان لا من البيانات والشـعارات المزيفــة

“كـــل الوطـــن تأســـيس”.. الشعــار يتحوّل إلى واقع

الشعار الذي أرسل رسائل قوية الي العالم “كــل الوطــن تأسيـــس” لم يعد مجرّد جملة في نشرة رسمية، بل أصبح حقيقة ترويها وجوه الناس في الشوارع والمخيمات.
حين ترى طفلًا يبتسم بعد أن تناول وجبة دافئة، أو جريحًا يستعيد وعيه بفضل دواء وصل في الوقت المناسب، أو أمًّا تبتسم لأن ابنهــا بخير في مدينــة أخرى تــدرك أن الشعار أصبح نبضًا وطنيا

 

الواقــع يتــحدث… والصــورة لا تــكذب

عدسات الصحفيين والمراسلين التقطت لحظات لا يمكن تزييفها:
أصوات ضحك الأطفال، ابتسامات الجرحى، عيون الأمهات المبلّلة بالدموع، ونداءات الجنود وهم يوزّعون المساعدات بيدٍ تقدّم الرحمة لا القهر.

إنها مشاهد تختصر آلاف الكلمات، وتضع نهاية مؤقتة لسلسلة من الاتهامات التي سقطت أمام قوة الصورة والمشهد الإنساني الحيّ.

 

في مـــيزان الــــوعــــي

بين ““قوافل الرحمة“” و”“شظايا الاتهام“”تقف حكومة تأسيس في امتحان حقيقي أمام الوعي الوطني والعالمي.
فمن جهة تُغيث، ومن جهة تُتَّهم. ومن وسط هذه الازدواجية يخرج سؤال واحد إلى العلن:
هل سيستطيع الإعلام الخارجي أن يرى الصورة كاملة، أم يكتفي بنصف الحقيقة

حيــن يتــكلم الــواقـــع

الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة تُروى أخبارها، بل مشهدٌ يتكلم بلغة مختلفة لغة الصبر والمثابرة والإيمان بأن الإنسانية لا تموت حتى في زمن الحرب.

ووسط هذا المشهد، تبقى الحقيقة الأوضح أن “حكومة تأسيس” لم تكتفِ بالقول، بل فعلت ما يعيد الأمل إلى قلوبٍ أنهكها الانتظار.
إنها رسالة تقول للعالم:
رغم “شظايا الاتهام”، فإن “قوافل الرحمة” تمضي،
ولأن كل الوطن تأسيس، فالحياة لا تزال ممكنة بل تبتسم من جديد

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.