الإمــارات تضع العـربة أمـام حُصــان الجيش

✍د. موسى الأمين حمودة

مسألة الحصان والعربة تطبيقٌ لقانون نيوتن الثالث، الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه.

قبل الابحار في سلسلة الاحداث والتداعيات التي أفرزتها الحرب الحالية بتخطيط وتنظيم الحركة الاسلاموية، واجب أن نبحث في أصل العلاقات الاخوية المتجذرة بين دولة الامارات والسودان .بمجرد ما نالت دولة الإمارات العربية المتحدة استقلالها في العام 1971 بقيادة مؤسسها وخادمها الشيخ
زايد بن سلطان آل نهيان،حظيت بإعتراف من جمهورية السودان وزيارة الرئيس الأسبق ، جعفر محمد نميري كأول رئيس عربي وافريقي لها في العام 1972. فتوطدت العلاقات الثنائية المتبادلة بين البلدين والشعبين وتطورت وأخذت تبحر في مجالات الاستثمار وبناء المشروعات الحيوية والتي أستمرت لعقود من الزمان دون ان تتأثر بسوء أو توتر الا خلال العامين المنصرمين من الحرب التي أعلنها الجيش وفلول النظام ضد قوات الدعم السريع في 15 ابريل 2023م.

بدأت هذه العلاقة الفريدة والمتميزة منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، في مناخ صالح ابتدره الشيخ زايد، ومن أوائل قطرات الخير تمويل طريق هيا سواكن بورتسودان، وتم افتتاحه في العام ،1979 ثم قروض لمشاريع كثيرة مثل مشروع غزل الحاج عبدالله ،1976 سكك حديد السودان ،1977 ومطار الخرطوم عام 1980 . وتباعاً انطلقت مجالات التعاون بين البلدين،حيث تأسست أول شركة عام ،1975 هي شركة الإمارات والسودان للاستثمار. ومن بين المشروعات المتميزة انشاء قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم التي بدأت أعمال تشييدها في عام ،1983 وتم افتتاحها في العام ،1987م. وفي العام 2002م مول صندوق ابو ظبي في السودان مشروع سد مروي بمبلغ مساهمة قدره 735 مليون درهم و يعتبر أحد أهم المشاريع الاستراتيجية وأكبر المشاريع الإقتصادية التى نُفًذت وذلك للأثر الواضح الذى أحدثه فى حياة المواطنين وبإنشائه تطورت الكثير من أوجه النشاط الاقتصادي . كما ساهم الصندوق مشروع سكر النيل الابيض وبتمويلة بما قيمته 184 مليون درهم إلى إنتاج 465 ألف طن،وقد ساهم في دعم النمو الاقتصادي للدولة بصفة عامة والتنمية الريفية في ولاية النيل الأبيض بشكل خاص.وفي العام 2017 أنشات الامارات مشروع “أمطار” الزراعي للنخيل بمحلية الدبة بشمال السودان بمساحة اجمالية 300 ألف فدان.

وبالعودة الى مجريات حرب 15 ابريل التي بدأها الفلول ضد قوات الدعم السريع ،وظلت دولة الامارات حضوراً عبر كل المساعي الدولية الداعية لوقف الحرب ابتداءاً من اتفاق جدة ، والمنامة ومحادثات جنيف وسوسيرا وتدعو طرفي الحرب بوقف الحرب واحلال السلام والسماح بإيصال المساعدات الانسانية الى نحو 25 مليون نازح في مدن السلام المختلفة ودعوتها بعدم انساع رقعة الحرب وزيادة معاناة الشعب السوداني. ولم تألوا دولة الامارات جهداً في وقف الحرب ودعوة طرفي الحرب والضغط عليهما عبر المنابر الاممية ومجلس الأمن وكانت طرفا اصيلا في كل الجهود الإقليمية والعالمية لوقف الحرب، بجانب ذلك لم تكتفيء الامارات بجهودها الدبلوماسية لمساعدة الشعب السوداني وانما ساهمت بالمواد التموينية والادوية والمساعدات الانسانية المختلفة لاغاثة الشعب السوداني، وسخرت مطاراتها وعلاقاتها من أجل مساعدة واعانة الشعب السوداني. وبرغم ذلك ظل الجيش وقياداته الحالية يكيلون الشتائم والسباب والاتهامات الباطلة وفرقعات اعلامية مضللة ضد دولة الامارات والادعاء بانها تساند قوات الدعم السريع وتمويلها بالسلاح وتشكل غطاءاً دبلوماسياً لقوات الدعم السريع على حسب زعمهم.

دولة الامارات لا زالت تعتبر ان الجيش من طرفي الحرب وهو كا”الحصان” الذي يقود العربة، أي تشجعه أن يكون له دور حيوي في في وقف الحرب واخلال السلام طوعاً غير مكرهاً ، لا أن يكون موقعه خلف العربة، مجروراً لا جاراً وغير فاعلاً في المشهد وكأنه ترله أو عربة “كارو” تجره الحركة الاسلاموية لتنفيذ اجندتها الشيطانية والاستمرار في الحرب التي لن تتحق له نصر.

خلال الأسبوع المنصرم خسر الجيش معركته الدبلوماسية مع الامارات، فشل في كسب معركته الدبلوماسية والسياسية ضد دولة الامارات وفق صدور التقرير النهائي لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان، والذي سلّط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الأطراف المتحاربة بحق المدنيين، ودحض المزاعم الباطلة التي وجهها الجيش السوداني ضد دولة الإمارات.

لم يفق الجيش السوداني من ورطته الدبلوماسيه وتداعياتها، الا انه قبل يومين يتعرض لصفعة أخرى وبالدلائل المثبتة بإعلان النائب العام الإماراتي إحباط محاولة تمرير عتاد عسكري إلى الجيش السوداني وإلقاء القبض على ما وصفها بـ”خلية متورطة في عمليات الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع في العتاد العسكري وهو كمية من الذخائر داخل طائرة خاصة كانت تحمل نحو 5 ملايين قطعة ذخيرة عيار (62×54.7) من نوع “جرينوف” من العتاد العسكري في أحد مطارات الدولة، بالإضافة إلى ضبط جزء من متحصلات الصفقة المالية بحوزة اثنين من المتهمين داخل غرفهم الخاصة بأحد الفنادق، حيث اوضحت المستندات التي وجدت بحوزتهم عن صلاتهم المباشرة من قيادات الجيش الحاليين أبرزهما البرهان ومساعده ياسر العطاء .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.