حكام أقاليم حكومة “تأسيس” : رموز نضالية من عمق الهامش إلى رحاب دولة العدالة الاجتماعية
نيالا - عين الحقيقة
في مشهد تاريخي يعكس روح التغيير ورغبة الهامش العريض في استرداد حقوقه، شهدت مدينة نيالا، يوم أمس، إعلان تشكيل حكومة تحالف التأسيس، التي جاءت تتويجاً لمسيرة نضال طويلة خاضتها القوى السياسية والاجتماعية، والحركات المسلحة، وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية–شمال، في مواجهة عقود من التهميش والإقصاء الممنهج، والاحتكار المركزي للسلطة والثروة من قبل دولة ظلامية استمرأت معاناة الشعوب السودانية في سلسلة من الحروب الدامية التي امتدت لعقود.
الحكام الثمانية الذين تم اختيارهم في حكومة التأسيس هم رموز نضال طويل، عركتهم ميادين الثورة والمقاومة، ويحملون على أكتافهم قضايا شعوب مضطهدة ناضلت طويلاً من أجل دولة المواطنة المتساوية التي تسع الجميع.
في وسط تشكيلات حكام أقاليم حكومة التأسيس، يبرز اسم الدكتور الهادي إدريس يحيى، حاكم إقليم دارفور، يُعد مناضلاً معتدلاً، سعى طويلاً لاستعادة حقوق أهل دارفور دون التخلي عن مطالبهم العادلة،..
في وسط تشكيلات حكام أقاليم حكومة التأسيس، يبرز اسم الدكتور الهادي إدريس يحيى، حاكم إقليم دارفور، وهو أحد أبرز قيادات الجبهة الثورية، ورئيس حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي، وواحد من الموقعين على اتفاق جوبا للسلام.. يُعد مناضلاً معتدلاً، سعى طويلاً لاستعادة حقوق أهل دارفور دون التخلي عن مطالبهم العادلة، وعلى رأسها عودة النازحين واللاجئين. لذلك، يشكل وجوده في حكومة التأسيس ضمانة لاستمرار الكفاح المتزن لتمثيل شعوب الهامش في حكومة السلام والوحدة.
وبالنسبة للقائد جقود مكوار مرادة، حاكم إقليم جنوب كردفان- جبال النوبة، فقد عُرف بتاريخه الطويل في الكفاح المسلح ضمن الحركة الشعبية -شمال.. فهو من الأصوات المنادية بإلغاء التمييز الثقافي والديني، وبناء دولة علمانية تقوم على المواطنة، وهي القضية التي دفعت جبال النوبة ثمنها لعقود من الحروب والمعاناة.
وفي الإتجاه ذاته، يقف القائد جوزيف تكة حاكم إقليم النيل الأزرق- الفونج الجديد.. فهو أحد قيادات الحركة الشعبية- شمال أيضا، ويُعد ممثلاً حقيقياً لشعب الفونج الجديد الحالمين باستعادة إرثهم التاريخي، وبناء إقليم يُدار وفق خصوصيته الثقافية والديمغرافية.. ناضل تكة طويلاً من أجل إرساء دعائم التنمية المستدامة في مجتمع عانى من التهميش منذ الاستقلال.
وعلى الضفة الشرقية، د- مبروك مبارك سليم، حاكماً لإقليم شرق السودان، فهو مناضل ورجل أعمال، قاد حركات الكفاح المسلح في الشرق ضد نظام المؤتمر الوطني البائد، مطالباً بعدالة توزيع الموارد من موانئ وذهب وخدمات.. يُمثل مبروك سليم الصوت الأصيل للكفاح الشرقي، وسعيه للخروج من قمقمه التاريخي.
يمثل صالح البيشي صوت الريف المهمش في سنار والجزيرة والنيل الأبيض، الذي يناضل من أجل رفع الظلم عن المزارعين والرعاة الذين أهملتهم النخب الاقتصادية.
أما القائد صالح عيسى عبد الله البيشي، حاكم الإقليم الأوسط، فهو من أبناء “عرب الصعيد” ومن رموز قيادات الدعم السريع الميدانية في الإقليم، وابن عم الشهيد البيشي، القائد الميداني المعروف.. يمثل صالح البيشي صوت الريف المهمش في سنار والجزيرة والنيل الأبيض، الذي يناضل من ميادين القتال لأجل رفع الظلم عن المزارعين والرعاة الذين أهملتهم النخب الاقتصادية.
ومن أقصي البلاد شمالاً، جاء اختيار البروفيسور أبوالقاسم الرشيد أحمد حاكماً للإقليم الشمالي.. وهو أكاديمي ومفكر معروف، ناضل من أجل التنمية المتوازنة، وإنهاء احتكار السلطة باسم الانتماء الجهوي.. يعكس اختياره استجابة لمطالبات قديمة لأهالي الشمال، لا سيما في ملفات السدود والأراضي الزراعية.
فيما تم إختيار فارس النور إبراهيم، المستشار السابق لقائد قوات الدعم السريع،وحاكم لإقليم الخرطوم الحالي عن حكومة التأسيس.. فارس من الجيل الحداثي النشط، برز من خلال منظمات المجتمع المدني إبان ثورة ديسمبر المجيدة، كان من أوائل الأصوات الداعية للتظاهرات والمواكب… إلا أن إدارته للعاصمة القومية ستواجه تحديات معقدة نظراً لإرثها المركزي الطويل في الصراع حول السلطة والثروة في البلاد بأسره.
وفي كردفان الكبري أصبح السيد حمد محمد حامد، حاكماً لإقليم كردفان، وهو من أبناءه السياسيين المعروفين بالحكمة، الحنكة والانحياز لقضايا المجتمع المحلي..ظل منادياً بضرورة تحقيق العدالة والتنمية المستدامة في الإقليم، من خلال النضال المدني والعمل المجتمعي.
بالضرورة، فأن حكام الأقاليم الثمانية هم ممثلون حقيقيون لأقاليمهم، خاضوا نضالاً عنيداً ضد الدولة المركزية والطغيان السياسي.. لكن تظل حكومة تحالف التأسيس أمام فرصة نادرة لبناء نظام وطني عادل، لا يُقصي أحداً، ويضع الهامش السوداني العريض في معادلة السلطة والثروة، لا في ذيلها.
ويبقى السؤال: هل تُحدث حكومة تحالف التأسيس المعروف، بحكومة الوحدة والسلام تحولاً جذرياً في بنية الدولة السودانية..؟ أم أن المركز سيتشبث بامتيازاته القديمة ويُعرقل مسارها…؟
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.