البرهان وإقصاء الإسلاميين.. استجابة للضغوط أم مناورة للبقاء ؟!

محمد سليمان أبو صباح

ردود فعل مختلفة صاحبت الخطوة التي أقدم عليها قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بإتخاذه قرار إحالة ضباط برتب عليا إلى المعاش، ومعظم الأسماء التي تمت إحالتها إلى المعاش من عناصر الحركة الاسلامية في الجيش السوداني والمؤتمر الوطني . وتزامن إصدار القرار بإلزام القوى العسكرية غير الرسمية التي تكونت أثناء الحرب وقبل الحرب، بإتباع قانون القواعد الجيش السوداني وتعليماته .

ولطالما كانت مشاركة الإسلاميين في هذه الحرب بل وإشعالها بهدف العودة للسلطة مرة أخرى، وكانت مشاركتهم واضحة من قبل إندلاع الحرب وأمسكت بزمام الأمور بعد إنطلاق الحرب في الخامس عشر من أبريل . العلاقة بين الحركة الإسلامية والمؤسسة العسكرية في السودان معروف عنها بأن الإسلاميين تمكنوا من السيطرة عليها إبان إنقلاب الرئيس الأسبق عمر البشير (1989_2019) و، حيث قامت عناصر الحركة الاسلامية بدعم إنقلاب الجيش على حكومة الفترة الإنتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك في أكتوبر 2021 م .

وبين رفض مناصري الإسلاميين الواضح للقرار وشبه دعم من آخرين لقرارات قائد الجيش ، فإن هناك عدة عوامل قد دفعت قائد إلى إتخاذ الخطوة .

ومما لا شك فيه مشاركة عناصر المؤتمر الوطني المعلنة والواضحة في هذه الحرب وتبنيها وتبني سردياتها المختلفة، ومع استمرار العمليات العسكرية والتي تشهد تراجعا ً للجيش السوداني وتلقيه لهزائم مختلفة من قبل قوات الدعم السريع ، فإن مشاركة الإسلاميين في الحرب قد أثارت حفيظة المجتمع الإقليمي والدولي .

ويرى مراقبون أن أهم الدوافع وراء الخطوة محاولات البرهان لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي، الذي ينظر بحذر إلى نفوذ المؤتمر الوطني داخل الجيش السوداني والمعلوم أن نظام المؤتمر الوطني لا يجد الدعم ولا الرضا من المجتمع الدولي .

وتشير التحليلات إلى أن البرهان يخضع لضغوط دولية لفك إرتباطه بعناصر الحركة الإسلامية حتى يحصل على الإعتراف والدعم من المجتمع الدولي، وقد جاءت القرارات بعد زيارة غير معلنة لقائد الجيش إلى سويسرا والتي اشارت الأخبار لمقابلته مسعد بولس فيها .

ويبدو أن عجز البرهان من نيل الإعتراف بشرعية حكومته حتى بعد أن سمى كامل إدريس رئيسا ً للوزراء وتشكيل حكومته ، والرفض المستمر من قبل عناصر الحركة الاسلامية الجلوس لأي مباحثات سلام يمكن أن تفضي إلى إنهاء الأزمة في السودان ، فإن البرهان يسعى بهذه الخطوة لترتيب البيت الداخلي للفصيل الأبرز في تحالف بورتسودان وهو الجيش السوداني ولإمتلاك زمام القرارات .

هناك عامل آخر وراء خطوة البرهان وهي أن البرهان بهذا المسعى يهدف بشكل أكبر للسيطرة منفردا على الجيش وتوطيد حكمه وضمان ولاءه له، ولتعزيز سيطرته، وقطع أي محاولات للإنقلاب عليه، ويبدو أن البرهان يسعى للسير في طريق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خصوصاً ما يجمع بينهما من علاقات وطيدة وصلت حد مشاركة الطيران المصري بقوة في حرب السودان إلى جانب الجيش السوداني .

الخطوة تعتبر جزءاً من المناورات التي يقوم بها البرهان ، ورهانه على ترتيب تحالف بورتسودان ، والمراوغة والإلهاء بسبب عدم قدرة الجيش السوداني التقدم نحو دارفور للتغطية على الخسائر التى منى بها وكتائب البراء الإسلامية والقوات المشتركة وقوات درع السودان في كردفان في الفترة الأخيرة، ولا تشير قرارات البرهان بإحالة ضباط برتب عليا إلى المعاش إلى سوء العلاقة بينه والإسلاميين ، فلا زالت هناك قيادات معروف بولائها إلى الحركة الإسلامية ابرزهم مساعد البرهان الفريق ياسر العطا ، كما أن الحكومة التنفيذية تشهد على نفوذ الإسلاميين وسيطرتهم عليها، والتي تغلغلت عبر فترة حكمهم التي امتدت إلى ثلاثين عاما ً .

خطوات البرهان مع تزايد الأزمة الإقتصادية و الأمنية في مناطق سيطرة الجيش السوداني وغياب الإعتراف والشرعية والاقليمية والدولية، لا يعتبر إجتثاث لعناصر الإسلاميين بل محاولات لترتيب الولاءات ولنيل الرضا من دول ترفض الإسلاميين، ومحاولات منه لمزيد من السيطرة والإنفراد بقيادة حكومة بورتسودان دون مصاعب .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.