يشهد السودان منذ اندلاع حرب منتصف أبريل 2023م واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في تاريخه الحديث، إذ تتداخلت فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والإنسانية على نحو متسارع، بينما تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى احتواء النزاع ووقف معاناة المدنيين ومع تزايد المبادرات الدولية، يبرز السؤال هل تنجح هذه التحركات في إنهاء الأزمة بالفعل ؟ تسببت الحرب الدائرة بين قوات الجيش والاطراف المتحالفة والدعم السريع في مقتل اكثر من 20 الف شخص ونزوح ولجؤ نحو 15 مليونا بحسب الأمم المتحدة وسط جهود متواصلة ومبادرات متعددة لنزع فتيل الأزمة.
أجرى المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بولس، مباحثات مع وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، حيث ركزت على تنسيق الجهود لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية
وتستعد حكومة «تأسيس» لعقد اجتماع مرتقب مع ممثلين عن الهيئة الحكومية للتنمية (الإيغاد) والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، لبحث سبل دعم مسار السلام وتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار، ويُنتظر أن يناقش الاجتماع آليات الهدنة واستئناف العملية السياسية بعد تعثر المبادرات السابقة التي لم تفلح في تحقيق اختراق فعلي.
وفي السياق ذاته، أجرى المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بولس، مباحثات مع وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، حيث ركزت على تنسيق الجهود لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، لا سيما إلى مدينة الفاشر التي تشهد أوضاعاً إنسانية متدهورة.
كما كشفت مصادر دبلوماسية عن استمرار التنسيق بين واشنطن والدوحة ضمن إطار “الرباعية الدولية” التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وبريطانيا، والتي تعمل على دفع الأطراف السودانية للقبول بهدنة إنسانية تمتد لثلاثة أشهر.
ومن جانبها، أكدت حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، على لسان وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر، استعدادها للتعامل بإيجابية مع أي مبادرة تنسجم مع خارطة الطريق الوطنية، لكنها شددت على رفض أي طرح يتجاوز المصالح السودانية الداخلية، هذا الموقف يعكس حساسية المشهد الداخلي تجاه أي تدخل خارجي قد يُفسر على أنه وصاية سياسية.
الاجتماع الخامس للقوى السياسية بـ(نيون) السويسرية غير الرسمي الذي انتهي مؤخراً بالنجاح بكل المقاييس من حيث التوصيات وكذلك تنوع مشاركة القوي السياسية والمجتمعية
وكما أكد رئيس حزب الامة مبارك الفاضل المهدي في تغريدة علي منصة إكس، ان الاجتماع الخامس للقوى السياسية بـ(نيون) السويسرية غير الرسمي الذي انتهي مؤخراً بالنجاح بكل المقاييس من حيث التوصيات وكذلك تنوع مشاركة القوي السياسية والمجتمعية، وإن اهم ما اتفق عليه المشاركون هو الوقف الفوري للحرب والترحيب بالجهود الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار وإغاثة المنكوبين في دارفور ، خاصة في الفاشر.
يرى مراقبون سياسيون أن تكثيف التحركات الدولية يعكس إدراك المجتمع الدولي لخطورة استمرار الحرب، وما تمثله من تهديد للأمن الإقليمي في القرن الإفريقي، ومع ذلك، فإن هذه الجهود رغم أهميتها تظل غير كافية لإنهاء الأزمة من جذورها.
فالمعالجة الحقيقية، بحسب المحللين، تحتاج إلى توازن بين الضغط الدولي والإرادة الوطنية، بحيث يقود الداخل السوداني بنفسه مسار التسوية السياسية، مع دعم خارجي يقتصر على تهيئة الظروف وضمان الالتزام بالاتفاقات.
وبالمقابل ان التحركات الدولية الراهنة تشكل بلا شك فرصة حقيقية لخفض التصعيد وفتح الباب أمام مفاوضات جديدة، لكنها تظل محاولات ناقصة ما لم تُترجم إلى التزام فعلي من الأطراف المتحاربة، باعتبار ان الأزمة السودانية لن تُحل إلا بمزيج من الضغط الدولي المنسق والإرادة الوطنية الصادقة، لتبدأ البلاد طريقها نحو السلام والاستقرار.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.