الردوم مثلث حدودي خارج دائرة إهتمام الدولة المركزية

الردوم – عين الحقيقة

تُعد محلية الردوم الحدودية التى تقع في الجزء الجنوبي الغربي لولاية جنوب دارفور في الحدود مع دولتي أفريقيا الوسطى وجنوب السودان من أهم المناطق الاستراتيجية لما تتمتع به من موقع جغرافي وخيرات في باطن الارض وخارجها، وتوجد بها محمية الردوم الطبيعية وهي واحدة من أبرز المحميات الوطنية في السودان، وتقع في أقصى الطرف الجنوبي الغربي من ولاية جنوب دارفور، على ارتفاع 450 مترًا فوق سطح البحر، تفصلها مسافة 1121 كيلومترًا عن العاصمة الخرطوم، و286 كيلومترًا عن مدينة نيالا.

وتمتد محمية الردوم لتلامس الحدود مع جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتشكل جزءًا من منطقة نزاع حدودي مع دولة جنوب السودان منذ انفصاله عام 2011. وبعد حرب أبريل اللعينة سيطرت عليها قوات الدعم السريع واعادة فيها الحياة وتشغيل دواوين الحكومة وبسط الأمن الأمر الذى جعلها أكثر المناطق امنا واستقرارا، وتقوم الإدارة المدنية والادارة التنفيذية والادارة الأهلية بمهام تسيير الحياة عبر لجان مشتركة.

تتميز محمية الردوم بمزيج رائع من النباتات والحيوانات، حيث تعتبر موطنًا لأنواع نادرة من الحياة البرية..

محمية وطنية وثروات طبيعية:

في عام 1981، تم إعلان الردوم محمية وطنية بفضل غناها بالتنوع الحيوي وحياتها البرية النادرة، وهذا التنوع المدهش جعلها تحظى بمكانة عالمية، حيث تم تسجيلها ضمن الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي التابعة لليونسكو، وتتميز محمية الردوم بمزيج رائع من النباتات والحيوانات، حيث تعتبر موطنًا لأنواع نادرة من الحياة البرية مما يجعلها ذات قيمة بيئية فريدة. ومع ذلك، فإنها تواجه تهديدات متعددة ناجمة عن الأنشطة البشرية مثل الصيد الجائر التوسع الزراعي العشوائي ، وقطع الأشجار، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا لحمايتها.

أهمية محمية الردوم الطبيعية:

وبحسب عالمة الاثار بثينة محي الدين فأن محمية الردوم تمثل فرصة للسودان لتعزيز السياحة البيئية، وتوعية المجتمعات المحلية بأهمية الحفاظ على البيئة، كما تُعد موقعًا مهمًا للباحثين المهتمين بدراسة التنوع الحيوي والمحيطات الحيوية، وتجمع محمية الردوم الطبيعة معظم الحيوانات مثل: “القرود والاسود والزراف والضباع واسراب من الغزلان بانواعها المختلفة وفصائل من الخنزير البري الذي يعرف ب (الحلوف) وانواع مختلفة من طيور الحبار والاوز وطيور السمان ودجاج الوادي” وقالت بثينة ان مناطق “كفيا قنجي” و”كفن دبي” هي مناطق غنية بالاثار لكنها مهملة من قبل المؤرخين والباحثين السودانيين .

بالنسبة للمهتمين بحماية البيئة فأن حماية محمية الردوم ليست مجرد مسؤولية وطنية، بل هي واجب عالمي للحفاظ على أحد أبرز المعالم البيئية في أفريقيا

وبالنسبة للمهتمين بحماية البيئة فأن حماية محمية الردوم ليست مجرد مسؤولية وطنية، بل هي واجب عالمي للحفاظ على أحد أبرز المعالم البيئية في أفريقيا، كما أن بها مناجم النحاس والذهب في مناطق “حفرة النحاس” في منطقة “سنقو” و”كفيا قنجي” في المثلث الحدودي بين السودان وجنوب السودان وأفريقيا الوسطي.

تحديات تواجه المحمية:

وفي سياق حديثه عن المحمية قال الدكتور ابكر صالح ان التوسع في مجال التعدين علي حساب المحمية كان اكبر التحديات التي تواجه محمية الردوم اذ ينتشر فيها اكثر من (500) الف معدن في مجال التعدين الاهلي للذهب الامر الذي ضاعف استخدام مواد سامة وضارة بالبيئة مثل الزئبق والسيانيت وظهر ذلك عبر عدد من الشواهد منها موت الاشجار المثمرة ونفوق الطيور والحيوانات الامر الذي يستوجب اعادة النظر في قضية التعامل مع مخلفات التدين، وأضاف لابد من تحجيم المعدنين من التوسع في مجال التعدين على حساب البيئة والحظيرة.

زراعة المخدرات:

وظلت منطقة الردوم تشتهر بزراعة المخدرات خضوصا “القنب الهندي” الذي يعرف محليا ب”البنقو” وتستخدم فيه مساحات كبيرة تتجاوز مئات الهكتارات، وهذا التوسع في زراعة المخدرات جعل المنطقة مكان صراع عسكري بين زارعي المخدرات وسلطات المكافحة مما جعل الصيد يهرب بفعل استخدام السلاح الناري.

تبقي الاهمية الاستراتيجية لمحلية الردوم بجنوب دارفور كونها محلية غنية بالموارد الطبعية مثل المعادن الذهب والنحاس والثروة الغابية والحيوانية بجانب موقعها الجغرافي

بدائل المخدرات:

وفي سياق حديثه عن زراعة المخدرات بالمنطقة قال ابراهيم عبدالقادر مدير منظمة الردوم الخيرية التي نشطت في المنطقة بالتضامن مع عددد من المنظمات الخيرية مثل منظمة الفاو على ابتكار بدائل لزراعة المخدرات للسكان المحليين، وقال ان المنظمة خصصت ثلاثة مشاريع مثل زراعة الارز وانتاج عسل النحل وادخال تقنية الاستزراع السمكي في بحيرة “كندي” احد روافد بحر العرب هذه المشاريع الثلاثة كانت قد اظهرت نجاحا منقطع النظير الا انها توقفت بسبب التوترات العسكرية والسياسية في السودان عقب حرب 15 ابريل من العام 2023.

وتبقي الاهمية الاستراتيجية لمحلية الردوم بجنوب دارفور كونها محلية غنية بالموارد الطبعية مثل المعادن الذهب والنحاس والثروة الغابية والحيوانية بجانب موقعها الجغرافي الذي يحادد دول جنوب السودان وافريقيا الوسطي او ما يعرف بمثلث الموارد، لكن ظلت هذه المنطقة فغيرة ومعزولة بسبب السياسات الخاطئة التى انتهجها الحكومة المركز، فكان ان تجلت فيها المقولة “الردوم ثراء المكان وبؤس الانسان” وكأنها لعنة الموارد أصابتها فظلت فقيرة ومهملة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.