مـــن المـــاضي المــــظلم إلـــى نـــور التأسيــــس

سليم محمد عبدالله

فـــي ظـــل سنــــوات مــن الإهــــمال والتســـييس، ظـــل قـــطاع الصحـــة فــــي الســــودان مـــرآة صادقــــة لـــما عانـــاه الشــــعب مـــن أزمـــات مـــــتلاحقــــــة، حيــــث تحــــولـــت المـــستشــــــفيات إلى بيـــوت عــــزاء، والأمــــراض الفـــــتاكة إلــى روتيـــن يومــــي يهــــدد حيـــاة الـــــمواطـــن البســــيط. ومـــع ذلك، كل أزمــــة تحمـــــل فــــي طياتــــها بــــذور الأمـــــل، وحــــكومة التأســــيس الـــيوم تــــقف على مـــــفترق طـــرق تاريخـــــي لإعــــادة وزارة الصــــحة إلى مكانتــــها الحقيقيـــــة، كــــصرح خدمــــية يضــــمن العافـــــية ويـــــصون كرامـــــة الإنــــســـــــان

وزارة الــــصحـــة:::::::مــــن المـــــاضـــي الـــــمظلم إلـــى نــــور الـــــتأسيـــــس

الصــــحة هــــي مقــــياس ومعــــاييـــر الأمم، والــــــوزارة المســـــؤولة عنـــــها هــــي الوجـــــه الـــــذي يعـــــكس مـــدى احــــترام الدولة لإنســــانها وكرامتــــــــه. لكــــن الســــــودان عاش عــــــقوداً من الظـــــلام الصـــــحي، حـــــيث تحولـــــت وزارة الـــــــصحة من رمــــز للعــــــــناية بالحـــــياة إلـــــى مؤسســـــة مــــثقلــــــة بالفـــــساد، مبتـــــعدة عـــن رسالتــــها الإنسانيـــــة، ومهمــــــلة للـــــواجب الأخلاقي تــــــــجاه المـــــواطن

مــــن خدمــــة المـــــواطن إلى استــــــثمار الألـــــــم

تـــــغيب اللــــوائح والقـــــوانين، وأصــــبح الــــمواطــــن بـــــين مستشـــــفيات مهمــــــلة وأخــــطاء طـــــبية قــــاتلــــــة. الحكايـــــات وروايــــ&ات المـــؤلمـــــة أصـــبحت روتيــــناً:::: مـــريـــض يــــدخل على قدميــــه ويخــــرج جثــــماناً محمــــولاً، بينــــما الـــــوزارة الــــتي كان يـــــفترض أن تكون بيت عافية، تحــــولت إلى منصــــة للاستــــثمار تداول فيـــها الاسهـــم فــــــــي معــــاناة البــــشر. الـــــمواطن يــــدفع الثـــــمن غاليــــــاً بأرواح أبـــنائـــــه وصحــــته، فـــي معادلــــة لا مــــكان فيــــها للـــضمـــــير أو الإنــــ&سانـــية

تـــهجـــير الكــــوادر وانهــــيار الــــمنظومــــة بســـبب الــــعقليــــة اللـــي بـــتفتـــقد القــــيم الأخـــلاقيــــة والإنســـــانية

ســـياسة النــــظام الســـابــــق في تــــهجير الكــــوادر الطـــــبية الوطـــــنية تــــركـــت فــــجوة كارثــــية حقيــــقة فــــي الــــقطاع الـــــصحي. إمــــا الــــــولاء وإمـــــا الرحـــــيل، وهـــــكذا نــــزف الســـــودان أعــــظم أطــــبائـــه وشعــــبه، وتراجـــعت المنـــــظومــــة حـــتى أصــــبحت مـــصدر الأوبئــــة والوفيــــات، وامــــتدت الآثـــار إلــــى انتــــشار الفشل الكلوي، الســـرطــــان، وحـــمى الـــــضــــنك. المـــــستشفـــــيات تحــــولت مــــن مــــراكـــــز شـــــفاء إلــــى مــــراكـــز مأســــاة، وكــــان المــــواطـــن الضـــحية الأولى والأخــــيرة لكــــل هــــذه الســــياسات القـــــاسيـــــة

رؤيـــــة جــــديــــدة: حكـــــومــــة الــــتأســــيس

مــــع قـــدوم حــــكومـــة الــــتأسيس بقيــــادة القـــــائد المنــــاضل الدكتـــــور عــــلاء الــــدين عــــوض اللــــه نـقـــــد، بــــدأ الــــضوء يلــــوح فــــي الأفـــق. الحكومــــة وضـــــعت إعــــادة بـــناء وزارة الــــصحة أولويــــة قـــــصوى، إدراكـــــاً مـــــنها أن الــــصحة ليــــست مــــجـــرد خـــدمـــــة، بـــل حــــق إنــــساني مقـــــدس وركيـــــزة أساســــية للـــــعدالـــة الاجـــتماعــــية
وزارة الصــــحة: صــــرح أخــــلاقي وإنــــــسانــــي

وزارة الـــصحة اليـــوم ليســــت مـــــجرد مؤسســــة إداريــــة، بل صــــرح يرمــــز للأخـــــلاق والإنـــسانـــــية، وواجهـــــة حقيقيـــــة للدولـــــة في التـــــزامهــــا بــــــحق الــــمواطن. الفــــرق بــــين عقــــلية تُقــــــدّر الإنــــسان كأغلـــــى ثــــروة، وعقلـــــية تتـــــاجر بأوجـــاعـــــه أصــــبح واضــــحاً أكــــثر من أي وقــــت مـــضى. الــــوزارة الجـــــديدة تعــــلي القــــيم فـــــوق المــــصالح، وتضــــع حــــياة المـــواطن فــــوق أي حســـــابات ســــياسيــــة أو اقتـــــصاديــة

مـــــهام وزارة الــــصحة الــــجديــــدة:::{تأســــــيس}

معالجــــة الأمــــراض قبــــل استفحالــــــها، لـــــيس فقـــــط معالجـــــتها بعـــــد الكــــــارثة
حمــــاية المجتـــــمع قــــبل انـــــتشار الـــوبــــاء، ولــــيس الانتـــــظار حتــــى يـــــصبـــح الفيـــــروس خارج السيــــطرة.

إعــــادة الثقــــة بأن الــــصحة حــــق لا يُــــباع ولا يُــــشترى، وأن كل مــــواطــــن هو أمــــانـــة فــــــي أعــــناق الـــــــدولة

مـــن مأســــاة المـــاضــــي إلــــى أمــــــــل الــــــغد

اليـــــوم، أمــــام الــــســــــودان فرصـــة تاريخـــــية لإعـــــادة وزارة الصــــحة إلى مــــوقـــــعها الطــــــبيعي كــــوزارة خـــدمــــــية، تحـــــمــــي الإنـــســـــان وتــــحــــقق العـــــدالـــــة. الــــــصحــــة ليـــــست أرقامــــــاً فــــي مــــــيزانـــــــية، ولا شـــــعارات علـــــى الـــــجدران، بل حـــــياة الـــــمواطـــــــن وكرامــــــته. ومــــع رؤيـــــة حكومــــــة الــــتأسيــــس ووعــــــي الشـــــــــــــــعب الســـــــوداني، يمـــــكن تحـــــويـــــل الــــوزارة مــــن بــــــــؤرة أزمــــات إلـــــــــى منــــــارة عافــــــية وأمـــــل، لتصــــــبح رمـــزاً حـــياً للإنـــسانــــيــــة والـــــعدالــــة والـــضـــميــــر الــــحــــــــــــي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.