البعض وصفه بالمهزلة الدبلوماسية .. هتاف كامل إدريس في اسمرا ..!

تقرير - عين الحقيقة

أثار هتاف رئيس وزراء حكومة الامر الواقع ببورتسودان الدكتور كامل إدريس، خلال زيارته للعاصمة الإريترية أسمرا في شهر اكتوبر الماضي، والتي هتف فيها امام الكاميرات “عاش الرئيس أسياس” موجة واسعة من الجدل والانتقادات في الأوساط السودانية. واعتبر كثيرون أن هذا التصرف يعكس حالة من الارتباك السياسي وفقدان الحس الوطني لدى السلطة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، ويرى محللون أن ما صدر عن إدريس لا يمكن اعتباره مجرد تصرف عفوي، بل خطأ دبلوماسي يمسّ مفهوم السيادة الوطنية والعلاقات الإقليمية للسودان، فيما دعا آخرون إلى ضبط الخطاب الرسمي حفاظًا على صورة الدولة ومصالحها العليا.

يشير مراقبون إلى أن هذه الزيارة كانت تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، غير أن الهتاف الذي أطلقه إدريس غطّى على أهداف الزيارة الرسمية

وكانت زيارة كامل إدريس إلى أسمرا في إطار تحركات دبلوماسية تقوم بها سلطة بورتسودان في محاولة لتوسيع دائرة علاقاتها الإقليمية وسط الأزمة السياسية والعسكرية المستمرة في السودان. وتُعدّ إريتريا إحدى الدول التي تحافظ على علاقات متشابكة مع مختلف الأطراف السودانية، حيث تربطها مصالح حدودية وأمنية واقتصادية مع شرق السودان، إضافة إلى دورها المتزايد في الوساطات الإقليمية.

ويشير مراقبون إلى أن هذه الزيارة كانت تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، غير أن الهتاف الذي أطلقه إدريس غطّى على أهداف الزيارة الرسمية، وفتح باباً واسعاً للنقاش حول حدود الخطاب الدبلوماسي ومفهوم التمثيل الوطني في الظروف الراهنة.

قوبل هتاف كامل إدريس بتنديد واسع من قبل ناشطين وسياسيين وإعلاميين، الذين اعتبروا ما جرى تجاوزاً للبروتوكول الدبلوماسي وإساءةً للسيادة الوطنية في لحظة حساسة من تاريخ السودان، وقالت الناشطة نفيسة حجر ان هتاف كامل ادريس لم يكن زلة لسان، ولا حماسة عابرة، بل انهيار رمزي لفكرة المنصب الرسمي نفسه، وأضافت في مقال لها بصفحتها بالفيسبوك فمن يهتف لزعيم دولة أخرى وهو يحمل صفة “رئيس وزراء جمهورية السودان”، لا يمثل شعبًا ولا حكومة.

وذهب بعض المراقبين إلى أن هذا التصرف يعكس محاولة غير موفقة لكسب ود إريتريا بينما رأى آخرون أنه يعبر عن غياب الرؤية السياسية الموحدة داخل سلطة بورتسودان. في المقابل، حاول مقربون من إدريس التخفيف من حدة الانتقادات، مؤكدين أن الهتاف جاء في سياق المجاملة الدبلوماسية، وليس له أي بعد سياسي أو رمزي يتعارض مع مصالح السودان.

ومع ذلك، يرى محللون أن الواقعة كشفت عن حالة التوتر وفقدان التوازن في ادارة العلاقات الخارجية، ما يعمّق التساؤلات حول قدرة السلطة الحالية على تمثيل الدولة السودانية بصورة تحفظ هيبتها ومصالحها الإقليمية. في ظلّ هذا الجدل المتصاعد حول تصرف كامل إدريس، يظلّ السؤال الأبرز هو الي اي مدي تدرك سلطة بورتسودان ان حساسية اللحظة الوطنية، وضرورة أن تعكس تحركاتها الخارجية روح الدولة السودانية ومصالح شعبها؟

فالمشهد الهزيل لسيادة حكومة الامر الواقع ببورتسودان يكشف عن حاجة مُلحّة لإعادة ضبط الخطاب السياسي والدبلوماسي، وترسيخ نهج يوازن بين الانفتاح على الجوار الإقليمي والحفاظ على الثوابت الوطنية، وبينما تتواصل ردود الأفعال، يبدو أن هذه الحادثة ستبقى محطة بارزة في سجل التحديات التي تواجه سلطة بورتسودان في سعيها لتثبيت شرعيتها واستعادة ثقة الشارع السوداني.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.