ترحيل الجنوبيين من الخرطوم الأسباب والدوافع..؟

تقرير - عين الحقيقة

أفرزت حرب الخامس عشر من أبريل بالسودان والتي إندلعت في العام 2023 م ، أسوأ الممارسات العنصرية لجهاز الدولة وسكان شمال ووسط السودان تجاه بعض المجتمعات التي تقطن في مناطق سيطرة الجيش السوداني ، حيث تعرض الآلاف من السودانيين من سكان الكنابي بولاية الجزيرة لحملات إنتقامية من قبل مليشيات كيكل ما بين القتل والتهجير القسري وحرق قراهم وإجبارهم على الرحيل .

في ولاية نهر النيل والتي شهدت مشاهد مأساوية لترحيل مواطنين من دولة جنوب السودان معظهم من النساء إلى جنوب السودان .

لم تقتصر هذه الممارسات على سكان الكنابي فحسب بل إمتدت الحملة لتشمل مواطنين من دولة جنوب السودان . حيث تعرضوا لتهجير وإعتقالات وإمتدت لتشمل حملات تصفية تم تداوله عبر وسائل التواصل الإجتماعي بشكل كثيف وذلك إبان سيطرة الجيش السوداني على ولاية الجزيرة .
لم تتوقف الحملات في ولاية الجزيرة بل إمتدت لأطراف ولاية الخرطوم بعد أن سيطر عليها الجيش السوداني ومليشياته التي تقاتل معه .
حيث شهدت أطراف ولاية الخرطوم حملات إزالة لمساكن الوافدين من الولايات والذين ينحدر معظمهم من ولايات غرب السودان والنيل الأزرق وجنوب كردفان ودولة جنوب السودان . سلطات الأمر الواقع أطلقت على الحملة (تجفيف بؤر الجريمة) في تجلي واضح لسياسات الفصل العنصري التي أصبحت تمارس في العلن من قبل سلطة بورتسودان .
في ولاية نهر النيل والتي شهدت مشاهد مأساوية لترحيل مواطنين من دولة جنوب السودان معظهم من النساء إلى جنوب السودان .
أثارت هذه الخطوة موجة من ردات الفعل من قبل المهتمين بحقوق الإنسان وقضايا اللاجئين حيث أن مواطني جنوب السودان هم في الأصل لاجئين وأجبرتهم ظروف الحرب في السودان إلي النزوح مجددا ً دون وجهة معلومة لتضاف إلى معاناة اللجوء معاناة النزوح الداخلي ومن ثم الترحيل القسري إلى جنوب السودان .
ناشطون من دولة جنوب السودان ذكروا أن الخطوة التي اقدمت عليها السلطات ببورتسودان بترحيل مواطني جنوب السودان وخصوصاً النساء لا تراعي لطبيعة العلاقات بين البلدين وتتصرف وفق العقلية القديمة والتي تنظر إلى جنوب السودان كإقليم تابع للسودان وهي النظرة التي ما زالت مترسخة داخل بعض الأجهزة الأمنية والإستخباراتية.
ترحيل مواطني جنوب السودان ليس حادثا فرديا ومعزولا ، بل يمثل إمتداد للسياسات المتبعة تاريخياً ضد مجتمعات بعينها ، وللمفارقة أن أفراد من الجيش السوداني إضطروا للفرار من فرقهم العسكرية بعد معارك مع قوات الدعم السريع والدخول لاراضي دولة جنوب السودان في مرتين .
دولة جنوب السودان إستقبلت الفارين من حرب السودان ووفرت لها الملجأ أيضاً الأمر الذي أغفله الناشطين والفاعلين الداعين لترحيل مواطني جنوب السودان ، مقابل صمت مطبق من قبل صحفيين واعلاميين من السودان تجاه ممارسات سلطة الأمر الواقع ببورتسودان ضد مواطني جنوب السودان ، برغم الأواصر التاريخية والروابط التي تجمع بين شعبي البلدين .
صمت آخر كان مخيبا للآمال وهو صمت المنظمات الحقوقية وخصوصاً منظمات النساء والمنظمات والمؤسسات والاتحادات النسوية التي تواطأت مع البنية العنصرية التي تعيد إنتاج الظلم ضد المرأة التي لا تنتمي الى مجتمعات النخب.
مراقبين ذكروا أن ما حدث لمواطني دولة جنوب السودان هو إنتهاك صارخ للقانون الدولي والإنساني ولجميع الإتفاقيات التي تحظر الترحيل القسري والتمييز العنصري والفصل بين الأمهات والأطفال والاخطر أن القرار أتخذ دون أي أعتبار للامومة أو الأسرة أو لحقوق الطفولة .
جريمة ترحيل مواطني دولة جنوب السودان ليست حادثا فرديا أو عبرنا كما ذكرنا هو إستمرار لسلسلة الجرائم التاريخية وإمتدادا ً لفشل النخب التاريخي الذي عجزت في كل العقود المتعاقبة من إدانة التمييز الطبقي والعرقي والديني والجهوي وهو يعبر عن إنهيار كامل للضمير الوطني وتواطوء مؤسسي مع هذه الجريمة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.