إحـــياء شــريان الحـــياة
دعـــوة للقــيادة الــتاريخية فــي مــلف الكــلى
إلى عـنايــة مــعالي وزير الصحة في حكــومـــة الــــتأســيس
في اللحــــظات التي تتــــسابق فيهـــا تحديات الوطــن، وتشتد فيها عتمــة الأزمات غيــر المسبـــوقة، تظــهر الــقيادات الاستثنــائية التي تمــتلك إرادة التــعافي وقوة البصر على رؤية الأمــل حيث يســود الــيأس. إن مـلف الــداء الكــلوي{الفــشل الكــلوي} المزمن هو اليوم ليس مجرد رقم في سجل الأمراض، بل هو اختبار تاريخي لمدى تجذّر الإنسانية في صميم مشروع التأسيس الجديد للدولة. كل نفس يتردد، وكل نبضة قلب تُقاوم، هي دعوة صريحة للقيادة الحكيمة كي تحوّل مسارات الوجع إلى فصول من الإنجاز الوطني.
لقد توقفت محطات تنقية الدم التي كانت تشكل الحصن الأخير لآلاف الأرواح في دارفور وكردفان، مُعلنة بذلك انقــطاعًا في شريان الحياة. لكننا نؤمن إيــمانًا راسـخًا بأنكم، ومعكم الكوادر الصحية الباسلة في خط الدفاع الأول، قادرون على إعادة تدفق هذا الشريان بقرار يجسد قوة الإرادة الوطنية على إيقاف النزيف الصحي. إنها لحظة بناء الإرث، حيث يُكتب فصل جديد يُسمى: “”قــيادة التــعافي الشامل””القيادة الرحيمة: إعادة تفعيل البوصلة الأخلاقية
معالي الوزير، إن الإرادة الحقيقية للقيادة تكمن في قدرتها على إحياء الأمل حين يخبو. نحن لا نتحدث عن استيراد معدات فحسب؛ بل عن استيراد الكرامة واستعادة الحق الأصيل في البقاء. إن مسؤولية القطاع الصحي اليوم هي تفعيل البوصلة الأخلاقية التي تضع المريض في مركز كل قرار. إن الإرث الذي نسعى لبنائه معاً هو نظام صحي يرى في مرضى الكلى استثمارًا وطنيًا يجب حمايته ورعايته، وليس عبئاً ثقيلاً
نحن نعلم حجم التحديات التي خلّفها التآكل المنهجي للقطاع الصحي على مر العقود، وتحوّله من حق إنساني إلى مجال للاستغلال. لكنكم اليوم تقفون على أعتاب مرحلة تأسيس معايير جديدة؛ معايير ترفع شعار “الصحة أولًا” كفعل لا كشعار. إن هذا التحول يتطلب منكم
الاحــتضان الإنــساني: تفعيل خطوط الدعم النفسي والاجتماعي لتكون جزءاً أصيلاً من العلاج، لأن الشفاء يبدأ من الروح.
الـــعدالـــة الإقليمــية: ضمان التوزيع المنصف لخدمات تنقية الدم، لتصل الجودة ذاتها إلى أقصى المناطق المتضررة.
لقد شهد تاريخكم على مواقف الرحمة القيادية التي لا تُنسى. فلتكن هذه الأزمة هي المحفز الأقوى لتجسيد تلك الرحمة في مبادرة وطنية شاملة وفورية.
الرؤيــة التحويلـــية: تحصين الشرايين وبناء نموذج عالمي
إن الحلول يجب أن تكون بحجم التحدي؛ حلول لا ترقّع الفجوات بل تؤسس للمستقبل. ندعوكم إلى تبني رؤية تحويلية ذات أفق عالمي، لاكتساب سمعة دولية في إدارة الصحة تحت الضغط. إن هذا يتم عبر خارطة طريق تتسم بالسرعة والديمومة:
أولاً: خطة لإنقاذ الأرواح {الإعادة الفورية للتشغيل}
يجب أن تُطلق خطة تنفيذية فورية لـ إعــادة تشغــيل مراكز تنقية الدم المتوقــفة، مع التركيز على توفير وتأمين الإمداد ويتطلب هذا العمل المشترك مع الجهات الداعمة والمنظمات الأممية لضمان تدفق مستمر لـ المُرشحات والمحاليل الأساسية. هذه المبادرة يجب أن تحمل شعار: “””لا حياة معلقة بعد اليوم”””
ثــانـــياً: الاستثمار في الحل الدائم تفعيل زرع الكلى }
يجب أن تتحول عمليات زرع الكلى من إجراء نادر إلى أولوية وطنية استراتيجية. يجب الاستثمار العاجل في تدريب الكوادر الطبية المتخصصة على أعلى المستويات العالمية، وتوفير التجهيزات الجراحية اللازمة لزيادة معدل عمليات الزرع. زرع الكلى هو إنقاذ للمريض، وتحرير لخزينة الدولة من كلفة الغسيل الدائمة
ثالــثاً: منهجية عالــم الشـــفاء للوقاية
للتحصين من تكرار الأزمة، يجب أن تتبنى الوزارة منهجية وقائية شاملة تركز على التوعية الصحية المبكرة في المدارس والمجتمعات حول الأمراض المسببة للفشل الكلوي (مثل السكري وارتفاع ضغط الدم) إن الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول، وفي رؤيتنا: “””حين يصبح الوعي هو الدواء
صوت التاريخ دعوة للنهوض والإنجاز
معالي الوزير، إن التاريخ يراقب، والأرواح تنتظر. إن هذا التحدي هو في حقيقته فرصة لقيادة تاريخية لإثبات أن الإرادة الوطنية أقوى من أي محنة. إن عملكم في هذا الملف لن يُسجّل كإنجاز إداري فحسب، بل كـ شهادة خالدة على الالتزام الإنساني الذي يعيد بناء الثقة بين المواطن والدولة.
ندعوكم إلى تفعيل هذه الرؤية التحويلية لترتفع بلادنا لتصبح نموذجاً عالمياً في إدارة الصحة تحت الظروف القاهرة، وليشهد العالم كله أننا قد حولنا أعمق جرح إلى منارة للأمل والتعافي. سيروا بعزم، فالأرواح تنتظركم
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.