عامان على الحرب في السودان .. شعب يتنفس تحت ركام الدمار والخراب
كمبالا – عين الحقيقة
مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث وتزامنا مع الذكرى الثانية للحرب، وصلت الي معسكر كرياندنغو بدولة أوغندا عشرات اللاجئين قادمين من السودان هربا من جحيم الحرب التي ما زالت تستعر وتتمدد كل يوم، وخلفت الحرب آلاف القتلي وملايين اللاجئين والنازحين فضلاً عن خسائر خسائر اقتصادية تقدر بـ600 مليار دولار والناتج القومي تآكل بأكثر من 50% وأكملت يوم أمس الخامس عشر من أبريل – 2025 الحرب في السودان عامها الثاني تحت وطأة حرب طاحنة عصفت بآمال وطموحات ملايين السودانيين نحو التغيير، وتركت شعب كامل يتنفس تحت ركام الدمار والخراب.
وبمرور عامان على اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، عبرت عدد من المؤسسات الدولية بدعوتها لضرورة وقف الحرب، وذكرت بالاوضاع الإنسانية التي خلفتها، وبينما حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الأطراف على الوقف الفوري للقتال واتخاذ خطوات نحو عملية سياسية شاملة “لوضع السودان على طريق السلام والاستقرار” قال عبد الرؤوف غنون كوندي، المسؤول الإقليمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس الإثنين، إن الحرب التي اندلعت في السودان قبل عامين تسببت في نزوح 13 مليون شخص، بينهم العديد من الأطفال والنساء.
وتزامنا مع ذكرى اندلاع الحرب جدد الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيرش دعونه لأطراف المجتمع الدولي إلى توحيد جهودهم “لإنهاء هذا النزاع المروع” فيما صوف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك ما يحدث في السودان بأنه “اعتداء شامل على حقوق الإنسان وسط تقاعس عالمي، مما يُخلّف عواقب وخيمة على المدنيين”. وأكد أن الصراع يتسم بتجاهل تام لقوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وظل السودان يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم، وفي هذا السياق قال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن “ثلث سكان السودان نازحون. وامتدت عواقب هذا الصراع المروع والعبثي إلى ما وراء حدود السودان”. في المجمل، نزح أكثر من 12 مليون شخص داخليا بينما عبر نحو 3.8 مليون لاجئ الحدود، وتتوقع الأمم المتحدة ارتفاع هذا العدد بنحو مليون شخص في عام 2025. فيما ذكر يانس لاركيه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ذكر أن ملايين السودانيين بحاجة ماسة للمساعدة، وأن المدنيين وعمال الإغاثة يُقتلون دون معاقبة الجناة، وأن العنف الجنسي يتفشى، ودعا إلى وقف الهجمات على المدنيين ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات، وضمان وصول آمن للمساعدات، وحماية ودعم المنظمات المحلية.
أما شون هيوز، منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي لأزمة السودان، فقد وصف الوضع المأساوي في السودان بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، بكل المقاييس، إذ يواجه نحو 25 مليون شخص – أي نصف السكان – جوعا شديدا، ويعاني ما يقرب من خمسة ملايين طفل وأُم من سوء التغذية الحاد، وحذر هيوز من أن “عشرات الآلاف من الأشخاص في السودان سيموتون خلال العام الثالث من الحرب، ما لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي وغيره من الوكالات من الوصول إلى المحتاجين والحصول على الموارد اللازمة لهم”. وناشد المجتمع الدولي ضمان الوصول الإنساني والتمويل اللازمين لتجنب كارثة إنسانية أكبر.
وفي سياق متصل حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن “الموت تهديد مستمر” يخيّم على حياة أطفال السودان. ففي محيط مدينة الفاشر وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون القصف المستمر ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة، وعكست إيفا هندز، رئيسة قسم المناصرة والتواصل في يونيسف السودان، شهادة مؤلمة عن الواقع المرير الذي يعيشه أطفال الفاشر ومعسكر زمزم الذي تفشت فيه المجاعة، وقالت: “هذا مكان يمثل فيه الموت تهديدا مستمرا للأطفال، سواء كان ذلك بسبب القتال الدائر حولهم أو بسبب انهيار الخدمات التي يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة”.
وفي ذات المنحى وصفت أرجنتينا ماتافيل بيتشين، القائمة بأعمال ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان الوضع بأنه “يفطر القلب”، مشيرة إلى أن من بين 12 مليون نازح، هناك حوالي 2.7 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب، بمن فيهن 300 ألف امرأة حامل يواجهن خطر الانتهاكات الوحشية والولادة في ظروف غير إنسانية، وقالت: “بعض النساء ينتهي بهن المطاف بالولادة على قارعة الطريق عندما يفررن من بيوتهن بعد سماع القصف والقنابل، وعندما تتم الولادة دون وجود عناية ماهرة، قد يُصاب الطفل حديث الولادة بمرض الكزاز” وحذرت بيتشين من التأثير الممتد للأجيال القادمة، حيث يؤدي سوء التغذية بين النساء الحوامل إلى ولادة أطفال ضعفاء، تقل فرص بقائهم على قيد الحياة وقدرتهم على التعلم.
وبينما تتصاعد الأزمة الإنسانية، تتفاقم المخاوف بشأن مصير آلاف الأشخاص الذين اختفوا في خضم النزاع. رضوان نويصر، خبير الأمم المتحدة المعني بالسودان، أوضح أن الإحصائيات الدقيقة لا تزال غير متوفرة، لكن التقديرات تشير إلى أرقام مروعة. بينما تقدر المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات العدد بنحو خمسين ألف مفقود، وثقت منظمات حقوقية سودانية محلية ما لا يقل عن 3,177 حالة، من بينهم أكثر من خمسمائة امرأة وثلاثمائة طفل.
وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا – سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: “الناس في وضع يائس. نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان، وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة”. ووجهت السيدة نكويتا – سلامي رسالة واضحة وعاجلة إلى العالم، حيث قالت: “ما زلنا بحاجة إلى جهد هائل. ما زلنا بحاجة إلى دعم من المجتمع الدولي من حيث الموارد، وما زلنا بحاجة إلى مزيد من التسهيلات من جميع الجماعات المسلحة المشاركة في هذا الصراع”.
فيما وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن الحصيلة المؤكدة لضحايا الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل – 2023، قد تجاوزت 20 ألف شخص. في حين تقدّر دراسات أخرى أن عدد القتلى تجاوز 150 ألفاً، منهم من قُتل نتيجة للعنف ومنهم من مات من الجوع والأوبئة التي سببتها الحرب، ويحذر خبراء ومسؤولون في منظمات دولية ومحلية من تفاقم التأثيرات الكارثية للدمار الواسع الذي طال البنية التحتية والمنشآت العامة في السودان، خلال عامين من الحرب.
وتسببت الحرب في تدمير مرافق حيوية مثل الجسور والسدود، إلى جانب شبكات الكهرباء والمياه والمنشآت الصحية والتعليمية، ووفقاً لتقديرات غير رسمية، تتراوح قيمة الخسائر الناجمة عن تدمير هذه البنى والمنشآت بين 120 و150 مليار دولار، وتشير “هيومن رايتس ووتش” الي إنه مع دخول النزاع في السودان عامه الثالث، فعلى قادة العالم المجتمعين في لندن اليوم 15 أبريل 2025، التحرك الفوري لحماية المدنيين، وضمان طريق آمن لوصول المساعدات، وقالت المنظمة في تقريرها إن خلال العامين المنصرمين، ارتكبت انتهاكات واسعة شملت القتل خارج القانون والعنف الجنسي، وتعريض السكان لعذاب مرعب، ومنع وصول المساعدات، ما أغرق البلاد في أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميًا، إلى جانب تدمير البنى التحتية، وتفشي النهب.
ومع دخول الحرب المدمرة عامها الثالث جددت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان دعوتها للأطراف المتحاربة في السودان إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والتوقف عن مهاجمة المدنيين، وقال محمد شاندي عثمان، رئيس البعثة: “مع دخول السودان عامه الثالث من النزاع، ينبغي لنا أن نتأمل في الوضع الكارثي في البلاد، ونكرم أرواح جميع السودانيين الذين فقدوا حياتهم أو تغيرت حياتهم إلى الأبد. لقد شهد العالم عامين من النزاع الوحشي الذي حاصر ملايين المدنيين في أوضاع مروعة، عرّضهم لانتهاكات ومعاناة لا نهاية لها في الأفق. وفي ظل تصاعد خطاب الكراهية والعنف الانتقامي القائم على أسس عرقية، نخشى أن أظلم فصول هذا النزاع لم تبدأ بعد”. وجددت البعثة دعوتها للأطراف المتحاربة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والتوقف عن مهاجمة المدنيين، كما حثت الدول الأخرى على الامتناع عن تأجيج الحرب وضمان احترام القانون الدولي الإنساني.
وفي ذات المنحى قال عبد الرؤوف غنون كوندي، المسؤول الإقليمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أمس الإثنين، إن الحرب التي اندلعت في السودان قبل عامين تسببت في نزوح 13 مليون شخص، بينهم العديد من الأطفال والنساء. وأوضح كوندي، أن النزاع أدى إلى تهجير 13 مليون شخص، منهم 8.6 مليون نازح و3.8 مليون لاجئ، مشيراً إلى أن النساء والأطفال يشكلون نحو 88% من هؤلاء الذين فروا بحثاً عن الأمان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.