الأزمة فى دولة 56 حسب أمانى الطويل !!

عبد الرازق كنديرة

اخيرًا أقرت الصحفية المصرية أمانى الطويل والمقربة من مركز القرار بالمحروسة بأن هنالك أزمة بنيوية فى دولة ما بعد الإستقلال ويرجع ذلك حسب إجابتها على سؤال الصحفى بقناة الجزيرة احمد طه وردآ على الطرف الآخر الذى يمثل وجهة نظر عصابة بورتسودان الإخوانية الإرهابية والذى وصف الحرب التى اشعلوها بأنها حرب وجودية !
فقالت الأستاذة امانى الطويل فى سؤال اعتراضى
هل تقصد وجود الدولة السودانية أم وجود تيار الإسلام السياسى ؟
وواصلت أن أزمة الدولة السودانية أزمة بنيوية ومنذ الحرب فى الجنوب كانوا يقولون أن هذه حرب وجودية ثم اردفت بأن التيار الإسلامى عمق من الأزمة عندما استقصر ظل الدولة على مثلث حمدى العروبى الإسلامى وأن كلما ما سواه من الهامش يجب أن يكون خارج دائرة الإهتمام والرعاية من قبل الدولة !
والجدير بالذكر أن فكرة مثلث حمدى ترجع الى ورقة اقتصادية قدمها وزير المالية السابق عبد الرحيم حمدى فى مطلع الألفينات وكان فحواها أن يقتصر مشروع النهضة والتنمية والإستثمارات على وسط وشمال وجزء من شمال كردفان وهذا المشروع يروج له الآن تحت إسم دولة النهر والبحر وفق مبرر عنصرى فاشي يختزل مفهوم الدولة على البعد العرقى والعشائرى والتشابه المورفولوجى وهذه المفاهيم تجاوزتها الإنسانية منذ مهدها وكل الدول الحديثة قامت على مجتمع تعددى متنوع وهذا التنوع والتعدد كان مصدر قوتها وتطورها ويكفى فقد إلقاء نظرة على كل مراكز البحوث العلمية فى دول العالم الأول حتى تدهشك الفيسفساء المتنوعة من العلماء ومن كل العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه !
وعودآ على بدء يمكننا أن نقول أن الطويل كواحدة من الإعلام المصرى قد وضعت يدها على جرح السودان المزمن بهذا التصريح لأول مرة، فهل مؤشر لاتجاه من الجارة مصر للإعتراف بأزمة السودان؟ والتى اسهمت فى تعميقها مصر نفسها بإصرارها على ممارسة دور الوصاية على الشعوب السودانية من خلال دعمها ومساندتها لأنظمة ما بعد الكونيالية وللنخبة التى أبقت و كرست لهيكل الدولة والمؤسسات الإستعمارية ذاتها بما فى ذلك جيش البازنقر الخديوى والذى حكم البلاد بشكل شبه مطلق واجهض كل خيارات الشعوب السودانية الديمقراطية على علاتها ! وطبعآ أمانى الطويل تدرك أن كل الإنقلابات العسكرية فى السودان لا يمكن أن تنجح إلا بمباركة مصر على الأقل!
فضلآ عن أن هذه النخبة المأزومة نفسها المدنية منها والعسكرية ما كان لها أن تتسيد المشهد السودانى وتقصي الآخرين إلا من خلال الدعم المصرى !
ولذلك أتمنى أن يكون هذا التصريح تصريح مؤسسى أى بمعنى يمثل ولو جزءآ من قناعات مركز القرار المصرى ، وسيجد المساندة والترحيب من كل شعوب الهامش وهم الأغلبية الغالبة من أهل السودان الذين لديهم أى تحفظ فى التعامل مع مصر وتعزيز دورها المحورى فى المنطقة كدولة جارة وشقيقة، بل يتطلعون الى دعمها للحلول السودانية الجذرية و الناجزة لمشكلة ظلت تلازم دولة ما بعد الإستعمار وهم الذين اكتوا بنار الحروب و تخبط هذه النخبة الفاشلة ودفعوا أثمان غالية نتيجة لرفضهم للظلم فى بلادهم من خلال ثوراتهم المتواصلة منذ أنانيا 2 وأنانيا 2 فالحركة الشعبية فى الجنوب ثم ثورة دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وصولآ الى ثورة الخامس عشر من ابريل والتى تعتبر سنام الثورات السودانية وأكثرها حسمآ ومضاء تجاه تفكيك دويلة 56 والأكثر جذرية فيما يتعلق بالموقف من العدالة والتسوية التاريخية الواجبة والقضاء على هذه العصابات النازية وتفكيك دويلة الأبارتايد لصالح تأسيس دولة السودانيين !
ولاسيما وأن تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابى وارتباطه بمحاور الشر فى العالم يعتبر خطرآ على الأمن والسلم الإقليمى والدولى، ولاسيما وأنه يستغل امكانيات دولة كاملة وقد اشعل هذه الحرب للقضاء على ثورة الشعوب السودانية وبات يساوم العالم بالسلام مقابل البقاء وبقائه يعنى بالطبع استمرار الإرهاب كذلك زعزعة الأمن فى المنطقة !
ولكن ..
ولعمرى ليس هنالك نظام مهما كانت قوته بإمكانه الوقوف فى وجه شعب ثائر فالثورة الفرنسية انتصرت على آل البوربون رغم التعنت والإستماتة على ارتكاب نفس الأخطأ وتكرار ذات المظالم وما أشبه أولئك بعصابة 56 التى مافتئت تكرر الأخطاء ذاتها وتردد نفس المفردات مع كل من خالفهم الرأى وطالب بحقوقه وقد صدقت الأستاذه أمانى الطويل عندما قالت أن نفس الكلام عن المؤآمرات على الدولة كنا نسمعه فى حرب جنوب ! وأزيدك من الشعر بيت ! أن مفردات مثل أجانب (تشاديين واوغنديين وحبش ..الخ..) وعملاء هى ذاتها قد اطلقوها على قرن وعلى خليل ابراهيم وعلى مناوى وجبريل وعلى الحلو ومالك عقار وهى ذاتها تطلق على حميدتى الآن ! وكل من قال لا فى وجه العصابة فهو غير سودانى ولا يشبههم وهكذا دواليك !
وعلى أى حال اعتقد من الحصافة بمكان أن تلتقط مصر القفاز وتقف مع شعوب السودان بدلآ من دعم أقلية ظالمة وزائلة، كانت ومازالت سبب للحروب والأزمات وللموت والدمار، ومنطق الحياة وسنتها والفطرة الإنسانية ستنتصر ومهما طال ليل هؤلاء ستنتصر الى قيم الإستقرار والسلام والعدالة ستنتصر للحياة وعلى مصر شراء المستقبل والمستقبل للشعوب السودانية بلا شك! وللسودان الجديد الموحد و الناهض و المزدهر فى ظل دولة المواطنة المتساوية !!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.