رد على مقال “السودان من ركام الحروب إلى آفاق البناء – قصة وطن مكلوم”

بقلم الأستاذ ✍نجم الدين دريسة

قرأت مقال الأستاذ نجم الدين دريسة بعين الحريص والمهتم بالشأن السوداني، فوجدت نفسي أتفق معه في كل كلمة، بل وجدت في سطوره ما يشبه النبض الذي يخفق في صدورنا جميعًا، نحن أبناء هذا الوطن الجريح.

نعم، لقد آن الأوان أن نغادر مربع التبرير الغيبي للحروب والنكبات، وأن نكف عن التعامل مع الألم وكأنه قدر لا فكاك منه. بل يجب أن نُمعن النظر في الجذور الحقيقية للأزمات، ونمتلك الشجاعة لطرح الأسئلة الصعبة والاعتراف بالأخطاء دون مواربة. لا بد من قطيعة كاملة مع ثقافة الإنكار والتهميش والإقصاء التي زرعت الشقاق في نسيجنا الوطني.

كما أشار الكاتب، فإن السلام لا يُبنى على أماني المجالس ولا على رماد المرارات، بل على إرادة حقيقية للاعتراف بالمظالم، والمضي في طريق العدالة الانتقالية، والمحاسبة، والمصالحة الشاملة. وحدها هذه الخطوات يمكن أن تفضي إلى وطن يتسع للجميع، دون تمييز أو تفضيل أو شيطنة.

أوافق بشدة على ضرورة كسر الحلقة الجهنمية لاستخدام الموارد بشكل سيئ، وهي بالفعل “لعنة” سودانية بامتياز. فنحن شعب غني بمقدراته، ولكن فقرنا في حسن إدارتها، وفي غياب القيادة الوطنية الواعية، هو ما جعلنا نراوح مكاننا بينما تتقدم الأمم من حولنا.

إن ما طرحه الأستاذ نجم الدين حول ضرورة بناء الثقة والانطلاق بذهنية جديدة تمقت الإقصاء وترتقي فوق الانتماءات الضيقة، هو في تقديري صميم مشروع النهضة الوطني. لا بد من مراجعة حقيقية للخطاب السياسي والإعلامي ليكون جامعًا لا مفرّقًا، رافعًا لقيم الانتماء الوطني لا الولاءات الضيقة.

أختم بأن هذا المقال يمثّل دعوة صادقة لليقظة الوطنية، وفرصة للتأمل في ما آل إليه حالنا، وفي ما يمكن أن يكون عليه مستقبلنا إذا صدقت النوايا واتفقت العزائم. شكراً للأستاذ نجم الدين على هذا الصوت النبيل وسط ضجيج الانقسامات.

تحياتي / ياسر بكري

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.