السودان، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات “إعلان حرب وتهديد للأمن القومي العربي”
إن قطع حكومة الأمر الواقع في السودان للعلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة يعد إعلاناً للحرب وتهديداً للأمن القومي العربي بسبب سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين أو ما يعرف بالحركة الإسلامية السودانية على مفاصل القرار في الدولة وبسط سيطرتها على قيادة الجيش السوداني سواء عبر الضباط المنتمين للتنظيم الإخواني في السودان أو عن طريق الولاء المطلق للتنظيم من قبل المهنيين في الجيش، هذه السيطرة التي يمارسها التنظيم الإخواني عقدت إمكانية إنهاء الحرب في السودان منذ اندلاعها في الخامس عشر من أبريل 2023 حيث أجهض تنظيم الإخوان المسلمين كل جهود السلام عبر المنابر المختلفة بدءاً من منبر جدة الذي رعته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية مروراً باتفاقية المنامة بين الفريق أول شمس الدين كباشي ممثل القوات المسلحة والفريق عبد الرحيم دقلو قائد ثاني قوات الدعم السريع والتي تنصل عنها الجيش بسبب الضغوط التي مارسها التنظيم الإسلامي على الجيش حسب ما راج وقتها.
تطورت مجريات الحرب في السودان بعد أن تأكد رفض الجيش وحاضنته السياسية الإخوانية للحلول السلمية وأصبحت قوات الدعم السريع لا تمتلك من الأمر شيء إلا المواصلة في هذه الحرب رغم التنازلات التي قدمتها من أجل إنهاء الصراع والقبول بالتفاوض إلا أن الإخوان المسلمين
حولوا هذه الحرب إلى حرب عرقية بدأت ببقر البطون وانتهت بذبح المدنيين على أساس الهوية الأفريقية بنفس طريقة تنظيم الدولة الإسلامية داعش في العراق الأمر الذي كشف للعالم أن التنظيم الإخواني في السودان تنظيم إرهابي يجب التعامل معه بحسم حتى لا يتمدد خطره في المنطقة العربية والإقليم بأكمله، وذلك مالم يحدث وقد أدى التراخي في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين في السودان إلى تمدد إيران وأذرعها في السودان مهددةً أمن البحر الأحمر ككل وأمن إسرائيل خاصة.
في ظل التناقضات والعبث بالملفات الأمنية الحساسة الذي يمارسه الجيش السوداني. في ظل تزايد الخطر الإيراني برزت الدعوى القضائية التي قدمتها حكومة الأمر الواقع في بورتسودان في محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات متهمة إياها بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال تسليح وتمويل قوات الدعم السريع في حرب السودان، فالدعوى التي رفضتها المحكمة بسبب عدم اختصاصها في القضية كانت بمثابة ورقة ضغط ظن التنظيم الإخواني في السودان أنه سيكسب من خلالها إدانة قضائية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة لولا أن نتيجة المحكمة كانت صادمة ومثلت هزيمة نفسية لحكومة بورتسودان، التي لم تحتمل الهزيمة القضائية حتى باغتها الهجوم بالمسيرات التي استهدفت المنشئات العسكرية في العاصمة المؤقتة ومحطات الطاقة الأمر الذي أفقد الجيش السيطرة على سير المعارك فأصبحت حكومة الأمر الواقع كالذي يتخبطه الشيطان من المس حيث سارعت بلا هدي لتبني سردية أن تدمير المنشآت أمرٌ قامت به دولة الإمارات وأنهم يواجهون عدوان إماراتي على حد زعمهم.
بعد استمرار الغارات على مدينة بورتسودان بالمسيرات وخروج الحرائق عن السيطرة طالعَنا مجلس الأمن والدفاع السوداني الذي يترأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان صاحب السلطة العسكرية والتنفيذية الأبرز منذ العام 2019 طالعَنا المجلس بقراره الذي قضى بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات إذ يعتبر هذا القرار بمثابة إعلان حرب على الإمارات وتهديد للأمن القومي العربي بسبب سيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على مفاصل الجيش مما جعل التعامل مع التنظيم الإخواني يحتاج لقرارات شجاعة من الدول العربية خاصة للمساهمة في فك ارتباطه مع الجيش السوداني لتسهيل مهمة حفظ الأمن في البحر الأحمر لاسيما أمن المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية وإسرائيل فكل الدلائل تشير إلى خطورة تنظيم الإخوان المسلمين في ظل السيولة الأمنية التي يعيشها السودان بسبب الحرب وأن أي موازنات دولية لا تساهم في خروج تنظيم الإخوان المسلمين من المشهد السياسي والعسكري في السودان ستكون عواقيه وخيمة على المنطقة العربية والأمن في البحر الأحمر.
قرار مجلس الأمن والدفاع السوداني القاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات هو قرار خطير وغير مدروس لأن القرارات الإماراتية المترتبة على هذا الأمر ستكون قرارات سيادية في المقام الأول، تخص هذه الدولة وحدها وربما كانت هناك ردات فعل أخرى للداعمين للإمارات في مجلس التعاون الخليجي وهي دولٌ مهتمة بملف الجماعات المتشددة التي تدعمها إيران فقرار إعلان الإمارات دولة عدوان سيمثل تحدٍ كبير لها، وهو كارثة جديدة على التنظيم الإخواني في السودان أذ لم يراعي للعلاقات االأزلية بين الدولتين ولم يضع حساباً للاجئين السودانيين الذين استضافتهم الإمارات منذ اندلاع الحرب، فضلاً عن التأثير المتوقع على إتفاقيات التجارة والمعاملات المالية وغيرها من الأمور التي باتت تؤرق المواطن السوداني المغلوب على أمره منذ لحظة إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات فسياسات التنظيم الإسلامي في السودان الذي اختطف الدولة والشعب أصبحت غير محتملة، ولطالما اعتبر الشعب السوداني على مر تاريخه أن أرض زايد الخير، أرض للعطاء ومنارة للأمل في إحلال السلام رغم ألم الحرب وفداحة قرارات الحكومة الغير شرعية في السودان.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.