الأثر البيئي والإقتصادي لقصف الطيران في دارفور
كمبالا – عين الحقيقة
أبرزت حرب السودان التي إندلعت في الخامس عشر من أبريل وجهاً قبيحا ً وعنصريا ً ضد مجتمعات دارفور، وأخذت طابعا ً تدميريا واسعا ً للإنسان والأرض، إستخدم فيها الجيش السوداني سلاح الطيران في قصفه لمناطق متفرقة من دارفور حيث إنتهجت حكومة بورتسودان وحلفائها من مليشيات إرهابية وقبلية وحركات الإرتزاق سياسة العقاب الجماعي لعدد من المجتمعات .
وترك قصف الطيراني المكثف على هذه المناطق آثارا ً بيئية بائنة وخلق تدهورا ً بيئيا ً مريعا ، وقبل أن ندلف للآثار الكارثية لقصف الطيران على البيئة في دارفور نجد أن هذه المنطقة تمتلك ميزات بيئية متنوعة ، وبها عدد من الموارد المائية المهمة اذ ترقد دارفور على (حوض البقارة) ويوجد بها بحر العرب ، وعدد وفير من الوديان والأنهار الموسمية والدائمة وكذلك الشلالاتـ، وهذه الميزات البيئية المتنوعة جعلت دارفور تتميز بتنوع لأنماطها الإقتصادية والتي تأتي الزراعة التقليدية والرعى في مقدمتها وكذلك تلعب الموارد الإقتصادية دورا مهما في الإقتصاد .
حكومة بورتسودان وحلفائها تدرك الأهمية الإستراتيجية القصوى لموارد دارفور، ولذلك سعت في هذه الحرب بإستهداف المنطقة إستهدافا ممهنجا ومدروسا ً لإفقارها كما تعتمد إحداث خسائر بشرية في الأرواح ، فمنذ نشوب الحرب قصفت مناطق في دارفور بكثافة حيث تعدت الإحصائيات ستمائة طلعة جوية أفرغت براميلها المتفجرة والحارقة في أراضي دارفور، مستخدمة فيها الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا ً والتي تم توجيه تهمة إستخدامها لسلاح الجو السوداني .
وملعوم للجميع أن السلاح الكيماوي يحدث تدميرا واسع النطاق للبيئة ويتسبب في تلوث المياه والتربة وتدهور الغطاء النباتي الذي يفاقم مشكلة التصحر وفقدان التنوع الحيوي ، كما أن المواد الكيماوية تبقى في البيئة لفترات طويلة وتتسبب في مشكلات صحية للسكان والمواطنين على المديين القريب والبعيد.
وتفيد التقارير بوجود حالات إجهاض مبكر للحوامل، وظهور تشوهات خلقية لحديثي الولادة وظهور أمراض غريبة، وذلك ما وثقته تقارير المنظمات الطبية العاملة في دارفور والتي وصلت حد مطالبة منظمة أطباء بلا حدود بحظر الطيران في دارفور في جلسة لجنة حقوق الإنسان بالامم المتحدة في مارس الماضي، كما دمرت هجمات الطيران الإنتقامية البنى التحتية الزراعية مع تدني وانخفاض الإنتاج الغذائي وزيادة معدلات الجوع الأمر الذي أدى إلى تدهور الوضع الإقتصادي ترديا ً كبيرا .
وبالنسبة للكثيرين فإن هذا الدمار الواسع للإقتصاد والبيئة كما ذكرنا هو أمر مدروس وممنهج بل موثق تاريخيا ًفي حروب الجيش السوداني ضد المجتمعات والشعوب السودانية، وتندرج ضمن الجرائم الموثقة لعصابة الجيش ومليشياته ، وهذا الدمار الهائل ستظهر آثاره الفادحة في المستقبل القريب ، إذ أن التقارير تكشف يومياً ما يحدث وما حدث من تدمير موسع من سلطات بورتسودان الغاشمة .
وتضع هذه الاثار الجهات المعنية كلها أمام تحدى لتلافي آثار التدهور البيئي والتدميري للإقتصاد في دارفور ، ويضعها أمام النوايا العنصرية لنخب الدولة المركزية التي تسعى بكل الوسائل للحفاظ على إمتيازاتها وحتى ولو أدى الأمر لإبادة كامل دارفور ومحوها من الوجود ، كما تكشف للعالم والمهتمين بالبيئة حجم التهاون بالإنسان والأرض الذي يحدث وحدث تاريخيا ًفي حروب مختلفة من أجزاء السودان المختلفة .
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.