لعـــناية وزيـــر الصــحة.. داخــل مراكز الكـــلى… هنـــاك وجـــع لا يـــراه إلا من اقتـــرب من وجـــــوه الصـــابرين

أ/سلـــيـــــم مــحــمـــد عبـــداللـــه

ملـــف التـــأسيس في القطاع الصــــحي

فــي صمـــتٍ طويـــل يتــردد داخل أروقة مراكز غسيل الكلى، تكمن قـــصص لم تُروَ، صرخات لم تُسمـــع، ووجع لا يُحتمل. وجوه شاحبة، عيـــون تحمل ألف قــصة من الألـــم والصـــبر، أرواح معلقة بين الحياة والموت، تنتظر من يُعيد لها الأمل. هذه ليست مجرد مرافق صحية، بل ساحات حياة، وملامح صمود، واختبار حقيقي لضمير الدولة

الــي عنــاية الســيد الوزير، بـــروف عــــلاء الــــدين، أمامكم مسؤوليـــة ضخمة، لكننا على يقين أن الإرادة الحقيقية والحرص الإنساني سيقودان الخطى نحو إصلاح شامل وفاعل. هذا المــــقـــال لـــيس سردًا للمــــآسي فحسب، بل نداء عاجل للـــتحرك، لإصلاح قطاع غسيل الكلى، ورفع المعاناة عن آلاف المرضى الذين طال صبرهم وحقوقهم المنتهكة منذ عقود.

ســـيادة الــــوزير، نحـــن نقدر تمامًا المسؤوليـــة الإنســــانية والمهنية الملقاة على عاتقكم، ونعلم أن التحديات أمامكم هائلة ومعقدة، خصوصًا في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان، وخصوصًا القطاع الصحي الذي تضرر على مدى عقود من الأنظمة السابقة. لقد حولت السياسات الخاطئة وزارة الصحة إلى هيئة تدير الأمراض وتضاعف المعاناة، مع انتشار الأمراض المزمنة كالسكري، الضغط، أمراض القلب، الكلى، والسرطان، وارتفاع معدلات الوفيات والأخطاء الطبية، وتشريد أفضل الكوادر الطبية، وتحويل الصحة من حق أساسي إلى قطاع استثماري على حساب حياة الإنسان.

اليـــوم، ومنـــذ توليـــكم هذه المسؤوليـــة، بـــدأ إصــلاح القـــطاع الصحي خطوة شجاعــة نحو استعادة الثقة في وزارة الصحة، وتحقيق رؤية قائمة على العدالة، الإنسانية، والطب الوقائي. ونحن نقول بصراحة: لم نترككم وحدكم، ونحن معكم بكل خبراتنا وجهودنا، لنُعيد للمواطن الحق في الصحة والعافية، وكرامته التي غابت لعقود.

في قلب هذه المعركة الإنسانية ملف مراكز غسيل الكلى، الذي يمثل أزمة مستمرة منذ سنوات طويلة. المرضى الذين يعتمدون على جلسات الغسيل المنتظمة يعيشون صراعًا يوميًا: الألم الجسدي والنفسي، نقص المعدات، توقف بعض الأجهزة، وغياب الأدوية في أحيان كثيرة. منذ 15 أبريل، تواصل هؤلاء المرضى مواجهة تحديات جسيمة، وفقد بعضهم حياته نتيجة ضعف الدعم والظروف المحيطة بهم.

فتـــح هـــذا المـــلف ليـــس إجراءً إداريًا فحــــسب، بل مــــسؤولــــية وطنيـــة وإنسانيــة ومهـــنية. إنه يحتاج إلى تضافر جهود القطاع الحكومي، الخاص، المنظمات الدولية، المجتمع المدني، ورجال الأعمال والخيرين، لضمان استمرارية العلاج، حماية الأرواح، والحد من المعاناة اليومية للمرضى. الطب الوقائي مسؤولية جماعية، ونجاح هذا الملف سيكون معيارًا حقيقيًا لقدرة الوزارة على حماية حياة المواطنين واستعادة العدالة الصحية.

الـــمعاناة اليوميــــة في مـــراكز الغسيل تكــــشف حجم التحديات: زيادة أعداد المرضى، نقص الموارد، صعوبة الوصول لبعض المناطق، وضغط نفسي مستمر على المرضى والأسر. كل جلسة غسيل هي معركة بين الألم والأمل، بين صبر المرضى وضعف الإمكانيات، لكن القرار الجريء من الوزير، بمعنى فتح الملف بشكل عاجل ووضع خطة استراتيجية شاملة، سيغير حياة آلاف المرضى ويعيد لهم الأمل المسلوب.

مـــحاور الإصـــلاح الأساسيـــة:::

اولأ :::توفيـــر الأجهــــزة والأدوية بشكل مستدام لضمان استمرار العلاج.

ثانــيا:::::تطــــوير وتدريـــب الكوادر الطبية لتحسين جودة الخدمة.

ثالثا:::::متابعة دورية وشفافة لضمان تنفيذ الخطط بفعالية.

رابعاً::::تعزيز التعاون مع القطاعات المختلفة لضمان الدعم الفني والمادي المستمر.

مســـؤولية وزيــر الصــــحة اليوم تتجاوز الإدارة الروتينية؛ فهي اختبار حقيقي للضمير الوطني. كل جلسة غسيل ناجحة، وكل مريض يحصل على دوائه في الوقت المحدد، هي انتصار للإنسانية قبل أن تكون انتصارًا للسياسات.

داخـــل كـــل مـــركز غســــيل كلى هناك وجع لا يراه إلا من اقترب من وجوه الصابرين، لكن الأمل حاضر، والإرادة موجودة، والمسؤولية واضحة. فتح ملف مراكز غسيل الكلى، ووضع خطة شاملة لتقليل معاناة المرضى، هو خطوة حاسمة تعكس التزام وزارة الصحة بحق المواطنين وحقهم في الحياة بكرامة.

نــحن عـــلى يقـــين بأن القـــدرة على تحقيق هذا الإنجاز موجودة، وأن تضافر الجهود بين الجهات الحكومية، المجتمع المدني، المنظمات الدولية، ورجال الأعمال، سيعيد للمرضى الحق في العافية والأمل، ويعيد للقطاع الصحي صورته الإنسانية والمهنية التي طالما افتقدها.

إنها دعوة صادقة، ونداء عاجل للقرار، لتكون الصحة في السودان حقًا، والإنسانية أولوية، والعدالة الصحية ممارسة يومية وليست شعارًا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.