لن تفلح أى مبادرة سلام إلا عبر تفكيك العلاقة المعقدة ما بين عصابة 56 والدولة الإفتراضية !
هذه الحرب القذرة كانت ومازالت نتيجة لمطامع داخلية محلية واقليمية كانت ترى فى ثورة ديسمبر التى وحدت الشعوب السودانية حول اهدافها النبيلة، مهددآ استراتيجيآ لمصالحها !
فمحليآ يقوم تمكين القوى الظلامية التى بنت استمرارية تسلطها على رقاب الشعوب السودانية على الاستغفال والإستعطاف الدينى والأستثمار فيما خلفه حكمهم عبر عقود البؤس والتجهيل الإسلاموية من تشويه لنسيج الشعب السودانى على مستوى الإجتماع السياسي فأحداث جزر من شروخ عميقة
بسبب خط وخطاب العنصرية القبلية والجهوية التى عمل له الإخوان المسلمين بخبث شديد ،كانت نتيجته حروب أهلية طاحنة ومصنوعة فى الهامش ثم استغلالهم لذلك من أجل مزيد من الإستقطاب وصنع مليشيات قتل الهامش بالهامش ، فإن ثورة ديسمبر وشعاراتها النبيلة فى (الحرية والسلام والعدالة) تعتبر أكبر مهدد لمشروع الفتن الإرهابى التدميرى الدموى هذا، ولاسيما وأن الشعب قد صمم على اقتلاعهم من الجذور تحت شعار( أى كوز ندوسو دوس) !
ولا غرو بعد أن وضع الإتفاق الإطارى يده على عش الدبابير ومكمن قوة الإسلاميين عندما تناول هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية !
فقد عمل الإسلاميين ومنذ اليوم الأول فى انقلاب 1989م المشؤوم على السيطرة على المؤسسات العسكرية بإعتبار أن من يسيطر على هذه المؤسسة الخديوية المعطوبة فقد سيطر على الحديقة الخلفية المسماة بالسودان بالنسبة للدولة الإفتراضية التى تدير نظام 56 بعد الإستقلال الصورى !
وقد كان ! بل الأمر لم يقتصر على السيطرة على قوات الشعب المسلحة فحسب وإنما تمت هيكلتها لصالح التنظيم الإسلامى بالكامل وتحويلها لكتيبة خاصة ضمن كتائب الإخوان المسلمين فأزالوا عنها مفردة الشعب لتكون القوات المسلحة حافى ! لتصبح قوات التنظيم العالمى للإخوان المسلمين بإمتياز !
ولذلك بدأوا حربهم مع قوات الد.عم السر.يع من وقت مبكر منذ أن رفض القائد حميدتى التصدى للشارع وخاطب قواته فى طيبة الحسناب فى مايو 2018م وقطع الشك حول عدم مواجهته للشارع وزاد عليه بإتفاقه مع مطالب الجماهير التى قال أنه يتفهم ذلك وانتقد تستر النظام وتوآطئه مع الفساد والمفسدين ! مما ألهب حماس الثوار وزاد الشارع اشتعالآ !
والحقيقة التى يجب أن يعلمها الجميع أنه لولا موقف القائد حميدتى وانحيازه للثورة لما احتاج الإخوان الى تمثيلية الإنحناء للعاصفة عبر إنحياز اللجنة الأمنية للشارع ووضع البشير فى مكان آمن حسب بيان بن عوف فى ١١ ابريل !
نعم فقد بدأ الكيزان الحرب على الد.عم السر.يع منئذ ولكنهم كانوا يؤجلونها لمزيد من الإعداد والترتيب ولم ينقطع تواصلهم مع القوى الإقليمية (الدولة الإفتراضية ) قط منذ ذلك الوقت !
فالقوى الإقليمية التى ورثت السودان وظلت على الدوام الحاضر الغائب والمستفيد الفعلى من موارده وثرواته من خلال خضوع واخضاع نخبة 56 أى نخبة التيه والضياع وعبر سيطرتها على جيش البازنقر الذى اتضح أن ترقيات قادته كانت تمر عبر مخابرات جارة السوء ، ولذلك أخفى الإخوان فى بداية انقلابهم هويتهم السياسية مخافة احباط انقلابهم فى مهده ما أن عرفت جارة السوء هويته الإسلامية !
ولكنهم سقطوا مرة أخرى فى احضان الجارة الضارة بعد محاولاتهم اليائسة لأخذ إرادتهم وتهورهم فى محاولة اغتيال حسن مبارك ، فكانت القشة التى قصمت ظهر حرية إرادتهم وافقدتهم حرية القرار وتنازلوا صاغرين عن حلايب وشلاتين وابورماد بل وخضعوا بالكامل لمصر بشكل( فاق الكبار والقدرهم) مع الإعتذار للأغنية !
وعودآ على بد فقد ظل نظام الجبهة وعبر همبوله الثانى البرهان يرتب ويعد للحرب ضد قوات الد.عم السر.يع التى اختار قائدها الوقوف الى جانب الشعب باكرآ
وما المناورات العسكرية المشتركة مع جارة السوء التى كانت تقام أثناء الفترة الإنتقالية إلا تمارين عملية للإستعداد للحظة الصفر !
فما حققته جارة السوء خلال حكم الإخوان من مصالح اقتصادية على حساب اقتصاد وموارد السودان يوازى مئآت الآلآف ما حققته عبر الحقب السياسية السابقة لهم مجتمعة !
فقد تم حصار السودان سياسيآ واقتصاديآ بسبب الأداء السياسي الإرهابى للإخوان المسلمين واصبحت مصر هى الرئة الوحيدة التى يتنفس عبرها السودان وكانت منتجات السودان تخرج للعالم عبر مصر وتدخل دورة الصناعة التحويلية فى مصر وتوضع عليها ديباجة صنع فى مصر لتحوز على رخصة التصدير للخارج وبالطبع فإن عائد الصادر يعود الى مصر بالإضافة الى فتح السودان على مصراعيه للشركات المصرية استيرادآ وتصدير حتى وصل الأمر الى شراء المنتجات السودانية بالعملة السودانية المزورة فى مصر مقابل عمولات للصوص الإخوان المسلمين وسماسرة العصابة الإرهابية !
وحسب المعطيات عاليه نجد أن هنالك مصالح مشتركة للقوى الظلامية المحلية ممثلة فى تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابى فى السودان والقوى الإقليمية
ممثلة فى جارة السوء الى حد التطابق
ولذلك فإن استمرار الحرب الحالية يحقق
لكليهما مالم يحلموا به فى ظل الإستقرار والسلام ولا سيما وأن السلام بالضرورة سيعزل الإخوان المسلمين سياسيآ فلا سلام سيتم دون اقرار دولة المواطنة المتساوية ومخاطبة جذور الأزمة التى بالضرورة تعنى فيما تعنى تفكيك دولة النخب لصالح دولة السودانيين !
كما أن الحرب قد حققت لجارة السوء مصالح اقتصادية هائلة من خلال تهريب الذهب والثروة الحيوانية والنباتية وتدفق حصة السودان بالكامل من مياه النيل الى مصر بسبب تعطل المشاريع الزراعية فضلآ عن تدمير الطيران المصروكيزانى للبنية التحتية الصناعية فى السودان التى كانت تستوعب جزء من المنتجات السودانية فى الصناعات التحويلية فأصبحت كامل المنتجات تذهب الى مصر لتدخل دورة الصناعة التحويلية لتحصل مصر على قيمتها المضافة !
ولذلك فى تقديرى لن تنجح أى مبادرة سلام مالم تأخذ فى حسبانها هذه المعطيات !
ويقع على عاتق القوى الثورية السودانية ولاسيما تحالف تأسيس مجهود جبار لشرح هذه المعطيات للقوى الدولية الساعية لإقرار سلام السودان فالطعن فى الفيل يوفر الجهد والزمن على قناص الفيل ومساعديه بنصف ما يبذله فى طعن الظل ويظفر بذلك بالمراد فيلآ كاملآ و بنصف عناء ما أن ظل يطارد الظل ولن يحوز على شي !
وهذه العلاقة المعقدة ما بين نخبة 56 وجارة الوادى هى التى بحوجة الى تفكيك وفى تفكيكها يكمن استقرار وسلام السودان وهى المهمة السهلة والصعبة التى تتحدى كل الشعوب السودانية الثائرة فعملية الإنعتاق من الهيمنة المصرية الموروثة والتى رسخ لها أداء نخبة 56 وجيش البازنقر مسلوب الإرادة، مهمة تحررية و وطنية كبرى ، تطلع بها الشعوب السودانية الثائرة وعلى طليعتها قوى تأسيس الجبارة وعلى العالم الحر تفهم ذلك و إلا ستظل كل مساعى السلام حرثآ على البحر !
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.