“أكثر الكتب كذبًا تلك التي كُتبت بنوايا صادقة.” — جورج أورويل
كتب ياسر عرمان كمن يحاول إخفاء أنيابه بابتسامة مزيفة، متدثرًا بأخلاق عامة لم تكن يومًا من صميم سيرته، ولا من جوهر سلوكه. فالرجل الذي يتباكى على القيم ويزعم الدفاع عن المرأة، هو ذاته الذي راكم في تاريخه ما يكفي من التعدي على تلك القيم، ومن انتهاك المرأة قولًا وممارسة. هذا المقال ليس ردًا عليه فحسب، بل كشفًا لما يخفيه خطابه من ازدواجية، وما تفضحه سيرته من مكرٍ سياسي وتهافتٍ إنساني.
امتنع عرمان عن ذكر اسمي، لا لأنه يجهلني، بل لأنه يدرك تمامًا أنني “فتى ليس على حاله نُكر”، كما قال فارس الهيجاء أبو فراس الحمداني. يعرفني، لكنه يخشاني؛ يخاف من منازلتي في ساحة الفكر كما يخاف الجبان من النزال في ساحة الحرب. أراد أن يتكسب من اللحظة، أن يتملق النساء ويستثمر في معاناتهن، دون أن يعترف بأنه كان جزءًا من منظومة الاستغلال والإساءة لهن، لا حليفًا صادقًا لقضيتهن.
لقد قرأنا جميعًا مقالات الكاتب عادل القصاص، التي أماطت اللثام عن سلوكيات ياسر عرمان، وفضحت ما تنطوي عليه شخصيته من تشوهات أخلاقية، حولت العمل السياسي عنده إلى وسيلة لتعويض النقص، لا للتسامي الإنساني. ولسنا هنا بصدد محاكمة النوايا، بل محاكمة السيرة التي تنضح بما يناقض خطابه العام: من لم يحترم المرأة في دوائر حياته الضيقة، لا يحق له أن يتاجر بها في ساحات الشعارات.
أما أنا، فشهادتي ليست مما أكتبه عن نفسي، بل مما يعرفه عني الناس: احترمت المرأة كزميلة، وكموظفة، وكزوجة، ولم أستغلها يومًا، بل وقفت معها في معركة تحريرها من ربقة الاسترقاق الاجتماعي والفكري والسياسي، التي كبّلتها بها أنظمة المرضى، من سلطات دينية مستبدة، إلى نخب حداثية مزيفة لا تقل عنها قمعًا.
إن أولى خطوات تحرير المرأة تبدأ بتحرير الوطن من قبضة النخب المركزية المريضة، التي جعلت من أزماتها النفسية أزمة وطن، ومن تشوهها الشخصي سُلطة عامة. هؤلاء لا يُعوّل عليهم في بناء المستقبل، لأنهم لا يزالون أسرى ماضيهم، يمارسون السياسة لا كفعل إصلاح، بل كعلاج باطل لجراحهم المفتوحة.
ختاماً، لقد سقط قناع الطهر الزائف، ولا مجال بعد اليوم لادّعاء النُبل على أنقاض الضحايا. من لم يحترم المرأة في الخفاء، لا يحق له أن يتغنى بها في العلن. ومن لم يتطهر من تناقضاته، فليصمت حين يتكلم الشرف.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.