بيان إنقلابي الأول
بهذا أعلن “انا” الواقف هنا، علي جمر ناري المقدسة الباطنية، ما يلي:
أني لست غافلا لأظن أن الأشياء لا زالت هي الأشياء، كما كانت غداة البين، قبل نحو عامين أو يزيد.
وأني “أنا” اليوم، لا أشياء أملكها، فتملكني، لتأسرني، وتغريني، فأغشاها، لأخشاكم.
المهم فإني أقود الآن بيني وبيني، محاولة إنقلاب داخلي، إنقلاب يعتقني من ربقة ذاتي، ومن تاريخي الشخصي، ومن عاداتي الخاصة، ومن صور الناس في مخيلتي، ومن صورتي لدي الناس.
فأنا أمارس في هذه اللحظة، سباحة حرة في مياهي الداخلية، أرتاض بها، أرمم نفسي، أصالحها علي علاتها.
رغم أن مصالحة الذات، أشق علي النفوس بطبيعة حالها، من مصالحة الآخرين.
ثم أقول: لكل من نصبوا من مناطق لا وعيهم المحتلة بأساطير وخرافات بالية، منصات تطلق غازات كريهة سامة، تحملها “مسيرات” كلامية، تصدر من قعر سحيق في عقولهم الخربة الباطنة.
أن يحذروا مغبة ما جري بين تفاؤل البدايات، وخيبات النهايات.
هذه النهايات التي أضحي بأثرها السودان وطنا لكينونة متحولة، وساحة لإعدامات معنوية هائلة، تقتل الناس دون حياء وبلا رأفة علي هوياتهم البدائية الغابرة.
ولمن شاء أيضا أقول: سجل فأنا “عربي شتات” جئت، متقلبا في الأرحام، أمشي أو يمشون بي في مناكب هذه الأرض، سعاة يسعون دأبهم هكذا الي الأبد، حطني سيل مغامر علي حين غرة، كجلمود صخر من عل الي هذا التراب.
وإلي ان صرت “جنجويديا” خالصا، رزيقيا وماهريا، “أبن ضيف” مجهول عابر، كما تهرفون بما لا تعرفون، أيها الأفاكون الآثمون، لا أبن أبي الذي أحمل سمته، وبين الناس إسمه.
المهم فإن قضيتم توا علي أنفسكم بالحق، قضيتم علي الظلم الذي بينا وبينكم، لكن هيهات، فمن يملك أن يقتل فيكم تلك الذاكرة المستفحلة الفاجرة؟.
علي أية حال، ليس ثمة مايجبرني الآن، علي أن أكون ودودا مع من يكرهوني، وقاسيا مع من يحبني، فتلك هي دونية المتعالي، وغطرسة الوضيع.
إرضاءا في النهاية للصوص، يعبدون ربهم، ليعبدهم شعبهم، كي يصبحوا ملوكا للأبد، ويظل أفراد شعبهم عبيدا لهم كذلك الي الأبد”.
فمن أكون أنا؟ والي أي شعب أنتمي، ولأي وطن؟.
إذ يحفر هكذا شاعر في مثل هذا العمق بسؤال يقول: “ما هو الوطن؟، ليس سؤالا تجيب عليه وتمضي، إنه حياتك وقضيتك معاً.
ما هو الوطن؟، هو الشوق إلى الموت،
من أجل أن تعيد الحق والأرض، ليس الوطن أرضا، ولكنه الأرض والحق معاً.
وإلي أن يقول: ليس وطني دائما على حق، ولكني لا أستطيع أن أمارس حقاً حقيقياً إلا في وطني”، الذي أنتظره بلا يأس تحت شجرة الميلاد.
لآم.. ألف:
وأقول “أنا” لأذكركم:
حين تتقلب الأمزجة،
تصبح غريبة هي الأطوار.
التقينا هكذا،
أنا، ووجهي الغريب،
وجها لوجه،
التقينا هنا،
لأسأل وجهي،
رد الله غربته:
كيف صرت وجها غريبا،
يا أخ الغربة؟،
تدل علي،
وعلي جثتي،
لتحملني الي حتفي؟
لاذ بالصمت وجهي
فلذت بالصمت
لكن هل بينكم
أيها الأشرار
من مجيب؟.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.