النفوذ الإيراني في السودان.. تعمق الصراع الداخلي تنذر بحرب إقليمية واسعة

تقرير- عين الحقيقة

في خطوات تصعيدية إسرائيلية تعكس عمق التوتر الإقليمي، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إيران بالضلوع في تسليح الحركات الإسلامية السودانية، التي تخوض غمار حرب أبريل منذ أبريل 2023، تحت غطاء القوات المسلحة، وأوضح نتنياهو أن الحرس الثوري الإيراني يقود عمليات دعم وتسليح سري لجماعات البراء الإسلامية المسلحة في السودان، تحت مظلة الجيش، موفراً لها أسلحة نوعية وكيميائية؛ بهدف تعزيز النفوذ الإيراني في منطقة البحر الأحمر، وتحويل السودان إلى قاعدة استراتيجية متقدمة لطهران في شرق إفريقيا، علاوة على تمكين حلفائه من الإسلاميين المناصرين للجيش لأجل العودة إلى السلطة تارة أخرى.

وبالإشارة لخلفية الأزمة السياسية في البلاد، اندلعت حرب ضروس في أبريل عام 2023 بين الجيش، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وسرعان ما تطور النزاع إلى معارك واسعة النطاق، امتدت من الخرطوم إلى إقليم دارفور والبحر الأحمر وأجزاء من الولايات الشمالية والشرقية، وسط اتهامات متبادلة بين الأطراف بارتكاب جرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة دولياً.

الحركة الإسلامية في السودان أعادت أنشطتها العسكرية بدعم إيراني لتعزيز قدرات الجيش القتالية في مواجهة قوات الدعم السريع، ما زاد من تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي..

وفي السياق، لا زالت قيادات الجيش في مساعي حثيثة بكل ما أوتيت من قوة عسكرية وتسليح؛ للحفاظ على بسط نفوذها بدعم من الحركات الإسلامية، التي أعادت أنشطتها العسكرية بدعم إيراني مؤخراً، كعامل حاسم في تعزيز قدرات الجيش القتالية في مواجهة قوات الدعم السريع، ما زاد من تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، لا سيما في الجانب المتصل بالإرهاب وتمويله من قبل إيران لحلفائها الإقليميين والدوليين من الجماعات الإسلامية في المنطقة.

ووفقاً لتقارير إعلامية اسرائيلية في الأشهر المنصرمة، لعب الحرس الثوري الإيراني دوراً محورياً في دعم كتائب الحركة الإسلامية السودانية المتحالفة مع الجيش بالأسلحة النوعية..وفي ضوء ذلك، ذكرت مصادر أمنية غربية أن طائرات شحن إيرانية من طراز “بوينغ 747″، تابعة لشركة “فارس إير قشم” المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، هبطت خلال الأشهر المنصرمة بمطار بورتسودان محملة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية الإلكترونية المتطورة..ومن بين الأسلحة التي نُقلت لبورتسودان: طائرات مسيرة من طراز “مهاجر” و”أبابيل”، وأنظمة اتصالات وتشويش متطورة عززت من قدرات الجيش في بعض المحاور القتالية ضد قوات الدعم السريع.

مصادر: بعض عمليات نقل هذه الأسلحة تمت بإشراف ضباط من الحرس الثوري الإيراني متواجدين بالعاصمة الإدارية المؤقتة ببورتسودان بشكل سري..

وبحسب مصادر عسكرية محلية، وُضعت هذه المعدات العسكرية في عدة قواعد عسكرية استراتيجية، من أبرزها: قاعدة وادي سيدنا العسكرية في أم درمان، وقاعدة فلمنغو البحرية على ساحل البحر الأحمر، بجانب الفرق العسكرية بولاية نهر النيل في عطبرة وشندي، وولاية شمال كردفان “الأبيض”.

إلى ذلك، كشفت ذات المصادر لصحيفة “عين الحقيقة” أن بعض عمليات نقل هذه الأسلحة تمت بإشراف ضباط من الحرس الثوري الإيراني متواجدين بالعاصمة الإدارية المؤقتة ببورتسودان بشكل سري، ما يعكس مدى تعمق النفوذ الإيراني في البنية العسكرية السودانية الحالية، المدعومة بالكتائب الإسلامية الجهادية المتطرفة.

ويرى خبراء عسكريون أن ما كشفته التقارير الاستخباراتية الأمريكية في الشهر الماضي، بشأن استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية التي وصلته من إيران بواسطة حلفائها الإسلاميين، تُعد الخطوة التصعيدية الأخطر من نوعها؛ وهو ما تمخضت عنها إعلان عقوبات أمريكية ضد الجيش ومناصريه من الكتائب الإسلامية، التي استخدمت أسلحة كيميائية محرمة دولياً في الخرطوم وإقليم دارفور، ويضيف الخبراء “أن إيران زودت كتائب البراء الإسلامية، التي تقاتل إلى جانب الجيش، بمواد كيميائية قاتلة جرى نشرها ميدانياً، خاصة غاز الكلور الكيميائي.

وفي سياق متصل، أكد مراقبون دوليون أن هذه التطورات دفعت الولايات المتحدة مؤخراً إلى فرض عقوبات على الجيش السوداني، إثر تأكيد التقارير الاستخباراتية حول استخدام أسلحة كيميائية ضد قوات الدعم السريع، معتبرين ذلك انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية.

بنيامين نتنياهو:  التغلغل الإيراني في السودان تهديداً مباشراً لأمن إسرائل القومي وللاستقرار الإقليمي..

وفي خضم الصراع الإسرائيلي ـ الإيراني، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تصريحات صحفية، أن إسرائيل تعتبر التغلغل الإيراني في السودان تهديداً مباشراً لأمنها القومي وللاستقرار الإقليمي بأسره، قائلاً: “إيران تحاول خلق قواعد أمامية للحرس الثوري في السودان؛ بهدف السيطرة على البحر الأحمر، ونقل أسلحة كيماوية ونووية تحت غطاء دعم الحركات الإسلامية، لكن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الخطر الداهم”، مؤكداً أن إسرائيل تقف بقوة ضد التنظيمات الإسلامية، التي وصفها بالأذرع الإيرانية، مشدداً على أن أمن البحر الأحمر تعتبر أولوية استراتيجية لتل أبيب.

وفي أوج هذا التصعيد الإسرائيلي-الإيراني، يعتقد خبراء أمنيون أن السودان قد يتحول إلى ساحة مواجهة إقليمية واسعة بالوكالة بين إيران وإسرائيل، مع احتمالات عالية بتدويل النزاع في حال استمرار تدفق الأسلحة النوعية والكيماوية، او في حال تأكد وصول أسلحة نووية إلى السودان؛ الأمر الذي سيشكل كسراً لقواعد الاشتباك التقليدية، ويهدد بانفجار حرب إقليمية تشمل البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

ويبقى السودان، في ظل التقاطعات الإقليمية والدولية، رهينة صراع دولي وإقليمي معقد ومتعدد المستويات، بين طموحات النفوذ الإيراني ومساعي إسرائيل لكبح هذا التمدد، وسط تدخلات دولية تعمق من الأزمة السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.