التنظيمات الدينية تتنفس من هواء الإحن والمحن والفتن ! وآن أوآن اجتثاثها !!

عبدالرازق كنديرة

الأنظمة الثيوقراطية فى منطقتنا هى سبب فى الوضع الحضارى المزرئ الذى نرزح فيه !
وأوربا والغرب لم يتطور إلا بعد أن ثار على الكهنوت وحطم النظام الإجتماعى
الذى أورثه تحالف القسيس والقيصر الذى أسس لنظام طبقى ، قام على تحالف النبلاء أو القياصرة والقساوسة ، فكانت ردة الفعل على نظام الكهنوت عنيفة بقدر قساوتهم واستغلالهم للناس باسم الرب و واحتكار الدين من قبل القساوسة حتى وصل بهم الأمر الى بيع صكوك الغفران للناس كما قاموا بمحاربة العلم والعلماء بحجة الدفاع عن الدين وهم فى الحقيقة إنما يدافعون عن امتياز حازوا عليه بالتوآطؤ مع القيصر ! مما أدى الى نشوب ثورات ، وثورات للإصلاح الدينى فى أوربا وامريكا بقيادة مارتن لوثر كنج، وفى غرب اوربا حتى راج إبان الثورة الفرنسية 1789 شعار (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس) خرج هذا الشعار الذي تبناه أشهر خطباء الثورة الفرنسية “ميرابو” ومن الذين تبنوه أيضاً فيلسوف عصر التنوير وأحد منظري الثورة الكبار “فولتير” بعد إصرار الثوار التخلص من رجال الكنيسة و”فلول” الملك ليصبح هذا الشعار أيقونة للثورة ،
وبعد أن تحرر الغرب من كهنة الكنيسة وديكتاتوريات القياصرة انفتحت أمامهم فرص النهضة وتفجرت المواهب فيما عرف بعصر النهضة الصناعية وانطلقوا فى سباق محموم نحو العلم والإكتشافات المذهلة التى تتمتع بها الإنسانية الآن ، ووضعوا نظم إدارية وسياسية حكيمة و خلاقة تناسب الإنسان العصرى وتصون كرامته وتحفزة على الإبداع والتطور ، حيث دولة المواطنة المتساوية التى تقف من جميع المواطنيين على مسافة واحدة وفيها فصل واضح للدين عن الدولة ، (الدين لله والوطن الجميع) ، وهو نفسه مبدأ من مبادئ دولة الرسول الكريم فى المدينة وكأنما محمد (صلعم ) قد دشن للنظام المدنى المتعدد وترك الباب مواربآ لتطويره فقد روى أن ( النبي صلى الله عليه وسلم: مر بقوم يلقحون النخل، فقال لهم: “لو لم تفعلوا لصلح”، أي لو لم تلقحوه لكان أفضل. فتركوا التلقيح، فجاء النخل رديئًا، فقال لهم: “ما لنخلكم؟” قالوا: “قلت كذا وكذا”، أي أنت قلت لو لم تفعلوا لصلح. فقال لهم: “أنتم أعلم بأمور دنياكم”.

و ما جرى بعد وفاة الرسول (صلعم) والخلفاء الراشدين هى انظمة أسرية ، عشائرية استغلت الدين كغطاء للشرعية وعملت على تأليف معظم ما ورثناه من أحاديث ووضعت ما يسمى بالمذاهب الأربعة ونتيجة للصراع على السلطة انقسم المسلمون الى سنة وشيعة على خلفية الصراع ما بين على بن ابى طالب ومعاوية بن ابى سفيان وهذا التقسيم ليس له أى اساس فى القرءآن الكريم ولو أن هنالك مذاهب فى الإسلام لأشار اليها القرءآن ، فالأمر يرجع الى اختلاف وجهات النظر حسب قراءة كل من اصحاب المذاهب للنص القرءآنى ،فالتفكير فى الشأن الدينى أمر مشاع لكل مسلم ومسلمة وعليه يقوم الإيمان ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)ولا يكون ذلك إلا بإعمال العقل فكرآ واجتهادآ ، ولم يكن أمر الدين حكرآ على ما يسمون أنفسهم بعلماء الدين ، لا رهبانية فى الإسلام أو كما قال ،ولكنهم علماء السلطان !
ومثلما توآطئت الكنيسة مع القيصر ، تواطأ رجال الدين والطاغية منذ الممالك العشائرية فى دولة بنى أمية و الدولة العباسية وصولآ الى التوظيف الأشمل للدين فى الإمبراطورية الشعوبية العثمانية التى اقعدت الأمة الإسلامية حضاريآ أكثر من ستة قرون واستغلت الدين أسوأ استغلال ولم تقدم للعالم والدول الإسلامية التى سيطرت عليها بإسم الخلافة العثمانية المدعاة سوى الخوازيق والجبايات المتعسفة ! ونتيجة لذلك قامت ضدها الثورات فى الشرق الأوسط ثورة الحسين فى نجد والثورة المهدية فى السودان وفى دول البلقان بعد هزيمتها من الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى عندما اختارت الوقوف الى جانب ألمانيا واجبرت على توقيع اتفاقية سلام أو هدنة مع المملكة المتحدة أدت لاحقآ الى تقاسم الحلفاء منطقة نفوذها فيما بينهم !
ثم فى 1922م تفككت الإمبراطورية العثمانية وأعلن رسميآ عن إلغاء الخلافة فى 1924م وقامت الجمهورية التركية بقيادة أتاتورك على انقاضها ووضع الأسس لتركية الحديثة !

على أى حال كل الأنظمة والتنظيمات التى قامت على أساس الدين فشلت فشلآ ذريعآ، وعلى ذات المنوال فإن تنظيم الإخوان المسلمين الذى أسسه حسن البنا كردة فعل لإنهيار الإمبراطورية العثمانية فإنه قد فشل فى كل التجارب التى تم اختباره فيها فى غزة وافغانستان والسودان فضلآ عن تفريخه للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وهو تنظيم بطبيعة الحال يستمد مشروعيته من خطاب الكراهية الدينية والشعوبية والعداء للغرب ويتنفس من هواء الإحن والمحن والفتن !
وإن لم يجد من يعاديه اختلق عدوآ من الشعب !
ومثل هذه الآيدولوجيات قد فقدت صلاحيتها واختبرتها شعوبنا ودفعت ثمن تأييدها لها أو سكوتها وركونها لها بالدم والدموع
وقد آن أوآن تشييعها الى مزبلة التاريخ ، وعلى القوى الحية والمستنيرة التحرك ومؤآزرة الأغلبية الصامتة التى أنطقها الوجع للتشبيك مع العالم الحر الذى بدأ فى محاربة واجتثاث الإرهاب فى معاقله !!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.