ظلام ومرض وانفلات أمني .. عائدون للخرطوم يروون قصصا مروعة

الخرطوم - عين الحقيقة

بعد أكثر من عامين قضاها في إحدى مناطق النزوح بشرق السودان، قرر محمود إبراهيم العودة مع أسرته إلى منزله في الخرطوم، الذي اضطر لمغادرته بعد أسبوع من اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.

غير أن العودة جاءت صادمة، بالنسبة لإبراهيم إذ وجد العاصمة في حال كارثي، في ظل انعدام شبه كامل لخدمات المياه والكهرباء، وتراكم كثيف للنفايات، وحطام المباني التي تعرضت لدمار كبير، إضافة إلى الفوضى الأمنية في الشوارع والخراب التام للأسواق، مما جعل أحياء العاصمة، التي كانت تعجّ يوما بالحياة، تبدو وكأنها بيوت أشباح يصعب العيش فيها تماما.

وفي الواقع، لا يزال حلم العودة إلى الخرطوم، التي هجَرها أكثر من 8 ملايين من سكانها البالغ عددهم نحو 8 ملايين نسمة، حلما بعيد المنال في ظل انعدام أساسيات الحياة من أمن وصحة وخدمات وغذاء وتعليم، وسط توقعات بكارثة بيئية كبرى جراء الدمار الشامل الذي طال شبكات الصرف الصحي، وتراكم النفايات، وانتشار الأمراض المرتبطة بالتلوث البيئي.

 

قدّر خبراء تكلفة إعادة إعمار ما دمرته الحرب في العاصمة الخرطوم بنحو 300 مليار دولار.

وتحوّلت معظم مناطق المدينة المدمَّرة إلى مناطق غير صالحة للحياة، حيث تعرّض أكثر من 60 بالمئة من المناطق السكنية ومنشآت البنية التحتية والمباني الرئيسية لدمار كلي أو جزئي، كما طال الدمار أكثر من 4 جسور، و200 مبنى عام وتاريخي، ومئات الآلاف من المنازل، نتيجة القصف الجوي الكثيف.

● مشاهد كارثية

بدت العودة، بالنسبة لإبراهيم، أشبه بإلقاء النفس في مكان مهجور، ويقول لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لم تعد الخرطوم مدينة صالحة للحياة. كل شيء فيها أصبح غريبا، حتى الشوارع لا تجد فيها حياة، وكل ما تراه مجموعة من الصبية المسلحين الجالسين على أطراف الطرقات يمارسون كل أنواع الانتهاكات على المارة”.

ويضيف: “الأمن أصبح معضلة كبيرة داخل العاصمة، في ظل انتشار عدد كبير من المجموعات المسلحة التي يصعب التعرف على هويتها، وسط توتر أمني كبير يحيط بكل مكان، ويمكن أن يعرض حياتك للخطر في أي لحظة”.

مواطن: الحملات الإعلامية التي تدعو الناس للعودة إلى الخرطوم، دعوات “كاذبة” تخفي وراءها أجندات لا تعني السكان الباحثين عن الأمن والغذاء والدواء

ويصف إبراهيم أوضاع القلة القليلة التي تعيش في العاصمة بـ”المأساوية”، ويقول: “تسير أحيانا مسافة كيلومتر كامل دون أن تقابل أي شخص في الشارع، وحتى إن قابلت أحدهم، فستلاحظ عليه فوراً الإرهاق والتعب وضعف البنية الجسمانية”.

وانتقد إبراهيم الحملات الإعلامية التي تدعو الناس للعودة إلى الخرطوم، واعتبرها دعوات “كاذبة” تخفي وراءها أجندات لا تعني السكان الباحثين عن الأمن والغذاء والدواء، وهي جميعها مقومات تفتقر إليها الخرطوم حالياً، حسب تعبيره.

ومثل إبراهيم، يعكس محمد خير، العائد إلى منطقة بحري شمال الخرطوم، أوضاعا مأساوية أيضا، مشيرا إلى امتلاء الشوارع بالسيارات المحروقة وأعمدة الكهرباء المتساقطة، ويقول: “في ظل انقطاع الكهرباء، وارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الناموس والذباب، يصبح الحصول على ساعة نوم واحدة كأنه حلم بعيد المنال”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.