اليوم تتحمل قوات الدعم السريع فاتورة اقتلاع نظام الكيزان من جذوره، لكنها ليست فاتورة مالية تدفع من حساب في بنك بل هي فاتورة تسدد بالدم بالسمعة وبالوجع، الجندي في الميدان يدفعها بجسده، والمواطن البسيط يدفعها من روحه وجيبه وحياته أحيانا، الكيزان لم يختفوا بل لا يزالون يحركون خيوط اللعبة من وراء الستار حملات التشويه ضد أي صوت ينادي بالتغيير لا يتوقف القتل، الاعتقال والاختفاء القسري تتم تحت غطاء “القانون” أو بأساليب خارجة عن أي قانون أصبح الشك في شكل الإنسان سببا كافيا لتغييبه فقط لأنهم لا يريدون سماع صوت مختلف، أما المواطن فهو يدفع ثمن هذه المعركة على ثلاث جبهات النهب، الفقر والانتهاكات المستمرة القصف لا يهدأ والمساعدات شحيحة والبلد تحترق من فوق بينما الجوع ينهشها من الداخل.
كلما ظهرت مبادرة للسلام خرج الدعم السريع وقال نحن مستعدون، لكن قادة الجيش الكيزاني يردون بجمود لا تفاوض لا سلام لا شفقة وكأن الحرب أصبحت لهم متعة، لا يريدون لها نهاية الإعلام المأجور يطبل والمغيبون يختبئون خلف شعارات فارغة مثل “الجيش حامي العرض والمال” لكن الحقيقة أن العرض انتهك والمال اختفى والبلد تنهب كل يوم.
وأنت أيها المواطن البسيط الذي تطبل دون أن تسأل نفسك من المستفيد تذكر الجيش لا يراك إلا حين يطلق عليك النار أو يتركك تموت جوعا دون أن يهتم، أما الكوليرا فلا تخف فهي تعرف من تقتل لا تدخل القصور بل تسكن في البيوت الطينية تشرب من الأزيار الملوثة وتستقل الحافلات المزدحمة، الكوليرا لا تتحرك وحدها القاتل الحقيقي هو الإهمال الرسمي والنظام الصحي المنهار والمستشفيات التي تنبعث منها رائحة الموت أكثر من رائحة الدواء. الممرض والطبيب يعملون بأجور لا تكفي لشراء وجبة طعام بينما الدولة تتعامل مع الوباء وكأنه صفقة تجارية لا كارثة إنسانية. ومع ذلك لا يزال هناك أمل، ثمة ثورة حقيقية تبنى وسط هذا الركام مشروع يقوده محمد حمدان دقلو يتحدى منظومة الفساد ويريد أن يعيد بناء الدولة على أسس جديدة من العدالة والمساواة نعم التغيير مكلف لكن الاستمرار في الفشل أكثر كلفة السلام لا يأتي من القصور بل يصنع في الخنادق
كُتب تحت زخات المطر في جوبا الوريفة
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.