هل إبتلعت كتيبة البراء بن مالك الجيش السوداني؟
✍️ كتب – سليمان مسار
على مدار السنين الماضية كان السودان عبارة عن مأوى للجماعات الإسلامية الارهابية المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش وجماعات بوكو حرام، والتى ما زالت تتمظهر عبر واجهات وأسماء مختلفة حتى تحكم سيطرتها على حكم البلاد لأطول فترة ممكنة لتقوم بعملها المخطط في زعزعة الأمن في منطقة شرق ووسط افريقيا.
وعندما قامت ثورة ديسمبر وأطاحت بنظام البشير، كانت تلك النهاية لحقبة حكم جماعة الإسلام السياسى التى أذاقت الشعب السوداني الأمرين وأدخلته في عقوبات وعزلة دولية دفع ثمنها الشعب السوداني، وجاء إسقاط نظام المؤتمر الوطنى عبر مقاومة شعبية تمثلت فى ثورة ديسمبر وثورات الهامش المتراكمة.
لكن جماعة الهوس الديني هذه لم تستسلم بعد فقدانها السلطة وإمتيازاتها، فعملوا على إستقلال تلك الإضطرابات التى صاحبت حكومة الفترة الإنتقالية، من أجل العودة إلى المشهد السياسي بذريعة دعمهم للجيش، وكذلك انحيازمهم له في صراعه ضد قوات الدعم السريع، ومنذ نشوب حرب 15 ابريل أعلنت كتيبة البراء بن مالك مساندتها ووقوفها مع الجيش خلال حرب كرامته المزعومة تلك، ولكن سمة سؤال يطرح نفسه ماهى كتيبة البراء بن مالك وكيف كان تشكيلها وما الدور المناط بها فى الحرب الدائرة الآن؟
ويبدو واضحاً أن أفراد هذه الجماعة أو ما يعرف بكتيبة البراء كانوا محسوبين ضمن كتائب الظل التي أشار اليها نائب الرئيس المخلوع البشير علي عثمان محمد طه في وقت سابق، قبل أن تتكشف حقيقتها وتظهر على العلن فيما عرف بالزحف الأخضر الذي تبناه مايعرف بالتيار الاسلامي العريض فوضعوا المتاريس أمام حكومة الفترة الانتقالية، حتي اسقطت عبر سلسلة من المؤامرات بدأت بالزحف الاخضر واغلاق ميناء بورتسودان واعتصام القصر (الموز) وحتي محطة انقلاب 15 – أبريل.
أما عن تكوين هذه الكتيبة فقد أنشأت منذ تسعينيات القرن الماضي عبر مايسمى بالجهاد فى جنوب السودان، وبعد إنفصال الجنوب قام النظام الحاكم (المؤتمر الوطني) بتمكينها وتسكينها داخل مؤسسات ومفاصل الدولة حتى يعمل على إستغلاله لها وقت حوجته، ومن خلال هذه الحرب إتضح جليا كيف عمد المؤتمر الوطني إلى تفعيل أفراد هذه الجماعة وعمل على تسليحها وتجهيزها بأفضل انواع الأسلحة، ووجه جميع أعضاءه بقياده الجيش على التحالف والقاتل جنبا إلى جنب معها.
وفي بداية الحرب كان لايوجد دور ملموس يذكر لهذه الكتيبة على مستوى العمليات العسكرية سوى الجيش، وبعد انتهاء السنة الأولى من الحرب أى بعد أن كسرت فوات الدعم السريع شوكة قوة مشاه الجيش، عندها ظهرت واجهات وقيادات كتيبة البراء بن مالك وتبنت المشهد السياسي عبر الإعلام، وكذلك المشهد العسكرى، لذلك تفوقت على الجيش وعملت على إزاحته من جميع المشاهد، ولم تتوارى فى إخفاء شعاراتها الإرهابية والداعشية، وذلك خلال بقرها البطون وجزها للرؤوس، وبظهورها الفج هذا تقلص دور الجيش على كل المستويات سواء كانت عسكرية أو سياسية.
ومن هذا المنطلق لاح سؤال فى الأفق وهو هل إبتلعت كتيبة البراء بن مالك الجيش السوداني بكل قوته العسكرية عبر كل هذه الحقب؟ الإجابة على ذلك بلا شك نعم نسبة للتمدد العسكري والسياسي لهذه الكتيبة، وقد صرح قائدها عبر كل المنابر الإعلامية بأن الجيش قد هزم منذ الشهور الأولى للحروب وان القوات التى مازلت تقاتل هى فقط قوات كتيبة البراء بن مالك.
لذا يرى البعض بالفعل أن هذه الكتيبة قد إبتلعت الجيش على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية، وتحديدا الميدان العسكرى ولم يعد له وجود يذكر سوى رمزية بزته العسكرية، وهنا يبرز التحدي الأكبر الذي يواجه العالم الحر هو تحجيم دور هذه المجموعات الإرهابية حتي لا تعيد سيناريو أسامة بن لادن وتفجير سفارتي كينيا ودار السلام وتفجير المدمرة الأمريكية كول وتدخل السودان في نفق يصعب الخروج منه.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.