شَقَاقُ حَرَكَةِ مَنَاوِي بَيْنَ لُعْبَةِ التَضْلِيلِ وَالْمَكْرِ السِيَاسِي

خالد عبيد

قَبْلَ الْقَفْزِ إِلَى نَتَائِجٍ يَقِينِيَةٍ صَمَدِيَةٍ بشأن الشقاق الذي اجتاح حركة مناوي في السابع من اغسطس/ آبِ 2025 ينبغي الأخذ في الاعتبار بحقيقتين جوهريتين فوق سائر الحقائق الْأُخْرَى ربما تسهمان في شرح بعض الغموض الذي يَكْتَنِفُ توقيت ومآلات الشقاق وَمِنْ ثَمَّ نُحَاوِلُ أَنْ نُمِيطَ اللِّثَامَ عن الشرخ والصدع الذي ضرب جدار حركة مناوي الْآيِلِ للسقوط سَلَفًا.

مِنْ غَيْرِ الْمَظْنُونِ أَيُّ مِنَ الْيَقِينِيَّاتِ وَالثَّابِتِ عن دَوِيلَةِ ٥٦ وَعَلَى مَرِّ تاريخها الْمَلِيءِ بِالْمَخَازِي وكحيلة نَاجِعة من حيلها الْأَثِيرَةِ، هِيَ زرع الفتنة وَالشِّقَاقِ وَضَرْبُ الْأَسَافِينَ بَين خصومها السِّيَاسِيِّينَ وَالْعَسْكَرِيِّينَ علي حد سَوَاءٍ وفي سبيل ذلك تَدْفع الْغالي والنفيس وَلا تَأْلُو جُهْدًا فِي صَبِّ الزيت على النار التي أُضْرِمَتْ وَدَفَعَتْ مَالًا لبدا من عرْقِ ثَروات الْهَامِشِ المنهوبه عبر غرف تجاريه من حواضنها التي اسْتَذْرَعَتْهَا في كل اقاليم السودان لِتَطْمَئِنَّ ان الفتنة واقعة لَا مَحَالَةَ فَما ان استشعرت بِأَنَّ ثَمَّةَ معارض طموح أَوْ عَنِيدٍ يَلُوحُ نجمة فِي الافق حَتَّى يَجِنَّ جنونها وَلا يَهْدَأُ لها بَالٌ حتى تَسْتَبِدَّ عَلَيْهِ بِذِهْنِيَّتِهَا الِاسْتِبْدَادِيَّةِ ومن بَعْدٍ تَهْرَع إِلَى احْتِوَاءِهِ بِتَمَلُّق ماكر وَخُبْثٍ شَرِيرٍ ومن ثم تَدْلُف خلسة إِلَى مَخْدَعِهَا الخاص فتخرج من تَحْتِ الْمِرْتَبَةِ قَارُورَتَهَا ذات الوصفة السحرية فَتَدْلُقُ منها مَاءَ الشقاق وَالتَّشَظِي وَتَنْثُرُهُ بين خصومها فَتَرُدِيهِمْ مُنْشَطِرِينَ في تَشَظٍ أَمِيبِي وتفرقهم أَيْدِي سَبَأٍ اذا اضعاف الخصوم هُوَ فِقْهُ دَوِيلَةِ ٥٦ الانجيلي وهذه حقيقة أُولَى مَاثِلَةٌ.

الْحَقِيقَةُ الثَّانِيَةُ أن حركات الِارْتِزَاقِ ذات طابع عَشَائِرِي تومن بِلَعِبَةِ تقسيم الادوار وفي هذا تَعُدُّ الحركات (فَالِحَةً )وهي تطبق ما تعلمته بِالتَّلْقِينِ من طبيعة دَوِيلَةِ ٥٦ اللُّعُوبِ إِذْ يلتقي فيها الشُّيُوعِيُّ مع الْإِسْلَامَوِيِّ ويتآمران بذريعة أُصْرَةِ الدم أَوِ المناطقية وقد يُقَاتِلَانِ في خندق واحد بِحُجَّةِ أن الْعَدُوَّ مُهَدِّدٌ قوي للسلطه والثروة الموروثة من قبل المستعمر أَمَّا الْمَعْضِلَةُ الجوهرية مع مناوي إِذَا استثنينا انتهازيته الْبَائِنَةَ هي عمالته الصامتة للمؤتمر الوطني منذ اتفاق جوبا وَتَوَرُّطُهُ مع اسياسي افورقي، وكثيرون يعلمون بان الطَّاقِمَ الطبي لحركات الكفاح المسلح إبَانَ اندلاع حرب دارفور 2003 كان معظمه من الْإِرِتْرِيِّينَ وان العتاد العسكري الذي تقاتل به حركات الكفاح المسلح نصفه أَوْ يَزِيدُ قَلِيلًا كان ومازال مصري الصُّنْعِ والإمداد.
ارْتِهَانُ مناوي لِسُلْطَةِ الاسلاميين وعمالته لِلْمُخَابَرَاتِ المصريه وَالْإِرِتْرِيَّةِ تَجْعَلُ منها شخصا مُتَقَلِّبَ المزاج والهوى وغير مَوْثُوقٍ بِهِ.

مِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّ الْمَجْمُوعَةَ التي انْشَقَّتْ عن حركة مناوي على علم تام بكل هذه الحقائق فالسؤال الجوهري وَالْمُلِحَاحُ لماذا انشقت هذه المجموعة ولماذا الان ؟ كيف تَعَايَشَتْ كل هذا الوقت مع مَا اسمته بِعَبَثِيَّةِ الحرب ؟ ولماذا صمتت عن الانحراف عن مسار الحياد بِالْقَرَار الفردي مُنْذُ اتخاذ القرار عينه ؟؟

عَشِيَّةَ انسحاب قوات الدعم السريع / جيش تَأْسِيسٍ من ولاية الجزيرة والخرطوم واعادة تموضعها ومع بَدْءِ تشكيل سلطات بورتسودان الْحَرْبَاوِيَّةِ ثَمَّةَ قلق كامن بَدَأَ يساور دَوِيلَةَ ٥٦ ويُغِضُّ مَضَاجعها، مبعثه الطموح السياسي والعسكري المعلن من قبل الحركات المسلحه ويمثل هذا القلق نَذِير خطر على حياة دَوِيلَةِ ٥٦ وبمثابة دعوة لتفكيك الحركات من الداخل وإضعافها سياسيا وَعَسْكَرِيًّا وَاقْتِصَادِيًّا.

صحيح قد يدرك المتابع للمشهد السياسي بلا كثير عناء حجم التغلغل الاستخباراتي داخل جماعة مناوي بغرض تفكيكها ، فهل هذه المجموعةالمنشقه محصنه من اي اختراق ( بالطبع لا ) ، في تقديري هذه المجموعة vulnerable ومعرضه لكل انواع الاختراق الاستخباراتي محليا واقليميا فضلا عن أننا لا نعلم الكثير عن ثقلها السياسي والعسكري بالتالي يضحي من الصعوبه بمكان ان ننفي بصوره جازمه ما إذا كانت هذه الجماعات المعارضة قد صممت لتكون حصان طروادة آخر لتفتيت (تاسيس )من الداخل لا سيما إذا استصحبنا التوقيت والتزامن مع إعلان الحكومة بشكلها الفاعل قريبا.

ثمة سوال ينبغي ان يجيب عليه من يستحسن فكرة الانشقاق ولا يري مندوحة من انضمام المجموعة المنشقة الي مشروع الوطن الجامع ( تاسيس ) مالذي يجلبه هولاء المنشقين الي طربيزة تاسيس ؟؟خصوصا مع تصاعد المخاوف بانتقال عدوي الانقسامات الي تاسيس من جراء احتضان جماعات انتهازية وغير مبدئيه.

ويري عدد من المحللين السياسيين ان المخاوف تزداد يوم بعد يوم اذا تفهمنا الحقيقه التي لا مراء فيها ان ديدن دويلة ٥٦ هو تكوين عدد لا حصري من إلاحزاب السياسة المعارضة ظاهريا وموالية باطنا و في واقع الأمر تصنع هذه المعارضات الشائه لتلعب دورا مهم لصالحها ،حيث تقوم بتشتيت الكتلة المعارضة الصلبة كما تعمل علي جمع معلومات وتوصلها للاجهزة الأمنية لدويلة ٥٦ .

واذا رصدنا تاريخ مناوي السياسي نجد ان جينا اميبيا انشطاريا حقن في أوردته بواسطة الاجهزه الامنيه الاسلامويه بمساعدة المخابرات المصريه والارتريه منذ اتفاقية أبوجا ومرورا بمؤتمر حسكنيته الذي نجا منه المناضل عبد الواحد محمد نور بمقدار ما ينفث في رئتيه حياة جديدة وتتنزل عليه فيوض الحكمه الراسخة في دروب المعارضه السياسية الوعره لينتقي منها ما يلائمه كاختيار (الرفيق )قبل (الطريق ) تحسباً.
خالد عبيد
لندن

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.