المجد للبندقية وليس الخدمة المدنية
✍️ د.موسى الأمين حمودة
القيادي بتحالف السودان التأسيسي
كتب وعلق الكثيرين عن حديث البرهان حول تندره بالثورة وطقوسها وأدبياتها (المجد للساتك) والمتاريس، الاسلوب الذي كان يتبعه الثوار ولجان المقاومة، سيما في ثورة ديسمبر عند مواجهة العسكر وكتائب الحركة الاسلامية بحرق اللساتك في الازقة والشوارع كنوع من الرفض لبطش العسكر وعسكرة مؤسسات الدولة.
ولكن يجب أن نربط حديث البرهان ودلالات ذلك في المناسبة التي ظهرا فيها مرتدياً بزته العسكرية وفي مؤتمر للخدمة المدنية في مدينة بورتسودان، وكأن البرهان اراد ان يلقمهم (المؤتمرين) حجرا والسخرية بهم وبمخرجات مؤتمرهم المدني المحض والافتراء عليهم وبهُدى ثورة ديسمبر وأدبياتها مذكرهم بأن المجد للبندقية وليس الخدمة المدنية.
لم تكن المتاريس وحرق اللساتك سلاحاً نارياً موجها ضد الدولة أو لاعداد الانقلابات العسكرية، وانما هو اسلوب مدني ديمقراطي لنيل الحقوق ورفضاً للسياسات الدكتاتورية التي يمارسها العسكر في مواجهة القوى المدنية التي تسعى للديمقراطية والعلمانية ودولة المؤسسات، وقد وحظي هذا التوجه الراقي والمطالبة السلمية العفوية،باحترام واعتراف بلدان متقدمة في أروربا واسيا.
مؤتمر الخدمة المدنية التابع لسلطة بورتسودان بدأت فعالياته في الفترة من ٢٨-٢٩ ابريل الحالي بمدينة بورتسودان بهدف وضع خطة شاملة لتقويم وتحسين الأداء بالخدمة المدنية ورفع كفاءة العاملين بالدولة والنهوض بالخدمة المدنية وبحث قولنين العمل.
يحاول جيش سلطة بورتسودان وسدنتهم من المدنيين وحركات الارتزاق التقلقل في مفاصل الدولة وبالذات الخدمة المدنية على حساب الكفاءة والمهنية وتجيير مؤسسات الدولة المنقولة الى بورتسودان لخداع العالم بان البلاد تعافت من الحرب وما عادت قوات الدعم السريع موجودة في المشهد. واذا رجعنا لحديث سابق لياسر العطاء قبل عام قال ان الجنجويد لا زالوا موجودن في الدولة وأشار الى النيابة العامة وبنك السودان، ولذا هذا المؤتمر اراد به ان يفصلوا الناس بناءا على انتماءاتهم الجغرافية او الاثنية وليس الكفاءة والمهنية.
وفي كلمته أمام الحاضرين (كلهم مدنيين)طالب البرهان بمراجعة الوظائف وتفعيل القوانين واللوائح والعمل على منع الاضرار بممتلكات الدولة. البرهان اراد ان يعسكر الخدمة المدنية بهذا التصريح وتحويل المؤسسات للتكسب والتحشيد والمحسوبية وان يتم التوظيف أو التعيين عبر بوابة الجيش والعسكر.
وتلخيصاً لكل هذه المحاولات البائسة واليائسة من سلطة بورتسودان والعجلة في تغيير القوانين ومراجعة الوظائف،انما ذلك يأتي في اطار التضييق على المدنيين والسياسيين مقابل السماح للعسكر بالتوغل في مفاصل الخدمة المدنية. أراد منظمي المؤتمر ان يفصلوا كل من يعارض الحرب ويدعو للسلام، ارادوا ان يعسكروا الخدمة المدنية واجبار العاملين على المشيء في طريق الحرب والتحشيد والاستقطاب لها.
ولربما سيعود بنا التأريخ الى أسوا حقبة في حكم ثورة الانقاذ والحركة الاسلاموية في التسعينات، عندما عسكروا الخدمة المدنية وجاءوا بقوانين الإصلاح الشامل او الصالح العام، فصلوا الالاف من العاملين الأكفاء في الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة ، وقاموا بتمكين الاخوان المسلمين (شهادة جهاد)في مفاصل الدولة والمؤسسات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية زهاء الثلاثين عام حتى قيام ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بهم والآن يحاولون العودة للسلطة بمساندة جيشهم ودول إقليميّة تعتبر ان الجيش حليف استراتيجي تعمل على شرعنته دبلوماسياً وتزويده بالسلاح والمال حتى ان هُزم وظل موجوداً فقط في مدينة بورتسودان.
_(الحل يكمن في دعم والاعتراف بتحالف السودان التأسيسي الوعاء الجامع لكل السودانين)_
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.